عادل المعموري

خيول آهاته تصهل مع كل ترنيمة فجر جديد ،لعله يحظى برؤيتها في أعماقه يباب مجدب وفي مشاعره ثورة لايهدأ عابثيها. أمواج تنهداته تملأ الأكوان بحثاً عن وسيلة ،تساقطت أوراق الشوق في بئر حرمانه، مرافئ حبه غادرتها شطأن اللقاء الغائر في ندبة المجرات البعيدة كتب رسائل حب مغمسة بدم قلبه الموجوع ،عند الصباح...
يعيش الإنسان وحيداً،فيجد نفسه كالتائه في صحراء مترامية الأطراف لا يحدها مدى ولاتنتهي عند زمن ،أوسع مما يتصوره عقلي الُمتعب الضاج بآهات التوحد والتشتت في ثقوب سدم بعيدة آيلة إلى نهايات حادة كمدية قصاب أهوج ،الفضاءات الواسعة المجهولة تحيط بي لتشعرني على وجه اليقين أني معلَّق بين الأرض والسماء...
تجلسُ قبالته تماماً ،عيناها لم تفارق وجهه ،دبّت في جسده قشعريرة ،شملتهُ من رأسهِ حتى أخمص قدميه،تسلّلَ الى مفاصلهِ ارباك واضح ،حركة يديه فوق الطاولةتثير الانتباه تشاغلَ بتحريك زجاجة الماء ،أغمض عينيه ،فتحهما ،مازالت تنظر إليه،المقهى يعجُّ بالجالسين ،نساء ورجال وأطفال أيضاً، حرارةُ شمس الظهيرة...
خمسة أيام وهو يقبع بين شجيرات القصب ، لم يعد يتذكر ان للطعام رائحة بطعم العافية ولا ذلك الماء العذب ،هل بالأمكان أن يرفع رأسه ولو لبرهة ،هل يستطيع هذا الرأس المثقل بعذابات الوهم الذي غادرته تباشير الفرح والنصر ؟كيف السبيل الى الخروج من هذا المستنقع الآسن؟ ..هم امامة لايبعدون عنه سوى مائة متر...
جارتنا الجديدة ،شابة جميلة، طويلة ،رشيقة كعارضة أزياء ، وأنا بدينة كأمي الجالسة بقربي، أنا وأمي نشبه بعضنا في كل شيء، عمري إثنان وثلاثون وأمي سبعينية ، إذا أرادت أن تنهض عن الأرض ، تتوكأ بقبضتيها على البلاط ،ترفع عجيزتها الضخمة بصعوية بالغة وعلى لسانها كلمتها المأثورة دائما (يا جميل يُمّه...

هذا الملف

نصوص
5
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى