جبرا إبراهيم جبرا

منذ طفولتي تعلّقت بحبّ الشعر الإنجليزيّ، وما إن بلغت السابعة عشرة أو الثامنة عشرة من عمري حتّى كنت قد قرأت الكثير من أشعار شكسير، ودرايدن، وشيللي، وكيتس، وبايرون بلغتها الأصليّة، وترجمتُ بعضًا منها إلى اللغة العربيّة، كما قرأت الكثير من الأعمال الروائيّة بالإنجليزيّة، والكثير من روائع الأدبين...
في عام 1994، جلست بجوار يوسف جبرا، في عزاء شقيقه الأصغر جبرا إبراهيم جبرا، في منزله في بيت لحم المعتقة، لم يكن هناك عدد كبير في العزاء، في الواقع كان يمكن إحصاء العدد على أصابع اليدين، أو ربّما يد واحدة كانت كافية، حضر الصحافي جاك خزمو وقرينته من القدس، ويوسف وزوجته ذات الوجه المريمي، التي تفيض...
مهما تقدم بي العمر... فإن صورة هذا الخطاب تبقى أنصع ما في الذاكرة... وكلما أوغلت في السنوات ازدادت صورتها بهاء وحضورا... يومها انصرفت من المطبعة وأنا حزين لأن صاحب المطبعة عندما استأذن مني لم يعد إليّ بعد ذلك. وبالتالي لم أطلعه على الرسالة... وقد عدت إلى وحدتي العسكرية وقلبي ينوء بالفرحة الكبيرة...
اعترف أن أبي لم يفكر في يوم من الايام بلقاء جبرا الشاعر والروائي والرسام الفلسطيني,واعتقد دون ذرة شك واحدة انه لم يكن يعرف من هو جبرا ابراهيم جبرا لأني لم اسمعه يتطرق الى ذكر اسمه على الاقل. فقد كان ابي رجل مزاج صوفي يبحث عن المتعة في ابسط الاشياء.ويفضل ان ينظر الى الحياة نظرة لا تعقيد فيها لان...
-1- ما لطيف مرابطا دوما ببابي، في غرفة جلوسي ، في غرفة نومي في مكتبتي، جالسا على منضدتي، يعبث باوراقي، يشخبط بقلمي، مكررا نفسه كما في الف مرآة ، هامسا، عابسا، يزم بشفتيه اللذيذتين ، ضاحكا مرسلا شعره على وجهي، على عيني، فقحما يديه بين كتبي، وذراعاه تتراقصان ، وجسمه يفعي كالف افعى في غابة تغيب...

هذا الملف

نصوص
5
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى