عبد العزيز بركة ساكن

ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺗﺤﻴﻂ ﺧﺎﺻﺮﺗﻲ ﺑﺴﺎﻋﺪﻳﻬﺎ، ﺗﻘﻠﺒﻨﻲ . ﻭﻳﺴﻴﻞ ﻟﻌﺎﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﻤﻲ . ﺑﻘﺎﻳﺎ ﺯﻳﺖ ﻣﺤﺮﻭﻕ . ﻋﻮﺍﺩﻡ ﺳﻴﺎﺭﺍﺕ ﻋﺎﺑﺮﺓ ﺍﻟﻘﺎﺭﺍﺕ . ﻣﺰﻣﻮﺭ ﻣﺸﻮﻱ ﺑﺰﻳﺖ ﻣﺴﺮﻃﻦ . ﻣﻄﺮ ﺣﻤﻀﻲ ﺍﺯﺭﻕ . ﺑﻄﺎﺭﻳﺎﺕ ﻳﻘﻄﺮ ﻣﻨﻬﻦ ﺣﻤﺾ ﺍﻟﻜﺒﺮﺗﻴﻚ . ﺍﺳﻤﺎﻙ ﻣﻴﺘﺔ ﺗﻄﻔﺢ ﻓﻲ ﺑﺤﺮ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﻭﺑﻘﺎﻳﺎ ﺟﺮﺫ ﺍﻋﻤﻲ ﺗﺤﻤﻠﻖ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻲ : ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺗﻄﻮﻕ ﺧﺎﺻﺮﺗﻲ . ﺗﺤﻘﻦ ﻗﻠﺒﻲ ﺑﺎﻹﺳﻔﻠﺖ ﻭﺷﺤﻢ ﺑﻼﺳﺘﻴﻜﻲ...
أجل، أبيعك بقُبْلةٍ يا سيدتي، وورقةِ نحاسٍ صفراء، تلوحين لي من بعيد شاكرة أم غاضبة لا أفهم، يداك تعرفان السِرُّ، أصابعي تتفقدان حموضة الشجرة وتتوهمان ـ بين لحظة وأخرى_ أن ينفجر الكنز المسحور ينثر أقماراً كثيرة، وبرتقالات وزيتوناً وزيتاً! لا يدهشني القطن الأسود، سوف تثارين وتَقبلين ثمن القُبلة...
في ذلك الحين كنتَ ترغب بشدة في الموت، بعد تردُّدٍ دام شهرًا كاملًا. لياليَ قضيتَها حزينًا مؤرقًا غارقًا في وسواسكَ، خطاياك وأحزانك، قلتَ له بصدق تام: اقتلني، دعني أسكر ثم اقتلني. قال وهو لا يزال يعالج ثقبًا في جلبابه القديم بصبر وصمت، ورفع نظره إليك في برود الموتى: سأقتلك. قالها بشكل عاديخالٍ من...
1/ فراش تَقلبتْ قليلاً في فراشها الرطب، قبل أن تنهض و تضع ثوبها علي أطفالها الثلاثة، فالبطانية العسكرية القديمة المزيقة فقدت دفئِها علي مر الأعوام، بطانية الصوف الخضراء الخشنة ذات الثقوب الكثيرة، ابنتها الوحيدة آمنة ستبلغ السابعة عشرة بعد شهور قليلة، ما زالت تعاني من التبول الليلي علي الفراش،...
نَحْنُ الآن في شهر مايو، نِهاية مايو، أقمتُ منذ أكثر من شهر في التَّاية استعدادًا للموسم الزراعي الجديد؛ حيث إنني اشتريت أرضًا جديدة مقدارها عشرة أفدنة، وتحتاج إلى تنظيف، تكثر بها أشجار الكتر، وقليل من أشجار اللعوت، وبعض الطلحات. كان معي عاملان يساعدانني في أُم بَحَتي؛ حيثُ إنه ليست لي خبرة في...
جوكاستا طويلةٌ وفقيرةٌ، وأنا طويلٌ وفقيرٌ. كلانا يغطس في الماء المسود من فعل الطمي إلى نصفه، وبأناملنا الطويلة الرشيقة، نتحسس الأسماك المرعوبة التي تقبع في ظلمة الطمي. الطين اللازِب يخنق الأسماك ويُصعِّب عليها التنفس ويغطي اعينها الصغيرة الحساسة، فتصبح عمياء، فلاتري أيدينا وهي تتربص بها الدوائر،...
طرقتُ البابْ. أقصدُ جمعت كل شجاعتي وطرقتُ الباب. كنت أسمع صدى النقرات مرتدًا من الداخل. يبدو أن بالداخلِ قاعةٌ كبيرةٌ فارغةٌ. طرقتُ الباب مرة أخرى وانتظرتُ. سمعتُ وقع خطوات خفيفة تقترب. وفجأة فُتح البابُ. قفزتُ إلى الخلف. قفزت خطوتين شاسعتين إلى الوراء. إن الذي أراه أمامي ليس إنسانا بل ليس...
نَحنُ من أسرةٍ معروفةٍ بأن أفرادها يقومون بعد الموت بثلاثة أيام. لذا عندما ماتت أمي - عليها الرحمة - لم ندفنها ولم نُعلن عن ذلك. وضعناها في حُجرة داخلية بعيداً عن الضوء والمتقولين من الجيران وسُكان المدينة وأطفال الأسرة. وفي اليوم الثالث، عند منتصف الليل، نهضت من موتها، تقلبتْ على الفراش قليلاً،...
الشمسُ تمضي نحو مغيبها اليومي الروتيني، وكنتُ أجلس أمام باب بيتي، قريباً من عمود الإضاءة الذي ليست به أسلاك للإمداد الكهربائي وسوف لا تكون به إلّا إذا تحققت مشيئات معقدة أو معجزات بشرية كتلك التي في كتاب الطبقات لود ضيف الله. إنهم وضعوه هنالك كدليل على إنتهاء الحرب وبدء عمليات التنمية، التي لم...
عَلى حَوافِ البِنتِ، البِنتُ و الإشتهاءُ النقيُ، جزائركُ المنتقاةُ، سقسقةُ المكانِ، دوائرُ الإلتصاقِ، حُمى العِشق، دَاءُ الرعشةِ، على حوافك تسترخي البحارُ المسحورةُ تبتلع سفنَ دمٍ متعجرفٍ وحارقٍ، في ظلمةِ الفُسِق النضرْ، محراب التوبة يشيده كل صباح سُلطان العاشقين، وينفيه الكلبُ المُثقف الأنيقْ...
عمري الآن خمسون عاماً، وهو نفس عمر أمي حينما توفاها الله منذ ثلاثين سنةً بالكمال و التمام، وأحكي الآن عنها ليس من أجل تخليد ذكراها الثلاثين، كما يفعل الناس أن يحتفوا بذكري وفاة أمهاتهم اللائي يحبون، ولو أنني أحبها أيضا إلا أنني أحكي الآن عنها تحت ضغط و إلحاح روحها الطاهرة، أقول ضغط و إلحاح،...
ما كان جدي لأُمي عبد الكريم إدريس يعرف شيئاً عن هجرات العرب إلى إفريقيا ولا التأثير والتأثّر الذي حدث نتيجة هذه الهجرات، ولم يبحث عن تفسير معقول لشرح وضعية أسرته وحالته الغريبة والمُربِكة. فالبلالةُ قبيلة إفريقية قديمة استقرّت حول حوض بحيرة تشاد بوسط إفريقيا، وهو يتحدّث لغتها كلغة أُم، لكنه...
البيت بيتي، وبيت النملات العجولات، الستائر القديمة والمروحة. بيت السحليتين الصغيرتين والفارة البيت بيتي وبيت الضب والعنكبوت وبيته، وبيت الذبابتين العالقتين بخيطه،وبيت الثعبان الأرقط المتربص بي: الحيَّة مصنوعة من الخشب أهدتني إليها سيدة ومعها قبلة. البيت بيتي وبيت الكتب الصفراء، شنوا أشيبي،...
انتهت المعركة الصغيرة التي أيضاً أمنحها بكرم لقب التافهة، حيث خضناها ضد المسلحين المتمردين غرب جبل مرة بإقليم دارفور، تحت سلسلة جبلية بغيضة لا ماء فيها، لا ظل، ولا حتى هواء يحرك عناد أشعة الشمس الحارقة العنيدة المرابطة على مراكز رؤوسنا. ما زالت رائحة البارود تعلق في الهواء، أنين الجرحى وصرخات...
استيقظت فجأة، أو قل كما هي عادتي، في آخر الليل، دفعني قلق لئيم إلى أن أتمشى قليلاً في الطرقات الفارغة طالما كان هناك قمر وأنجم قليلة وجو معتدل ورغبة في المشي، مررت ببيته عند أول منحنى الطريق، لا شئ غريب فصوته ما زال بذات العمق وذات الدفء يحلق حول المكان كسحابة من النشوة والحب والورع مترنماً: يا...

هذا الملف

نصوص
37
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى