د. محمد شداد الحراق

بين أزقة طنجة الصاخبة الملتوية وبين حواريها العتيقة الضيقة تطلّ مقهى ( لحظات) كعذراء عفيفة عنيدة عصية على كل تحرش أو إغواء، أصيلة في روحها الثائرة، متشبّثة بجذورها الحية، معتصمة بألقها القديم الذي ورثته عن سحر التاريخ بكل تفاصيله. بصمات الماضي لا تبرح هذا الفضاء الملهم المحرك لحساسية الإبداع،...
قديما قال الشاعر المغربي محمد بن ابراهيم هاجيا ساخرا: إن كان في كل أرض ما تُشانُ به = فإن طنجة فيهــا المطعم البلــدي أخلاق أبنائها كالمســـك في أرج = بعكس أخلاق رب المطعم البلدي كان لهذه القصيدة - بدون قصد ناظمها- دور إيجابي في توجيه بوصلة انتباه القراء نحو مدينة طنجة، وفي زرع...
كان تاريخ القصيدة العربية سلسلة من المحطات الشاهدة على الرغبة في التخلص من التكرارية والنمطية، إذ عرف محاولات تجريبية كثيرة، تميزت بالجرأة في انتهاك حرمة الجاهز وفي اختراق حصونه، وبالإقبال على ابتداع فن شعري ثائر يهدم قدسية كل الأشكال الفنية دونما إلغائها من الوجود. وهذه المحاولات التجريبية...
جلس (طاهر) على مقعده الدراسي المعتاد بجانب زميله (حميد) وهما يستعدان لإجراء اختبار مادة الرياضيات. كان معظم التلاميذ في حالة توتر وترقب لا توصف. الوجوه واجمة والقلوب واجفة والعيون جاحظة. الجميع يتساءل في قرارات نفسه عن درجة صعوبة هذا الاختبار اللعين. عن هذا الشبح المقيت الذي يطاردهم. الكل ينتظر...
في شقة صغيرة هامشية بحي (الدرادب) الشعبي في مدينة طنجة، تكمن الغرابة وتسكن العجائبية ويستقر اللغز المحير. وحول ما يجري خلف باب الشقة الموصد دوما تتناسل الأسئلة وتتكاثر التأويلات وتحوم علامات الاستغراب والاستفهام. كنا صغارا نتلصص لعلنا نكتشف السر الذي حير الجميع. نسترق السمع لنتصيد فحوى بعض...
عشنا في بيت دافئ متدثر بأغطية الحب، باذخ بصور الجمال، متضوّع بنسائم الألفة والأنس. تنمو فيه خلايانا بشكل متوازن متغذية بروح الجماعة، مكللة برحيق البساطة. نصوغ فيه نسيجا بديعا لأحلامنا الطفولية البسيطة، وننقش فيه بكل أصابعنا الصغيرة تمثالا لذكرياتنا الجميلة، ونرسم آمالنا الكبيرة بأسئلتنا المشتركة...
إذا ظهر طيف (السيد أحمد) في شوارع المدينة ودروبها، وجدت الناس يطيلون النظر إلى هيأته الغريبة وإلى لباسه المهلهل وشعره المنفوش المجعد المنتصب دوما نحو الأعلى. ينظرون إليه وهو يمشي بخطوات بطيئة رافعا رأسه نحو السماء، مرددا مقاطع من أغان غربية شهيرة، لا يكترث لأحد من الناس، ولا يبالي بتلك الغابة من...

هذا الملف

نصوص
7
آخر تحديث
أعلى