محمد عكاشة

كان السلم الخشبي المركون على حائط مسجدنا يحفر النمل بيتا أسفل منه تنمو أسفله أشواك تتسلق قائميه أصعد عليه كل يوم خلسة كي أرى الله يصعد عليه المؤذن كي ينادي الله تنكسر درجاته عندما تتعامد عليه الشمس فيسرع النمل بجر ضحاياه تتلوى ظلاله عندما تميل الشمس أو عندما يصعد المؤذن ويقطع أشعة...
على مشارف قريتنا انهار نصف جسدك وتلاشى ظلك فجرت إليه كل حشرات الأرض قالت أمي شرخ قد أصاب رأسك قليل من التبن وحفنة من تراب معجونة بالماء ترتق الوجه وتشعل الذاكرة حتى تجري الأحصنة من الأذن لأرنبة الأنف وتضخ الرقبة دماء تلون رمل القبيلة قالت جدتي شق بطول صدرك قليل من الطمي وحزمة من...
من وهج الأخضر الناصع يتبدد الألم في جوف الأرض وتظلل أوراق الكرنب الهزائم السابقة في أرض كان يحرثها الفلاحون بأصابعهم المدببة كأصابع الديناميت وكانت الخطوط المدججة بامتدادها الموغل في الضباب تحمل على ظهرها تلك الخضرة المتراصة بعناية القدر وكأن أبي الذي شق الأرض بصرخته وقت الحرب كان يدرك أن...
من وهج الأخضر الناصع يتبدد الألم في جوف الأرض وتظلل أوراق الكرنب الهزائم السابقة في أرض كان يحرثها الفلاحون بأصابعهم المدببة كأصابع الديناميت وكانت الخطوط المدججة بامتدادها الموغل في الضباب تحمل على ظهرها تلك الخضرة المتراصة بعناية القدر وكأن أبي الذي شق الأرض بصرخته وقت الحرب كان يدرك أن...
القافلة تسير وأمي تشير للناقة التي شق رقبتها فتية يلهون حين كان ظل المارة تلاحقه الشمس وأبي كان يحفر بفأسه بركة مياة واسعة في وهج الظهيرة السفينة تمخر من الشمال نحو بيت الله في الجنوب وأمي تشير لثقب أحدثه الأولاد أسفلها وصحراء شاسعة في الشاطئ الآخر حين كان الناس يهللون ويقذفون الحصى في الماء...
في اليوم الذي دخل أبي بأمي جعلها تطوف من حوله سبع مرات وهو يهمس لها لاتقصصي رؤياك وكان البراق يطير في سماء بيتنا جيئة وذهابا في نفس هذا اليوم كان صدام يتبول على صفحة مياه الخليج وهو يهمس للجنود لاتقصوا رؤياكم وكان البراق ينقل الملائكة المدججين في الليل وينشرهم على شاطئ دجلة في الصباح...
صيد الضفادع واللعب فى الطين والجلوس بجوار خالتى نور كانوا ملاذى منذ كنت صغيراً فى مدرسة بلدتنا الملاصقة للطريق الذى يجرى عليه عربات مسرعة دون توقف ٬ وصيد الضفادع الذى أصبح عادتى المعروفة لدى العيال - جعلهم ينادوننى بعلى ضفدع ٬ حتى خالتى نور التى كانت بالسنة الأولى بكلية الطب عندما عرفت عنى ذلك...
لديَّ ممحاةٌ منذُ كنتُ صغيرًا سوداءُ ومدببةٌ كمسدسٍ، أعطاني إياها اللهُ وعلمني الخَلْقَ، وعلمني أيضًا كيف أمحو، وكيف أنفخُ بقاياهم بفمي من حينِها وأنا أعملُ ربًا لهذه المساحةِ البيضاءَ الشاسعةِ، أخطُّ بيديَ الخطَّ الفاصلَ بين السماءِ والأرضِ، أخلقُ بحرًا وشمسًا تشرقُ فتمخرُ سفينةٌ لاتعجبُني...
من هنا كان المِلحُ حين بكت الملائكةُ وسالت عبراتها كنهر ثائر ولحظة تهافت الشياطين بمشاعل حارقة نحو الأرض_ خلقه الله حين جرت الشمسُ كانت روحُه تجري لمستقرٍ لها في أوردةِ الكائناتِ جميعِها كي تبقى حكاياتُ العالمِ نابضةً وحيةً كدورانِ الدم وتنبتُ حدائقُ السماوات ورودًا بيضاءَ من مِلحٍ كي...
أنا بائع أقمار متجول أبيع الأقمار الملونة لعابري السبيل إذا أردتم قمراً ألقوا أسلحتكم وفكوا لجام الخيل وافتحوا النوافذ للسماء أقماري مثبتة على عصا قصيرة يجري بها الصغار ليضيئوا ظلام الليل أو لينيروا الشوارع التي هدمها القصف أو ليعلقوها على جدران ملاجيء الأيتام لدي قمر ملتصق بسحابة بيضاء ترسم...
النار إبنة جسدين هما في الأصل من ثلج هناك عند خط الأفق وقد بدت الشمس وكأنها مظلة لعاشقين تلاصقا حتى سالت من بينهما الروح بنور أضاء الكون النار وليدة روحين تضاجعا حين مر البحر يتهادى بجوارهما وقد بدا القمر وكأنه يخطط طرقأ أخرى للجذر وبدت الأنهار وكأنها تروي الأرض بماء وكيروسين وبدا الغيم كأطفال...
تذكرت أني كنت أجري كشاحنة معبئة بأنابيب الأوكسجين أعدو وسط سيارات تطلق أبواقها كنت أتمايل يمينا ويسارا دون أن تسقط مني أنبوبة واحدة ودون أن أفرغ خزان وقودي أسفل عجلات الوقت وكان العشاق يلوحون لي من نوافذ قطار بنها وهم يصيحون علي كي يستنشقون دفقة هواء وحيدة دفقة هواء لكل راكب متلهف للقاء حتى...
غَدًا سَنَتَبَرَّعُ لَكَ بِأَقْفَاصٍ صَدْرِيَّةٍ لِفَتَيَاتٍ يَافِعَاتٍ قد غُرِرَ بِهنَّ وَهْنٌ عَلَى طَاوِلَاتِ اَللَّيْلِ يبحثنَ عن طيرٍ قد سقطَ من فرطِ التحليقِ والدورانِ كان صدرُ الواحدةِ منهنَّ منتفخًا كَبَالُونَةٍ مُلَوَّنَةٍ وكنَّ ينفثنَ الأوكسجينَ بأفواهِهنَّ داخلَ صدورِ أطفالِ الحروبِ...
لأن هتلر لم يرضع من ثدي أمه قذف بطائراته كل مصانع حمالات الصدر التي كانت تتفاخر بها أوروبا كل صباح والمغيرات. المغيرات وجرت نساء بني إسرائيل إلي عكا وأثداؤهن تتدلى وتنزف ماتبقى كي ترضع الجنرالات وجنود المقاومة والعاديات. العاديات . ولأن هرتزل كان يلعب بعود حطب وهو صغير أقسم أنه سيطوف...
لَمَّا مَاءَتْ قُطَّةٌ مِنْ خَلْفِي امتصتُ السماء كُلُّ أَهَاتِ الْأَلَمِ ودفعتها على شكل سحابات بيضاء كَيْ تَتَشَكَّلَ بِمَلَامِحِ الْكَائِنَاتِ جميعها تَتَشَابَكُ وَتَنْفَكُّ تَمَامًا كَكُرَّاتِ الدَّمِ في الأوردة تَهَرْوُلٍ كَقَطِيعٍ مِنَ الْإِبِلِ حول قُطَرُ الشَّمْسُ فَكَمَا تَمُورُ...

هذا الملف

نصوص
97
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى