محمد فائد البكري

أكل الصدى كل الحروف وما اكتفى في أي معنى ذلك الحب اختفى؟! أحببتٌها وسجدتُ تحت جفونها حتى رأيتُ اللهَ في المعنى طفا أحببتُها و نسيتُ كل حقيقةٍ قيلت عن الحب الذي احترف الجفا في حبها أدركتُ معنى ربما، وحسدتُ مَنْ وصف الشقاءَ وكيّفَا، يا أيها المعنى الذي يعني الردى لا كان من أقصى الفناء وسوَّفَا ...
مثل ورقةٍ حرة سقطتْ من شجرةٍ حمقاء حملتْ عمر يأسها، وحاولت أن تعيش خارج ماضيها، بدت صفراء إلى حد الغربة لكنها بالتأكيد سعيدةٌ بالمحاولة، هكذا، صارت لا تشبه غيرها، وما تكدَّس في جسدها من زمن الذكريات؛ لم يعد عبئاً على اسمها، مثل ورقةسقطت فأصبحت حرةً من المضاف إليه ، وصار لها زمنها الخاص،...
على سقف بيتنا الذي انهارت أعصابه من الحرب هواءٌ من فصيلة هذا الهواء الذي يحبك. ورايةٌ ترفرفُ بلا تعب لم يخطر ببالها هواءُ الحرية هواءٌ عاطفيٌ جدا، وله خيالٌ حزين مليء بجثث الكلمات وأشلاء الريح وجماجم الدُمى. هواءٌ يعيش في العراء خارج الخنادق السياسية ينقل النشيد الوطني إلى أمهات الشهداء. هواءٌ...
أنا لستُ اسمي الذي صار حزينا ومحشوا بالعلب الفارغة ونفايات الأسى ! لستُ اسمي الذي تقطعين رأس حلمه أمام عينيه لستُ اسمي المطرز بالخيبات حتى وإنْ بدا الصدى نظيفاً من النسيان؛ وصالحاً للاستخدام! كل حدود هذا الاسم مفتوحة على الضوضاء واللاشيء وأنا حزنٌ يموت بهدوء إضافي صار هذا الاسم مجازٌاً رتيب...
بنهاية علبة السجائر سينتهي كل اللاشيء تعالي نشعل سيجارةً أخرى، وننفثُ عمرها في الهواء، تعالي نحرق أعصاب العدم الزمن الذي يحترقُ في سيجارتي الآن ليس زمن الآن، وليس زمن حبك الذي كان إنه زمنٌ مضى إلى حتفه وذكرياتٌ تخثرت في الدم وأحلامٌ ترسبت في اسمي الجريح وكلماتٌ كثيرةٍ فقدتْ النطق إلى غيرك، الزمن...
من داخل هذا الجسد بدأ الوهمُ في التعرُّف على اسمه وأحبك بصمت الخائف، وعمِل على بسط نفوذه في كل مكان من أقصى القلب حتى أقصى الندم ! قبل هذا الجسد لم تولد كلمة "الله" وقبل أن يصبح للخيال يدان وذاكرة وعود ثقابٍ. وقبل أن يقول الهباء : أنا لم يكن مهماً أن أحبك لقلبي، أو أن أحبك لجسدي! كان المهم ما...
دخل البرابرةُ إلى فراش الحكاية، تسللوا من كل ثقوب الليل إلى رحم الفوضى قتلوا علامة الاستفهام بمدفعٍ قديم وأغتصبوا واو العطف أمام نون النسوة وشنقوا ياء المخاطبة وهي في حِجْر أمها وما يزالون حتى الآن ينهبون خزائن الملكوت ويعبثون بأثاث الجنة، يذبحون الحروف الأولى من اسمك، ينهبون ذكريات الله الثمينة...
لا تسألي الليل عني! الليل الذي يسهر لأجلك وحده ويخرج إلى الطرقات في الليل الليل الذي يتعاطى الخيبات كحزنٍ شخصي الليل الذي صار يتسكع في الشوارع كل ليلة، ويجمع قمامة الذكريات من كل أزقة اللاشيء الليل الذي عاد هذا المساء إلى البيت وحده أيضا، وجثم على أنفاس النوافذ ، الليل الذي يلعق أوراق الحائط...
قبل فراقك لم تكن الحرب قد خلقت، ولم تكن الجغرافيا قد أصابها مرض الحدود ولم يكن الوهم جهةً عكسيةً، ولم يكن الأبد قد صار موحشا هكذا ولم تكن اللغة قد ولدت أصلا لنعلِّمها كيف تحقد على الآخرين قبل حبك كان اسمي مجردا من السأم ولم يكن الزمن قد صار عدوي قبل الكلمةِ التي جرحت الهواء بيني وبينك لم يولدْ...
قررت كثيرا ألّا أعود إلى أول السطر منكِ، لكنَّ كلمةً غامضةً تقتلني كل ليلة، وتدس اسمك في معجم الجرح، وتقول: إن الكلمة التي لا تحبك كلمةٌ مهزومة حتى الموت، كان يمكن أن أضع الهواء تحت تصرف المستحيل، أو محاصراً بالنظرة العابرة منك، لكن الذكريات التي تعود إليك من الباب الخلفي تطرق قلبي بعنف ومنذ...
حيث تكونين يكون كل شيء داجناً وأليفاً، حتى المستحيل نفسه يصبح كلب حراسة. لاشيء بعد الحب يعود افتراضياً حتى أنا، ذكرياتك تحترق الآن في أقصى الحواس، والأمكنة تختنقُ بغبائها الأفقي، وكلما أوقدتُ الحنينَ على حدود أغنيةٍ تدسُّ حزنها في دمي وتحترق، لعلك تأنسين إلى النار أو تهبّين لنجدة الذكريات...
أطباقٌ كثيرةٌ حطَّمها النسيانُ على بلاط السماء ، وأطباقٌ كثيرة ما تزالُ على الرف، ومع كل هذا الفراغ حولي ما تزالين واثقةً من نفسك جدا، وأنا لابأس جدا ، هزمني الحب ولم يهزمني الزمن بكل خبرته في الأذى ، صرتُ هشاً كدميةٍ من القش منزوعة الرأس، حطموا خيالها، وقتلوا فيها كل أحلام الطفولة بأن تكبر أخاف...
كل ديكٍ يعرف لعنة الليل. الديك الذي يصرخ خوفا من اليوم القادم الديك الذي لم يتعلّم كيف يبيع صوته يعرف أنه خطيب الطبيعة الأول. ويعرف أيضا أن المسافة بين الذات والآخر مسافة الصدى. الديك أعظم منبّه اخترعته الطبيعة وضبطته على التوقيت الرسمي للحلم بيومٍ جديد. الديك أول من أطلق صرخَة احتجاجٍ على الضوء...
في هذا المكان الذي صار مسرح ذكريات يابسة وأحلام جف فيها الزمن سقطت ورقةٌ من أعلى خوفها وسقط ظلها سقطت من أعلى كبرياء الشجرة الواقفة غادرت أملها بربيعٍ دائم صارت حرةً من الغد حرةً إلى الأبد تلك الورقة التي حملتها الريح إلى أعلى، فأعلى، فأعلى، وعادت تضرب بها عرض الجدران، وتطوّحها في فضاء الهباء...
قد طال هذا الليل يا الله حتى مات معنى الوقت حتى ماتت الكلمات، تاه العمرُ في اللاشيء لم يبقَ من الأحلام ما يكفي وسيف الليل يثخن في الهواء الطلق والأحزان تسعل في الأزقة والزمان الوغد يستعدي الخواء أرجوك يا الله! أدركني لهاث العمر غُصَّ القلب بالنجوى تنكرت الجهات! كم أصبح المعنى الحزين بلا يدين...

هذا الملف

نصوص
127
آخر تحديث
أعلى