بسمة الشوالي

تريد هذه المقالة أن تقف عند قصّة: «ترنيمة وجع» التي ضمّتها المجموعة القصصيّة: «قناديل المطر» التي أصدرتها الكاتبة التونسيّة بسمة الشوّالي عن الدار التونسيّة للكتاب 2013 ، والتي يشي عنوان قصّتها بدلالة تحيل إلى وجع ظاهر، فالترنيمة في اللغة: من الرَّنيم والترنيم: تطريب الصوت، والترنّم التطريب،...
"أناهيد"، هي أقصوصة لعبة الوجوه: تلك الممثِّلة للنّسخة المزوّرة، أو تلك الدّالّة على الأصل السليم ( لم يكن سليما في الحقيقة بل كان مصابا برائحة الماضي العطنة).. تشي النّسخة المزوّرة بما لا يعكسه الأصلُ السّليم.. من هنا ينشأ التّناقض و تنهض المفارقة فيبدأ الوعيُ في التمزّق.. ما بين وجه قديم...
تبسّم النّهار خجلا لمّا فاجأته الشّمس ممدّدا في حجر اللّيل يغمغم حُلما. نسائم تتلوّى من حرّ في الفضاء. المدينة تنهض من نومها على صفير القطار كسلى منتفخة الجفون ومنبّهات السّيّارات تنوب عن أصحابها في إضرام العراك الصّباحيّ بعد نَوْم أرِق. تضوّعت ذاكرة المنزل، في غفلة من دلاء الماء وشراسة...
“ اِلْمِتْغَطّي بالَّيَّامْ عِرْيانْ”(1) تأنّقت على كعب الزّهو الفضّيّ عبّادة شمس هيَف قدّها في انحناءات الهبوب، واكتملت بدرا بالنّضوج. شده خيري في محاسنها تتحرّش به من تحت ثوب الزّمرّد الشّفيف كشمس تغازل الكون من وراء حجاب. ماء عينه رغت فيه الشّهوة فاعتكر، ولونه عند ظلال القسمات اكفهرّ. تثنّت...
من أيّة نكسة وعبد الله رجِلا يمشي المسافات الوجيعة فلا يصل ولا يقطع..؟ كم سنة تجتاف تخلّفت إثره حتى هذا القلبِ المقبرةِ الأخيرة..؟ قطع السّير الهزيل. كرّت عليه كلاب تداعت على دمه الغريب. فرقع سلك الحديد من خلفه يبطش فيها ففرّت إلى جوانب الأمن تتحيّن نهزات الانقضاض. وضع إلى قدمه كيسا يخش خش...
ضربت مطارق صقيلة على جُنُوب الجلد المشدود. تقلّعت الأقدام من مَغاوِصِ الثّلوج وتيمّمت موضع الطّبول. غاضت السّماء ثلجها بعد هطول أيّام عصيبة ورَقَت مدارج الصّفاء اللاّفح تُفْسِح للشّمس في نزهة مشتهاة، وتشهَد الجرّافاتِ وهي تقشّر الدّروب المغطّاة وتُهَوِّئ الحياة الجاثمة تحت الأسْقُف المثلجة...
سار خلف الدّابّة مُكِبّ الوجه على أرض تتأرجح بين المرتفعات ، وشِقْف التّراب المُعنّى يُبْسا يتطاير رذاذا عنيفا يشجّ العرق المنسكب من جبينه. أمامه، وعلى مسافة ذيل غضوب، كان البغل يرفس الأرض الجافّة ويطوي الأثلام طيّا يوجع سنابكه، ومحراث بينهما دفن رأسه الفضّيّ يبحث في الجوف المتّقد عن أمل سقط من...
-1- – سالمة هلاّ أرحت هذا الجسد يكاد فخّاره يشّقّف من نصب الحركة الشَّرُود فتهْوَيْن كِسَرا لا تلتئم..؟ أقلّي عليك هذا الشّقاء ولو راحة قصيرة. حدجت سالمة الجالسات نظرة وَقَدا أوقعت فيهنّ وفي أختِها خيفة نُكْرا. كانت تسند المكنسة إلى الجدار، وتهمّ ترشّ السّاحة ماء مترعا بمحلول “الجافال”...
أقبل. الخطى مستقيمة، قصيرة، سريعة، تخفخف على صفحة المعبّد المجدور. طرفا البنطال القصير يصطفقان فوق كاحليه على رقصة المشي الهرْوَلة، وإلى ما بعد المرفق بثنيّات باهتة اللّون يتعالى كُمّ السّترة، وتنكمش قماشته عند منعطف يد دأبت ترفع على سارية السّاعد جريدة مطويّة لا تُستبدل حتى ينتشها القِدم...
يأتي اللّيل، كلّ ليلة، حاملا حزمة من حطب الوهم يلقي بها في مدفأة بركن من النّفس ليدفئ عري روحي، يسند ظلّه الأهيف إلى شجر الحديقة المنزليّة، ويدخل عليّ فيجدني، كما تركني البارحة، غيمة لم يكتمل نضجها باغتتها ريح جفول فانسكبت حيث لا تدري، وضيّعت شكل الغيم إلى الأبد. يرمّم اللّيل شكلي، يُكَنِّس...
- عِسْ عْلَى رُوحِكْ*. ينضبط. مدى الجسم المشدود سهماً مبرياً إلى قوس الطاعة يُنشّط الدّماغ سيّالاته العصبيّة، يشدّ النّخاع حبال صواريه، يكثّف العضلُ ماءه، يحشد العظم معادنه فتغدو الروح أوسع من حدودها اللّحمية، خزّاناً من طاقة حيوية مضغوطاً معتملاً معزولاً عن محيطه مشدوداً في آن إليه، مبذول زرّ...
تركت غيابها يفاجئ نشرة الأخبار الصّباحيّة تُذيعها الأبواب المشرعة على الأبواب أسرارا وجه أسرار، وأفْجرت تخرج من مسكن ضيّق بنهج ضيّق من حيّ مكتظّ . كانت على بساطة مترفة الأناقة ، وقوام حسن يميس في بنطال وسترة ناعميْ الزّرقة ، يباهيان سماء عينيها الرّائقة بدقّة التّفاصيل المنحوتة على مدى الجسد...
اِتّخذتُ مكاني المعهود من قارعة الانتظار ومقعد الصّبر المتهالك يتخلخل تحتي وأمواج البحر تتضرّم كأشواقي. كان موعد تلاقينا الخامسة تماما من مساء الرّابع من ماي سنة أربع وألفيْن . ثلاث سنوات مرّت على افتراقنا. أحسب أنّي لو رأيته الآن لظننت أنّي لم أغادره إلاّ غيبة وعي قصيرة وأنّي بَعْدُ إلى جانبه...
طاحْ الكـــافْ عْلَى ظِلّـــي والكــــافْ واعْرَه هْفُـــوفـــهْ كـلْجُرْحْ بِينْ لَكْتافْ قْعَدْتِلّي نِتْلَمْسَه وْمَا نْشُـوفه مرثيّة فرحات ظلام، من خلفه، دامِس. طين، من تحته، لزج، ومن بين يديه وجهها الزّهريّ يحاصره بمكر طفوليّ يخاتل خربشة الشّوق الثّمل تحت جلده، ويؤطّره في المحيط الضّيق...
- .. ولا عثرتُ على شيء منها سيّدتي وإن شِلْوًا ينزع، أو ضراعة تتعلّق بتلابيب النّجاة. صوتي عتيّ الوثوق ترضرض على أحرف الاعتراف الحِداد، وأناخ عاتقي ذلاّ لوِزْر الخيبة الكشيفة فيما تضايق قلبي يظنّ أنّ جهاز استخبارات ما اطّلع على خياناته فتُفعل به فاقرة الآن أو بعد نصر مجيد.. لقد كان اللّعين يرقّ...

هذا الملف

نصوص
27
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى