علاء نعيم الغول

مرٌَ الصباحُ تركتُ نصفي في زجاجةِ عطركِ الأولى ونصفي لا يزالُ مع الحمامةِ فوقَ سقفِ البيتِ ما زالتْ مصابيحُ الشوارعِ في الشتاءِ مضاءةً لا شيء يبدو الآن حياً ساكنٌ حيُّ العصافيرِ التي نامتْ بما يكفي ورائحةُ المواقدِ لا تزالُ تبثُّ أحلامَ الصغارِ كما تفوحُ النارُ بالنعناعِ في الشاي المعدِّ...
يتعثرُ الأحياءُ بالموتى على وجهِ الجليدِ تعثروا برؤوسِ من صاروا بلونِ الشعرِ صخرًا ما يلونُ ضفتيِّ النهرِ يمتصُّ الجليدُ عظامَ من غرقوا ببطءٍ دافئٍ والحربُ تجهرُ بالفضيحةِ تكشفُ الساحاتِ والغرفَ التي مُلِئت ضحايا من وجوهٍ كان يملؤها بريقٌ مؤمنٌ بالشمسِ والحبِّ المناسبِ للمكانِ ولا يزالُ...
البابُ يفتحُ وحدهُ والريحُ مسرعةٌ وتبدو النارُ في هذا الهواءِ مصابةً بجنونِ أولِ مرأةٍ فقدتْ ملامحَها الجميلةَ في مرايا تشبهُ الجدرانَ تحتَ مهاطلِ المطرِ المليئةِ إنه النهرُ الذي في لونهِ وجعُ البرودةِ رهبةُ التكوينِ حباتُ البدايةِ يوم كانت بذرةً مائيةً تتفجرُ الأشياءُ كي تحظى بواقعها...
كأنكَ لا ترى وكأنَّ شيئًا فيكَ يخفي عنكَ وجهكَ حين يصبحُ مُبْهِجًا لا بدَّ من سببٍ لهذا الإعتقادِ بأنَّ أسماءَ الفصولِ تذوبُ أسرعَ مثلما ثلجٌ ويجري ماؤها حِبْرًا بلونِ ثيابنا وتشققتْ ياقاتُ قمصانِ الظهيرةِ عن رقابِ الراكضينَ وراءَ أسرابِ الزرازيرِ السريعةِ وانثنيتُ على خيالي باحثًا عن بعض...
لكيلا تنتظرْ شعر: علاء نعيم الغول بيني وبينكَ أيها القلبُ اعترافاتٌ على ورقٍ وماءٍ مرةً أخرى على خزفٍ وأقمشةٍ فهل تذكرْ وما بيني وبين فراشتي وعدٌ بحجمِ الليلِ في تشرينَ والمطرِ الطويلِ على نوافذنا فلا تُنكِرْ سيأتي فجأةً حبٌّ على أنقاضِ ذاكرةٍ توانت في انتشالي من فراغٍ ما فلا تقبلْ ودعنا...
في لحظةٍ لا شيءَ يبقى ربما لا شيءَ ينفعُ للرجوعِ إلى الوراءِ للحظةٍ وأنا وأنتِ مسافرانِ على طريقٍ كان ممتدَّا بما يكفي ليأخذَنا وليس هناكَ شيءٌ قد يعيقُ لقاءَنا فتهيأي لمدينةٍ أخرى تناسبنا بعيدًا مثلما المدنُ التي كانت على دربِ الحريرِ وفي الحكاياتِ القديمةِ أنتِ لي سفري وفاتحةُ النداءِ...
أشياءُ أخرى إنها أشياؤنا الأولى ولحظاتُ التأني في اختيارِ علاقةٍ فيها الكثيرُ من التفاؤلِ لا يحقُّ لكلِّ هذا الوقتِ أنْ يُبقي على حلمي بعيدًا عن مساءلةِ الضميرِ هي الحياةُ كما نراها أو أراها أشتهي فيها البقاءَ إلى النهايةِ والنهاياتُ التي عرفَ النهارُ هي البداياتُ التي كتبَ المساءُ أحبُّ...
مفتاحُ صندوقي القديمِ فقدتهُ في النهرِ مراتٍ أراهُ متى يكونُ النهرُ ميْتًا هادئًا لكنه في القاعِ يلمعُ باردًا والنهرُ صافٍ في الظهيرةِ دائمًا أو هكذا سيكونُ صندوقي كبيرٌ فجأةً يبدو أمامي في خضمِّ الموجِ يقذفهُ كما السفنُ التي غرقتُ وطوَّاها الزمنْ في مرةٍ أيامَ كنتُ كطائرِ الدوريِّ شاهدتُ...
ولا تُطِلْ نظرًا إليَّ أنا القديمُ ولا أفكرُ والقريبُ ولا أنامُ أتيتُ منكَ ولم تكنْ يومًا بريئًا مِتَّ فيَّ ولستُ أدري كم بلغنا الآن من عمرٍ وكذبنا معًا وعدًا صحيحًا والجريءُ أنا كرائحةِ النبيذِ وصادقٌ كفراشةٍ حمراءَ أفشيتُ الوداعَ وخنتُ أوراقي بأنْ أبقيتها والنارُ كانت تنتظرْ إذ جئتُ من...
شيءٌ بعيدٌ ربما الشيءُ الذي فكرتُ فيهِ من البدايةِ لستُ أعرفُ ما يكونُ وليس في وسعي التخلي عنه ذاك الشيءُ جوهرُ رغبتي في أن أظلَّ مهيأً لمغامراتي والهوى وتطلعاتي والحياةِ تأملاتي والكتابةِ عن ظروفِ الحربِ والفوضى وما فعلت نساءُ الحيِّ حين اجتاحَ نصفُ الجندِ شرقَ مدينتي وقفلتُ نافذتي قليلًا...
مدينةٌ هذي المدينةُ لي وكنا نعرفُ التاريخَ أعرفُها وتذكرني مرارًا في متونِ المنجزينَ لما أرادوا فعلهُ وأرى مداخلها الكثيرةَ مثلما قرصٌ يدورُ وأشتهي ألا أغادرها ولكنْ مرةً أخرى سأتركها وأرجعُ للرحيلِ وللجميلِ من الأماكنِ أيها البحرُ القريبُ جمعتُ أنفاسي وأسمائي وجئتُ إليكَ كي تختارَ لي وقتًا...
ما زالَ شارعُنا طويلًا بل يطولُ وصار أبعدَ من نهاياتِ الكرومِ وأطولِ السرواتِ كم أمشي وظلي يستعدُّ ليقطعَ الشارعْ مرارًا كنتُ أسحبهُ برفقٍ كي تمرَّ المركباتُ وشاحناتُ الرملِ قبل مساسهِ بدخانها وهديرها ما زلتُ أبحثُ في المدينةِ عن طريقٍ مختَصَرْ أشياءُ أخرى في الحياةِ وتستحقُّ البحثَ عنها...
أنتِ انتظاري واعتصارُ الجفنِ لي في ناظريكِ مسافةٌ وعليَّ ضبطُ القلبِ تفخيخُ الرسالةِ بالسؤالِ إليكِ أرسلها الطيورَ بفرحتي ومن الحقولِ تجيءُ رائحةُ الطريقِ وبيننا ما كان يمكنُ أن يكونَ وفي الذي قلناهُ أكثرَ هكذا تستوطنُ الأحلامُ آهاتي وصوتَكِ هكذا تتفرغُ الدنيا لتنسيقِ الحديقةِ والشتاءُ...
على ذمةِ النومْ شعر: علاء نعيم الغول وصحوتُ مبتسمًا جميلاً قابلًا لأقولَ إني كنتُ في حلمٍ خرافيٍّ طويلٍ مع حبيبتيَ الجميلةِ لا تسلني ما جرى في الحلمِ طبعًا ليس من حقي التصرفُ في التفاصيلِ التي حدثتْ فقط كنا معًا وشعرتُ ألا فرقَ بل في النومِ نختصرُ الكثيرَ من الذي في الصحوِ أجملُ ما...
نصوصٌ تريدكَ واضحًا شعر: علاء نعيم الغول هو قلبُكَ الماضي إلى أبعادهِ الأولى ثنائياتُ هذي الروحِ أيامٌ وبحرٌ غرفةٌ والنافذةْ مطرٌ صباحيٌ ورائحةُ النهارِ ثنائياتُ قلبي غيرتْ معنى البقاءِ على حدودِ الأمنياتِ وما افترضنا أنهُ سيظلُّ حتى يبدأَ الصيفُ الجميلُ ورحلةُ الفرحِ القديمةِ في مخيلتي...

هذا الملف

نصوص
239
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى