رضا أحمد

ثلاثون عامًا أو يزيد عن حقوق التجول خارج الوقت وهذا الجسد يعنى بي، يزاول أمراضه بحرص شديد، يتنكر للألم، يزعق في الوسائد الناشفة والمرايا ويعود كل ليلة من الموت يحمل عني اسمي ويتقبل ولائي، يجثو أمام سريري ويصلي للفراغ أمامه الذي جعله يتجدد باستمرار دون أشباه. ها أنا ذا أنفض يديّ من الظلام ليس...
خسرت ثلاثين عامًا في جدولة أخطائي، وظننتها وجوها تبتسم لي الكدمات على جسدي، أطعمت الشوارع أطرافي الباردة وحين أفترقنا كانت أمي تقرض الجارات مشيتي العرجاء وتلقي في الكوابيس أقلامي وملابس عرسي، هنا في عالمي الضئيل سقطت مرساة بين كتفي؛ ثقيلة هي الأيام أن لم تكن تحب البحر كقارب يتلعثم كلما أجبروه...
بي خوف لا أدري كيف أنهي يومي دون أن يندم كلانا؛ أنت تذبحه وتقطع لحمه وتحطم عظامه، وأكتفي بالنظر إلى أصابعك؛ كيف تمررها على صدري كل مرة ولا يتوقف الدم؟ المروحة تدور بين كتفيك، الوقت يتخلى عن جلده الميت؛ يبتسم كرضيع شره ينتظر طعامه واليوم الفائت ملقى في القمامة يئن، وتلومني أنني لا أجيد الطهو ولا...
منذورة للنسيان تصحبك قرابين وسرب ليالي مؤرقة، لا رائحة تغرس بذرتها في لحمك ولا قيصر يتنزه في حديقتك بمجد مفقود، العتمة تتربص بكِ، قشري حياة تالفة عن مرآتك واستدعي أنفاسك من ذاكرة سكين؛ هكذا يصير للزهور دمًا ساخنًا وغرائز منطقية. لأنينك المُسجى جوار أعقاب السجائر رئة مجهدة لا تفتح لسعالك نافذة...
أستعين بظلي في ممارسة الحزن والندم لدي ما يكفي أيضا من الوجوه التراجيدية ولا بأس حين ينتزع الموت الفجائي مني دمعة؛ امرأة مثلي تقاضي أيامها الباردة بكتابة عرائض تلصقها على ستائر الليل وحين ينفد مني الأرق أستسلم للخواء في رأسي وأصاحب مواتي إلى القبر حيث لا حجر سيحمل اسمي ولا ساق وردة تصلح للكتابة...
قال إننا سنصل عما قريب ونسجل أسماءنا جميعا بالضبط كما تحفظها أمهاتنا ويلفظها المجاذيب والصغار، قال إننا إخوة في سداد الدين وفي قراءة الكتاب المقدس وأصدقاء مرادف مغمور بالحب لا يعني مطلقًا بتأويل مرور الوقت وذهب لم نعرف إلى الآن كيف أكله النسيان وتقيأ صناديق ثمينة في قاعة كبار زوار المتحف الجديد.
يمكنني أن أخلي سبيل الشارع وأمرر خطوتي إلى الضفة الأخرى أن انتهي من لثم رمادك على المذبح قبل أن تصعد وتوبخ الآلهة وتخبر رفاق السوء في الجحيم عني، يمكنني إعادة تدوير كذباتي، الاحتفاظ بأسرارك في شرابي الصباحي وتصفح الخرائط نفسها في مكانين وأنت جالس تمشط وجهي عن نجمة ضالة، أنزلق في جزيرتك النائية؛...
لا تعرفين عن الحزن إلا الرائحة التي تسند قلبك كلما حاول الهروب مع رجل ما، لا تعرفين عن الخوف سوى المشي برأس حجري والإزميل بأفكاره الباردة في يد شيخك أو والدك، لا تعرفين عن نفسك غير الوتر الذي يسوق أصابعك إلى الكتابة كقطيع ذئاب يفتش عن الموت بأنياب فلاذية وعاطفة مأخوذة بميراث القمر من الشعر...
قبل أن يودعونا تفاهموا تماما مع الحزن؛ تركوا ملامحنا خارج الذاكرة تحرثها مخالب الوقت فطر أبيض نما شفقة غامضة تخنقها تجاعيد وصدأ أصاب مكابح القلب. أعلم أننا لو اجتمعنا في جنازة تعارف لأفرجت قلوبنا عن أغطيتها وفي فورانها الأبيض فورانها المر صراخ بائت، ورمت نفسها في الطرقات وقالت: أولاد القحاب...
ورقة باقية في شجرتك تهادن الريح باسمك، ابتسامتك وليلة من الرقص الهلع حول فكرة غيابك، ورقة تتجول على الأرصفة بسطور لا يعنيها أمانة الكاتب في سرد الوجع بقدر ما تخلع على اسمه صفات القاتل الذكي الذي ترك خلفه جريمة مشوقة لجمهور مغرور، ورقة باقية من مذبحة الخريف لا أحد يعرف غيرها ثقل التجاعيد على...
أستعين بظلي في ممارسة الحزن والندم لدي ما يكفي أيضا من الوجوه التراجيدية ولا بأس حين ينتزع الموت الفجائي مني دمعة؛ امرأة مثلي تقاضي أيامها الباردة بكتابة عرائض تلصقها على ستائر الليل وحين ينفد مني الأرق أستسلم للخواء في رأسي وأصاحب مواتي إلى القبر حيث لا حجر سيحمل اسمي ولا ساق وردة تصلح...
لا بد أنك نائم الآن أو في جلسة حساب آخر؛ ثمة نادل يقرب منك لائحةً بكل إيمان تجرعته مع الخوف وكل صلصال فر من ظلك، بكل نسيم تهشم فوق رأسك لحصى وكلمات وكل ما جمعته من ديدان لجسدك ونعش تركته في انتظارك أو شاهد تلفت عن دعوته إليك، بقبلة نذرتها لامرأة خفيفة كالنيران وكل كدمة صارت ضريحا للكوابيس،...
وقعت أحداث كل القصص التي أعرفها في الليل حيث الوحوش تستلم ورديتها ببصمة إصبع وصرخة ألم، انظر إلى هذا؛ معي دموع تكفي سلالة من السباع المسنة جاهزين للموت بلا أنياب، جرى كل شيء على نقيض ما تتمنى الغابة بوفرة من الأرانب قبلنا الحلول الوسطى مثلما نقبل الأحذية الرخيصة لأن الطريق ليست لنا ولم تعد ملكا...
لا بد أنك نائم الآن أو في جلسة حساب آخر؛ ثمة نادل يقرب منك لائحةً بكل إيمان تجرعته مع الخوف وكل صلصال فر من ظلك، بكل نسيم تهشم فوق رأسك لحصى وكلمات وكل ما جمعته من ديدان لجسدك ونعش تركته في انتظارك أو شاهد تلفت عن دعوته إليك، بقبلة نذرتها لامرأة خفيفة كالنيران وكل كدمة صارت ضريحا للكوابيس،...
ليس الحب من عاداتي أمر بأصابعي على فمك، على عينيك وعلى حافة السكين أطارد قطتك البدينة وأدحرج جثتها في قلبك أخفيها بملء رغبتي في الهرب... أضع نظرتك الأخيرة بين أسناني وأترك ذاكرتك تسيل على شفتي كأسراب النمل بينما عظامي تذوي وعلى جدارك العاري أنام. .. كل ليلٍ اِندَلَقَ على جسدي فر من عين، أليس...

هذا الملف

نصوص
162
آخر تحديث
أعلى