زكريا الشيخ أحمد

تبعِدُ الموسيقا الحزنَ عنيَّ كما يُبعدُ جسمٌ مغمورٌ في الماءِ الماءَ عنْه . تحشدُ بدلاً عنِ الحزنِ فيالقَ منَ الكلماتِ و المعاني في رأسي . دونَ موسيقا لا تنبُتُ وردة ، لا تنضجُ فكرة ، دون َموسيقا لا يورقُ معنى . هذا العالمُ ، هذا الكون مجموعةٌ منَ الإيقاعاتِ و الترددات ، لكلِّ فكرة إيقاع مختلف ،...
نحيا حياة لا تشبه الحياة . نملك السماء و نملك أجنحة للطيران و لأننا لا نعرف كم هي سرعة الرياح و لا نعرف كيف هي الشمس هناك . و لا نعرف هل هناك عشب و ماء و طعام كاف لقلوبنا الأزلية الجوع فإننا عالقون هنا . و لأننا نفتقر اليقين و لأنها قد تكون رحلة داخلية من عدم يقين مؤقت نحو عدم يقين دائم و من...
خيام محروقة رأيتهم بعيني المغلقتين ، إنهم الآن نائمون ، نائمون في غرف بلا سقف ، بلا جدران و بلا أثاث . إنهم في الحقيقة ليسوا نائمين ، إنهم مضطجعون على أرض باردة ، بلا وسادة ، بلا غطاء و بلا أمل . إنهم مرهقون ، أجسادهم مقشعرة ، أنوفهم مسدودة بغبار خيام محترقة . ليس بينهم و بين الله ثمة أي شيء...
شرب قهوته ، رمى ما في منفضة السجائر في سلة الأوساخ، دس علبة سجائره و قداحته في جيب معطفه الشتوي بعد أن اشغل سيجارة أخرى و خرج ببطء من البيت . كان الطقس باردا بالرغم من أن الشمس كانت مشرقة . أخرج سيجارة و اشعلها و راح و هو ينفث دخانها يشكر الله و يحمده لأنه لم ينس سجائره في البيت . وصل إلى موقف...
تسمحُ الأشجارُ للعصافيرِ أنْ تحطَّ على أغصانِها دونَ أيِّ مقابلٍ ، ربما لأنَّها تحبُّ أغانيَ العصافيرِ أو حتى لا تشعرَ بالوحدةِ . لو كنْتُ عصفوراً لملأْتُ فميَ ماءاً و سقيتُ الشجرةَ التي أُريدُ أَنْ أَحطَّ على أغصانِها . لا أُعلقُ صورةً لي على الجدارِ ، ما ذنبُ الجدارِ لأغرزَ فيهِ مسماراً !! ما...
أعتقد أن ذهاب البعض إلى أن تكرار الكاتب أو الشاعر كلمة أو ضميرا أو جملة كاملة في بعض من نصوصه الأدبية يوقع النص في متاهة الرتابة لمجرد أن بعض النقاد ذهبوا إلى ذلك أو لأسباب مزاجية فيه إجحاف و إلقاء للكلام على عواهنه . فهناك في الطرف المقابل الكثير من النقاد يرون أن اللجوء لتكرار كلمة أو ضمير أو...
* مهداة لروح الشاعر السوري الراحل رياض صالح الحسين الذي قال بعد أن خرج من تحت التعذيب ذات يوم : أيتها البلاد المصفحة بالقمر والرغبة والأشجار، أما آنَ لكِ أن تجيئي؟ أيتها البلاد المعبأة بالدمار والعملات الصعبة، الممتلئة بالجثث والشحاذين أما آنَ لكِ أن ترحلي؟» رياض الصالح الحسين **************...
العالم بات قاب قوسين أو أدنى من التنمل . الأشواك أوشكت على الإنتهاء من تكبيله بشكل كامل . ما الذي سينقذ العالم ؟ ما الذي سيمكن العالم من استعادة موطئ لقدمه و النجاة ؟ التكنولوجيا ! لكنها رغم تطورها الهائل لم تقدر أن تمنع الأشواك من النمو المتعاظم . الكثير من الأقدام ، الكثير من الأقدام التي...
في اللوحةِ ثلاثةُ رجالٍ على يمينِ اللوحةِ يقفُ رجلٌ نظرُهُ مثبتٌ بإتجاهِ الأمامِ . على الأرجحِ هو يتأملُ المستقبلَِ . الرجلُ الثاني يقفُ على يسارِ اللوحةِ ؛ جسدُهُ بإتجاهِ الامامِ ، رأسُهُ بإتجاهِ الخلفِ . على الأرجحِ هو ينظرُ للماضي . الرجلُ الثالثُ الذي بينَهُما ؛ بدا غامضاً و غريباً. لا هو...
ليتَني كنْتُ مطراً شيءٌ ما يتساقط معَ المطرِ ؛ ربما هو دموعٌ أو ربما هو تِلْكُمُ التنهيداتُ التي تتدفقُ منْ صدورِنا . ربما هو فجرٌ ننتظرُهُ أو خساراتُنا المكثفةُ . آهٍ لو أعرفُ بماذا يفكرُ المطرُ . ربما المطرُ لا يفكرُ ؛ يرسمُ ربما و ربما يعزفُ ؛ أَسمعُهُ يعزفُ كلَّ المقاماتِ هل تسمعونَ ذلِكَ ؟...
في وطن حر يركض شرطي خلف شخص هارب . تتمنى أن تركض مع الشرطي لتساعده في القبض على ذلك الشخص الهارب . ما الذي يدفعك لفعل ذلك؟ في وطن مستعبد يركض شرطي خلف شخص هارب . تتمنى أن تمد قدمك أمام الشرطي ليتعثر و يسقط كي يتمكن الهارب من النجاة من الشرطي . ما الذي يدفعك لفعل ذلك ؟ في القصة ستة أشخاص أنت و...
قبلَ ثلاثينَ سنةٍ وجدْتُ نفسيَّ أَكتبُ أَكتبُ لأسبابٍ لا أعلمُها ، للتباهي ربما أو للتقليدِ أو لإثباتِ إتقانيَّ اللغةَ التي أَكتبُ بها ، ما لبثْتُ أنْ توقفْتُ عنِ الكتابةِ . لكني و بعدَ عشرينَ سنةٍ عدْتُ إليها ففوجئْتُ بإسنادِ تهمةِ الشِعرِ لي . تهمةٌ أنا بريءٌ منها براءَةَ الذئبِ منْ دمِ...
كرهت نفسي لأني كنت أطمح دائما لأصبح محبوبا ممن أعرفه أو يعرفني . كنت أحاول جاهدا تفادي إرتكاب أي خطأ بحق أي أحد ، لكني إكتشفت أن عدم إرتكاب أي خطأ لا يجعل من المرء محبوبا ، فكرت أنه ربما يكون مجديا إرتكاب الأخطاء و من ثم طلب المسامحة ، فصرت أرتكب في اليوم الواحد عشرة أخطاء أقل أو أكثر و فورا...
بأقصى ما أملكُ منْ قوةٍ و جهدٍ و دونَ أنْ أَنطقَ بأيِّ حرفٍ أو كلمةٍ ؛ أَسنُدُ شجرةً آيلةً للسقوطِ . العصافيرُ الواقفةُ على أغصانِها تغردُ شكراً لكَ أيها الإنسانُ الطيبُ . أشعرُ بالخجلِ ؛ لأنّي في الحقيقةِ ؛ لسْتُ إنساناً طيباً و لا أستحقُ الشكرَ فأنا لا أسندُ الشجرةَ منْ أجلِ العصافيرِ و إنما...
سيمنعُ عنيّ الأطباءُ التدخينَ و شربَ القهوةِ و الويسكي . سيمنعُ عنيّ الأطباءُ السهرَ و القلقَ و التفكيرَ و الحزنَ . سيمنعونَ عنيّ سماعَ الموسيقا الحزينةِ و ممارسةَ العادةِ السريةِ و الجنسِ . سيمنعونَ عني أيضاً الغضبَ و الكراهيةَ فكيفَ سأعيشُ دونَ كرهِ الطغاةِ و القتلةِ ؟ أيضاً سيمنعونَ...

هذا الملف

نصوص
139
آخر تحديث
أعلى