جمال نيازي

لا أذكر أني تذمرت يوماً أو جهرت بالشكوى.. ولا حتى أسررت بها إلى نفسي.. مئات البشر من مختلف الأجناس و الأعراق و الأعمار يأتون لزيارتي كل يوم.. يقفون بجانبي و يرسمون على وجوههم إبتسامة ظاهرها السعادة و باطن معظمها إغاظة الأصدقاء و الأقربين الذين سيرسلون إليهم صوراً إلتقطوها لأنفسهم بجواري.. تمثال...
مالذي سيحدث لو أنك أطفأت كل شئ.. نعم أقصد كل شئ.. أنوار المنزل.. التلفاز.. الهاتف اللعين.. جهاز الكمبيوتر و راوتر الإنترنت.. و عقلك أيضاً الدائر بلا انقطاع أو راحة منذ عامٍ أو يزيد.. مالذي سيحدث لو أطفأت كل ذلك و استسلمت لنومة في شرفة منزلك تستلقي فيها على ظهرك فاتحاً عينيك في سماء صيفية هجرتها...
تواصلت عمليات التنقيب في غرفتي القديمة في أقصى منزلي المهجور كأنني قد عثرت بالأمس فقط على أنقاضها وسط ركام الذكريات في مكتبتي المصنوعة من خشب البامبو "شرائط كاسيت" كثيرة جداً تذكرت جدتي حين كانت تحكي لنا عن اسطوانات الجرامافون و نظن أنها قد فقدت نصف عقلها لا شئ على وجه الأرض إسمه "جرامافون" و...
أما بعد.. تلاحقني فيروز اليوم أينما ذهبت أو لم أذهب.. جارتنا السورية الجديدة المولعة بكل ماهو "فيروزي" بدءاً بطقم القهوة ذي الفناجين الخمسة المرسوم على كل واحد منها صورة فيروز مدون تحتها إسم أغنية من أغانيها ذائعة الصيت.. "سألوني الناس".. "يا مرسال المراسيل".. "حبيتك بالصيف".. "أنا لحبيبي".. و...
قيل في "أثر الفراشة" (لا تتعلق بخيط قبل أن تختبره جيداً) كل الآمال كاذبة و آفة البشر التعلق في خيوط غزلها عنكبوت ماهر لكنها سرعان ما تهاوت حين تسابق الأطفال من منهم ينفث خيط هواء ليطفئ شمعة في كعكة عيد الميلاد ......... قيل في "أثر الفراشة" (لا تستمرئ الغياب في حضرة انقطاعات الحياة) تتوقف نبضات...
في ساعة الذروة من مساء ما.. جبت شوارع المدينة بحثاً عن بطلة روايتي الجديدة عيناها سوداوان في عينها اليمنى نظرة ملؤها الكبرياء و في عينها اليسرى ترقص شياطين الغواية شعرها أسود غجري تتركه مسدلاً في الصباح و تعقده على شكل كعكة في المساء في حقيبتها علبة ملئى بالسجائر و قداحة ذهبية مهداة عليها توقيع...
للانتحار " بروتوكول" لابد من استيفائه جيداً.. هذا حدث جلل لا يتكرر كل يوم في حياة من اتخذ قراره به ثم أقدم على تنفيذه لينهي حياة حافلة في نظر البعض أو لا قيمة لها في نظر آخرين.. تقول كتابات الأقدمين " تعددت الأسباب و الموت واحد" .. ماذا يضير المرء لو أن حياته قد انتهت اليوم أو تأجلت النهاية...
كطفل صغير لم يتعلم حروف الهجاء بعد ولا ترتيب الأرقام الأبجدية أخطأت العد و الحساب في الزنزانة الفردية لا يتعاقب الليل و النهار في الكهف المعزول نلبث ثلاثمائة عام و نظنها يوماً أو بعض يوم نتقلب في رقدتنا ذات اليمين و ذات الشمال حتى نظن أننا أحياء أصيب الجميع بجنون الضجر يقول المعتوه "احتسوا...
في الليلة الحادية و العشرين أو هكذا ظننتها يتصدر نشرة الأنباء شريط أحمر خبر عاجل: "تسري شائعة أن غداً الجمعة تؤكد رئاسة الوزراء أن غداً هو الأربعاء" يتهامس الناس أننا بحاجة إلى يومين حتى لا تنهار الموازنة العامة و أننا طيبون حتى أعناقنا و لأننا وطنيون مخلصون تبرعنا للوطن بيومين في رسائل نصية ما...

هذا الملف

نصوص
9
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى