زكريا الشيخ أحمد

أَغرقُ فيكِ ؛ رغمَ أنَّكِ لستِ ماءً ؟ أنصهرُ كحممٍ بركانيةٍ ، أذوبُ و أسيلُ ؛ رغمَ أنَّكِ لستِ ناراً و لا بركاناً . أتظاهرُ أنّي هادئٌ كهدوءِ المقابرِ . أتظاهرُ أنّي لا أشعرُ بوحدةٍ موحشةٍ ، كوحدةٍ أمٍّ فقدَتْ إبنَها الوحيدَ . أتماسكُ ، أتماسكُ و أنا أتمزقُ منَ الداخلِ مثلَ رغيفِ خبزٍ ؛ وجدَ...
طوال الوقت أهرب ، كلما هربت إزدادت الأصوات التي تطلب مني التوقف عن الهرب و تعالت . أجرب التوقف لكن الأصوات تبقى في تصاعد . ليست تلك المشكلة الوحيدة ، المشكلة الأخرى أني لا أعرف بالضبط ما أهرب منه و لا أعرف أيضا أين أهرب لا أعرف إن كنت أهرب حقيقة ، أم أنه مجرد هروب في حلم . لا جدوى من الهرب ؛...
ظهرَتْ فجأةً ؛ كوميضٍ خاطفٍ ؛ كالبرقِ ظهرَتْ . و رغمَ أنّي لمْ أأملكِ النظرَ إليها سوى ما مجموعُهُ دقيقتينِ ؛ إلا أنَّها اقتحمَتْني إلى آخري . اقتحمَتْني كما لمْ يقتحمْني أحدٌ . كانَتْ عيناي مفتوحتينِ ، لكنّي لمْ أمتلكِ النظرَ . كانَ فمي موجوداً ، لكني عجزتُ عنِ النطقِ . ضجيجٌ هائلٌ اندلعَ في...
الرجلُ الذي كانَ ينسى مفتاحَهُ في قفلِ البابِ منَ الداخلِ في المراتِ القليلةِ التي يخرجُ فيها من بيتِهِ ، الرجلُ الذي كانَ يعاني منْ فراغٍ رهيبٍ و حزنٍ شديدٍ و مزاجٍ معكَرٍ على الدوامِ ، قالَ لي أنَّهُ مُذ شاهدني أساعدُ رجلاً مسناً على عبورِ الشارعِ ، تغيرتْ كلُّ حياتِهِ و أنَّهُ أصبحَ سعيداً...
الباب المغلق و أحيانا الباب المفتوح . الليل و أحيانا أخرى النهار . إمتلاك قداحة ؛ عدم إمتلاك قداحة . الوصول في الموعد ؛ التأخر عن الموعد . توفر طلقة مسدس ؛ عدم توفرها . وجود نهر ؛ عدم وجود نهر . النوم و أحيانا اليقظة التقرب من الآخرين ؛ الإبتعاد عنهم . الموت ؛ شرحت هنا للتو سبع عشرة فرصة للنجاة...
اَقفزُ محاولاً التحليقَ في سماءِ غرفتي بنوا حولي جدراناً و عندما اردْتُ الخروجَ ؛ لم أجدْ باباً . منحوني أجنحةً و عندما أردْتُ التحليقَ ؛ لم أَعثرْ على سماءٍ . جلبوا لي خزانةً كبيرةً و عندما أردْتُ انْ اُعلقَ ألبستي ؛ لم أجدْ غيرَ جلدي ، خلعْتُ جلدي و علقْتُهُ في الخزانةِ . في الغرفةِ التي...
كانَ جاري عصمت الكوردي واقفاً أمامَ محلِ الجزارةِ حيث يعمل ، سلمْتُ عليهِ فاستوقفني و طلبَ التحدثَ معي بموضوعٍ . " ما الأمرُ يا عصمت " قلْتُ لهُ . " صاحبُ المحلِ يريدُ أنْ يتكلمَ معكَ في موضوعٍ ". " أيُّ موضوعٍ ؟ " . "عندما تدخلُ سيخبرُكَ " . و أضافَ قائلاً :"أرجوكَ أنْ تساعدني فنحنُ جيرانٌ منذُ...
أسألُ أبي كيفَ هي عفرينُ يا أبتي . أدرِ الكاميرا أدرْها أرجوكَ ؛ أريدُ أنْ أرى القمرَ هناك . ترتجفُ شفتاهُ و لا يديرُ الكاميرا . يبكي أبي يبكي و لا يديرُ الكاميرا . يقولُ لي لا وجودَ لشيءٍ يستحقُ النظرَ يا بني ؛ القمرُ محروقٌ و العصافيرُ لمْ تعدْ لها ألوانٌ . الأزهارُ ذابلةٌ و الفراشاتُ ما...
إحتفظ بالحقيقة في قلبك لأن الحياة كذبة كبيرة . إن لم يكن لديك مكان تختفي فيه ؛ لا تقل الحقيقة . حتى لو قال كل الناس عن أحد أنه حكيم ؛ لا تقل له الحقيقة . من الأفضل أن تكتب وصيتك ؛ قبل قولك للحقيقة . إن كان لا بد من قول الحقيقة ؛ قلها ... قلها للذين عاشوا في الأزمنة السابقة أو للذين سيعيشون...
في المقهى و أنا أشرب قهوتي و أدخن بشراهة ، يقول لي أحدهم : لماذا أنت حزين ؟ فأضطر أن ابتسم و أجيبه : أنا لست حزينا أنا فقط أتمرن على الحزن كي أتقن دوري في الفيلم الذي سأمثل فيه . في المقهى أيضا و أنا ادخن بشراهة و أشرب قهوتي ، يقول لي النادل : معذرة أراك تفكر كثيرا ، بماذا تفكر ؟ أجيبه : لا شيء...
متصل أنا و موجود و لكن لا تأخذ مني موقفا إن أرسلت لي رسالة و لم أرد عليك مباشرة . لأني لن آخذ منك موقفا إن كنت أنت متصلا و لم ترد على رسالتي . ربما كنت أصرخ أو كنت منغمسا في ضجيج و لا أحب أن يصم صراخي او الضجيج الذي حولي أذنيك . ربما كنت أفكر بطريقة أوزع فيها أموالي الطائلة التي رأيتها في حلمي...
أحيانا تكون المأساة في الإستمرار . و يكون الخلاص في التوقف . أكره الذباب حين يحط على طعامي . أكرم العناكب حين تأكل جثث الذباب . أكره الأفاعي حين تأكل العصافير . أكره العصافير حين تأكل الديدان . اكره الديدان حبن تأكل الإنسان . أكره الإنسان حين يأكل الإنسان . يقول الذباب أنه مركز الكون . تقول...
لا شكَ أني جئتُ حينَ ولدتُ و لكني لا أعرفُ كيفَ ولدْتُ فلقد ولدتُ و انتهى الأمرُ . امي كانت تقولُ أنَّها حينَ كانتْ تأخذُني معها لتزور جيرانَنا في القرية كانتْ تأخذُ معها حبلاً تربطُ بهِ قدمي و تقيدني بأثقلِ شيءٍ في كلِّ بيتٍ تزورُهُ كي تكونَ المساحةُ التي أتحركُ فيها ضئيلةً جداً و كي تكونَ...
في الثلاثين من آذار مثلا ؛ عصفور كان يغرد في أحد شوارع العالم ؛ تغريده حزينا كان ؛ كل الساكنين في الشارع ابقوا نوافذهم مفتوحة ، الكل كاد قلبه يتقطع حزنا ، الكل بكى ، الكل أصابه الأرق ، الكل لم يقدر على النوم حتى الصباح . في اليوم الثاني أي في الحادي و الثلاثين من آذار ؛ رجل مسن كان يبكي في نفس...
كنت واقفا على خشبة مسرح ؛ أقرأ قصيدتي التي ربما سأكتبها في وقت لاحق ؛ كان هناك عدد من الأشخاص يصفقون لقصيدتي التي ربما سأكتبها في وقت لاحق . الحقيقة أني لم أكن واقفا هناك على خشبة المسرح و لم أكن أقرأ قصيدتي التي ربما سأكتبها في وقت لاحق لأن القطار كان قد فاتني . خرجت من محطة القطار ، جلست في...

هذا الملف

نصوص
139
آخر تحديث
أعلى