صالح رحيم

ردمنا النهر بالصخور والتراب لكي نتجنب الطوفان، هذه فكرة من كتابٍ ألفه جدي ونسيه على الجرف الذي ردمناه فأخذته موجة: وتبدد في أعماق المياه! * كان الكتاب شعراً خالصاً ذاب في النهر مثل السكّر حتى صار سببا في عذوبة المياه فقد كان الفرات يغصُّ بملوحته النخيل، ويتفطر جلد الإنسان.. * يقول جدي: إذا أراد...
ولدتُ في العاشر من مايو في السنة الرابعة والتسعين من القرن العشرين وقد كان والدي في السجن فتجرعتُ المرَّ في المهدِ حتى صار طعمه حلواً، وتغنيتُ وحدي في حظيرة الأصدقاء والأحبة، كان جدي رحمه الله مغرماً بالنبيِّ صالح وبناقته التي عُقِرتْ فسمَّاني تيمناً بإسمه، ولما كبُرتُ رأيت الناس يعقرون كل شيء...
هذا جسدي وأقصد هذه أرضي، لم يعد بإمكاني إدارتهما أو الإهتمام بهما، الأرض تعني وطن والجسد يعني أرض والفكرة واحدة تعني أنني أضيع ! * إيضاح: النبات الذي لا يعرف إلى أية شعبة ينتمي، هو نبات كسول.. * أين تغني الزهور ومتى تفصح عن رحيقها المغتصب ؟ * معنيان عميقان للوطن: الأول هو الإنسان والثاني هو...
تعرفت في ليلة ماطرة على جلجامش في اوروك، كنت في حالة خوف ورهبة من ما اراه من برق ورعد في السماء السوداء، لمحني من نافذته فناداني بأعلى صوته، لم اعره انتباهي، فخرج بنفسه، حملني بيديه الكبيرتين وادخلني الى القصر، عانقني بقوة في الداخل، لم ننم طوال الليل، بقينا نتحدث عن المصير وأهوال ما بعد الموت،...
نحن أبناء القرى نطالب بالانبياء، وبالمزيد من الحجج والبراهين، لسنا مع مؤيديك يا رب ولا مع منكريك، إنما في المنتصف، أنا تحديداً أتبع شرارة العقل التي بدأت تأكل الأخضر في جسدي، نريد ان نؤمن مثل ما آمن السفهاء أو غيرهم، فحدة عنادنا وشدة نباهتنا لا تنطوي عليها الكتب بعد الآن، الكتبُ بدأتْ لا تعني...
لستُ كبيراً بالحجم الذي ترغبه ولستُ صغيراً بالحجم الذي تأباه أمرٌ بين أمرين: لدي من الصدق ما يدحض الملائكة ولدي من الجمالِ ما يدحض الإنسان، أخبئ الريش في جيبي كي لا تمضغه ريحٌ عابرة ووحدي أشيع جنازة العصفور وفي مآتم العزاء أبحثُ عن النمل الذي يضل الطريق كي أخلصه من منفاه، والحمامُ كل الحمام...
أسكب النوم في آنية الضحى وأتركُ أقراط الثورة عند آذان صاغية، وأروي حكاية الأعداء على مسامع القتلى، أعرف أن الغصن الذي يتدلى أمام عصفور وحيد هو غصن وحيد أيضاً، وأن الطفل الذي أضاع الطريق أضلته الحلوى، وأعرف تماماً كيف أكون واضحاً مثل فراشة تسبح في الضوء وكيف أكون مبهماً مثل ظل يراقب نفسه الظلام،...
لم يعد هناك مكانٌ لأرواحنا في السماء لم يعد هناك مكانٌ لأجسادنا في الأرض ذنبٌ قبيحٌ في تاريخِ القتلة أنت أيها الوطن ولعنةٌ أبديةٌ تقتاتُ على فضلاتِ الأسلاف، لقد خلفت خيولاً تركضُ في حناجرنا كمعركة يحسمها السعال، الدموعُ تخالطُ جثةَ الأبِ البعيد فيما أطفاله يحاولون الهرب من الألبوم، لقد ختم الله...
إسمي ضائعٌ منذ سنوات، بحثت عنه في الغابات والصحارى، في الآبار والأنهار، وفي كل جدار وزاوية ولا اعرف مكانه حتى الآن.. لذا أقول مخمناً ربما بقي عالقاً في اسفنجة الصف الأول حين كتبته على السبورة بخطٍّ أعوج، وإلا فأين تهرب الأسماء؟ * لا أدري إن كان اسمي صالحاً لغاية سكرات الموت أم إلى ما بعدها،...
أنا كلبي الهَرِم لا يملكني سواي، تركت النباح منذ سنوات وعكفت على الغناء، كلما غنيت لنفسي أغنيةً رجمني الناس بالحجارة سأتخلص من الغناء قريبًا وأنزوي إلى بركة آسنة من أجل ألمٍ نظيف.. * وجدتني أمامي في هذه الحياة خاليًا من كل معنى وزني اليوم 45 كيلو غرامًا وعمري 26 سنة أعيش في غرفة اسمها العالم...
في أعلى السطح تشير الراية إلى الريح وفيما عامل يشير إلى نفسه وينهقُ من شدة الحر مع انه ليس حماراً هو عامل لا أكثر إلا أن شمس آب اللعينة تمزق ألياف الروح الانسانية تمزق الجوهر تبدد وقت الحكاية المنساب من الفجر إلى الظهيرة عبثاً ولكي لا يخفى على أحد: الحمار هو الحمار والعامل هو العامل بمعزل عن...
هم يسمعون طرقي المستمر على الباب، ويفتحونه بإستمرار، ولكن لا أحد يراني، حتى هذه اللحظة، لم أصدق أنني أصبحت لا مرئياً، ولكن كيف يتحول المرئي إلى لا مرئي؟ أليس من المفترض ألا يرى اللامرئي حتى نفسه؟ فها أنا أرى يديَّ وقدميَّ وبقية أعضائي، حتى وجهي في المرآة، أراه كاملاً لا يشوبه أي نقص! * لثلاثة...
لستُ مهتماً بتاريخ هذه البلاد ولا برفاهية سكانها أنا معني بالجمال كثيراً تخيلوا، ظننت اليومَ أنني أعمى من فرط ما رأيت من بحيراتٍ صافية وجبالٍ مغطاة بالثلج لم أرَ شيئاً سوى ظلال اتلمسها بيدي وصرتُ أرَ الإنسان -الظل طبعاً- يسير فوق المياه وبين لحظة وأخرى أرتطم بظل.. ما كان ينبغي أن أسافر إليك كلي...
تحت المياه كانوا نائمينَ أحلامهم تطفو كالفقاقيع وبدبابيس اليقظة سهواً كانوا يفجرون أحلامهم.. عراة كانوا في عالمهم يحلمون بالثياب وكانت أرواحهم لا تستريح لا في اليقظة ولا في المنام.. طفلٌ منهم كان إذا حلمَ يطفو جسده بكامله فكانت أمه توقظه بهدوء كي لا ينفجر.. تفجرت فقاقيع كثيرة في أيام لا تحصى...
أنا المظلم من جميع الجهات أرفض كل المفاهيم التي تنازع الليل على بذرة نور واحدة، بل وحتى النصف أبداً أبداً.. الليل حصان الغرائز وجنة الرغبات وسباحة هادئة في محيط اللذة آه ، لذة ، متى يتسنى لي أن أفهم معنى هذه الكلمة ؟ التي تجر خلفها سحابة ماطرة من الأسئلة الأخرى، وحدهم هؤلاء الذين تسيل السعادة من...

هذا الملف

نصوص
36
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى