لؤي حمزة عباس

نزلت، (هي) من على نقالتها ذات القماش السميك قبل وقت غير محدد، كانت يدها مسدلة بأصابعها المفتوحة مثل مروحة صينية بلا نقوش تهتز باندفاع بندولي، وكان الرأس ينوء مثقلا الحادة، ماسحة مع اندفاعة النقالة دفء الوجوه المنطبعة على نثار الوسائد، وآخر العلامات،، بملامحها المتصلبة كذراع نقالة بارد. حركة...
كان هناك رجل يخرج من منزله كل صباح في حوالى السادسة، أو السادسة والنصف، بعد أن يحلق ذقنه وينقّط على راحة يده قطرات من كولونيا كثيفة ذهبية اللون، يمسح بها على خديه فيشعر بلذوعتها، ويعيش رائحة الليمون الخفيفة، ومع اللذوعة وأنفاس العطر يُحسُّ بأنه يمرّ في جوار بستان فاكهة يبدد رائحتَه الهواء. يرتدي...
كان مسكوناً بما تخيلته السيدة من جرائم، وبالطرق المحكمة التي أدارت بها جرائمها، كأن الجريمة، بالنسبة لها، قلب العالم، جوهره الخفي الذي لا يُحسن أحد سواها التعامل معه بما يستحق من مهارة وشغف، في كل كتاب لها جريمة ولكل جريمة طريقة تنفيذ دقيقة متقنة، ولطالما أدهشته قدرتها على تدبير القتل وابتكار...
هنا الباصات مرقّمة، لكلٍ منها رقم، ولكل رقم اتجاه محدد، الرقم (3) ينطلق من (الباب المعظم)، تذكّر ذلك، وينتهي في (ساحة الفتح)، وهو يشبه بذلك الرقم (4) الذي ينطلق من (الميدان) لينتهي في (ساحة الفتح) أيضًا، وقد ترى أن الاختلاف بينهما يصبّ في نقطتي انطلاقهما، لكن من الضروري وأنت تفكّر بطريقة منطقية...
لم أعد أذكر المرّة الأولي التي أنتبهت فيها لوجوده محلّقاً فوق رأسي،يقترب أحياناً من أذني ثم ينقطع عن الحركة كأنه يهمس بشيء ما يخص قناديل البحر،ولم يعد بإمكاني التصديق بأنني كنت حراً ذات يوم، بلا قنديل بحر.في المساء بعد عودتي إلي المنزل يبتعد قليلاً من دون أن يتركني أغيب عنه، يستقر أعلي الثلاجة...
بين مهن كثيرة زاولتها في حياتي، عملت، مرّةً، حامل مظلة، أقف في كشك زجاجي مكيّف، أصغر من أكشاك شرطة المرور وأكثر نظافة، إلى جانب بوابة احد الفنادق الكبيرة، ما أن تُقبل سيارة حتى أهرع فاتحاً مظلتي قبل أن يضع القادم، أياً كان، قدميه على الرصيف وأصحبه حتى مدخل الفندق. المسافة القصيرة بين الرصيف...
بعد منتصف الليل بقليل، عند خروجه من محطة الوقود، وهو الوقت الذي يفضل فيه إطفاء راديو السيارة والإنقطاع عن التحدث مع نفسه، رأي تمساحاً يقطع الشارع الخالي بخطوات ثقيلة، كان كعادته قد أنزل زجاج النوافذ وأسلم نفسه لهواء منتصف الليل وهو يسير في الشوارع الخالية، بضوء مصباحي السيارة يحفر الظلام متوغلاً...

هذا الملف

نصوص
7
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى