وئام أبو شادي

امرأتين صرت إحداهما تهرب للنسيان بالذاكرة وأخرى تهرب للذاكرة بالنسيان أجلس بينهما أشرب المطر المتخم برائحة أفكار صمويل بيكيت و نظرية اورويل وقصائد جاهين الساخرة من العالم أشعل أعواد البخور و أمشي حافية الوريد بين صراع المرأتين... وأتذكر أول رواية كتبتها في عمر الستة عشر عاما كانت بعنوان دعيني...
أعبر جثث المجاز و اسمي المعلق على حجر رجمته الخطايا وجسدي الذي تركني وحيدة كنافذة لا تطل على شئ كلوز يندف شجناً مات قبل أن يغني أمرُ بعصفورٍ ضل صاحبه بكلمة صارت قصيدة و سمكة بالحب غدت بحراً حبيبان عاشرا احتمالاً قتلهما ألتقط أنفاسي و أتعثر بشتاء قفز من صدر امرأة تنكسر صورتها كلما أسندت لراحتيها...
دمعتي التي لم تفر من عمري و لا تضيق بصدر المناديل تنفخ كالكير في جراح الكلمات وتعطل غدي كخانة مهملة لا تجد سوراً لتستند عليه حين تهب عواصف الضعف الكبيرة لم يعد حزني سراً.. فالانكسار غناء الشرفات ولحني منفلت من أغنيتي الغريبة ترتبك أوجاعي كلما طافت بالحنين ترتبك ويُبَح صوت الساعة المقبلة ترتجف...
لم يكن لامرأة مثلي إنجازاً أعظم من أن تحب رجلاً مثلك يقينها الوحيد وسط قطيع من الضلال محصول كاسح من القطن الأبيض يكفي لتضميد بحر مجروح في عنقي معذرة لم يعلمني أبي الفرق بين وداعه و استقبالك ترك دموعي مفتوحة على خبرين زمنين لم يؤجل أياً منهما الآخر معذرة فقد كان قلبي في ثلاجة الموتى حين تحققت...
أخبرتني جدتي أن الحب الفادح الفرح الفادح يحتاج إلى حزن فادح و قصَّت عليَّ خبر شجرة عظيمة بلا ثمر وحيدة بين الرمال كانت فَيء الذين قتلهم الحب و نهش روح عيونهم و فتت أقدامهم أخبرتني أيضاً ... أن المطر كان يتلصص كعميل في الموساد على قلب الشجرة يرى كيف يغلب صمود جفافها بلاغة عطائه... ويسخر منها و هو...
تعالَ نفرق أصابعنا نزرع بينها أصابع الوطن ونشبكها فتصبح اليد اثنتين تعال نرسم على كل العقل المطارات حتى يسافر دمنا الذي لا ينام ويفر الحب إلى تهمة الضمير نمنح السماء جواز سفر إلى المنفى .. الى كل الطائرات تعال نجمع الأصابع و شعر الأندلس نتخلص من نشاز الرتابة في الشتات نمد جلودنا تحت برد الخروج...
أعرف أن زمن البنفسج قد انتهى و الصبار أصبح يثمر على شجر التفاح و أن الخرس يلبس كل الثورات يكبر كنار الحرب في الأعياد وجناحيَّ ينامان كقنبلة موقوتة بجوار قلبي وسأتكوم كقبر مفتوح على شفتي الكتابة إجاباتي التي بلا أسئلة تشفط تاريخ الاستفهام لماذا يجردنا الزمن من مرحلة الطفولة لنشيخ في حراسة أوجاعنا...
كان صباحاً يشبه طائرة ورقية تقل خبراً خفيفاً عن موسيقى وحيدة تغني قدماها كلما عادت من مقتلها في ذاك الصباح كان عليَّ أن أعي تماماً أن العالم كله قد يصبح ندبة في عُش ابتسامة صغيرة بشكل فجائي مثير كإثارة العجين لأصابعٍ ميتة كان علي أن أحتفظ بروحي كلها في درجة حرارة واحدة أو أن أَفرُطها كأم تترك...
لا يؤلمني تَمَدُّد القوس على الدمع السارب لا يُضنيني الدخان يَرُش يمام الأغاني أقفز بين لُجَّتين وأقع في عرق البراري تميل على تَلِّك هدأتي ويرفع القلب حاجبه على الصمت القاسي هل يشكو الوحي فيض السنا.. و رعشة التوق للسلام لا يوجعني ارتكاب المدى في ضَنِّ الشعاع .. أَيُثْرِب المعنى غير آيات الكلام...
الكلمات التي ملأت هوامش كتبي الجامعية و ركضت في أهوال فناجيني المقلوبة طوعاً و دخلت بيني وبين طموحي و رائحة عنادي و قهقهة ضلوعي الغائبة عن الوعي على مدرجات ملأتها وحدي من فرط الزحام حكيت لها عن إخفاق كل لقمة سُكر لم تتناول فمي… منذ فارقتني و هي تسأل الحنين هل مر وطن من هنا ؟ عادت حجراً و رقدت...
أخبرتني جدتي أن الحب الفادح الفرح الفادح يحتاج إلى حزن فادح و قصَّت عليَّ خبر شجرة عظيمة بلا ثمر وحيدة بين الرمال كانت فَيء الذين قتلهم الحب و نهش روح عيونهم و فتت أقدامهم أخبرتني أيضاً ... أن المطر كان يتلصص كعميل في الموساد على قلب الشجرة يرى كيف يغلب صمود جفافها بلاغة عطائه... ويسخر منها و هو...

هذا الملف

نصوص
26
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى