هدى الدَّغّاري

أعضّ اصابعي، اتمعّن في السّقف وصورة جدّي تحت الثّلج تُشعرني ببرودة في مفاصلي أنكمش تحت غطائي الصّوفيٍّ وبركْلة من قدميَّ تتبعثر الرّوايات حوْلي وتقفز منها أشجان وأشجار دِفلى وغرفة بائسة في حيّ مهجور أغمض عينيّ ؤافتحهما انين ياتي من باب موارب تتبعه موسيقى ناي حزين وصفير ريح... جدّي المحبوس في...
كانوا يتبادلون التّحايا العابرة وكانتْ في ذلكَ الرّكْنِ القصِيِّ، تغْرقُ في معزوفة الكمنْجات وفي غفْلة منْها، أوْقَعَ شالُها كوبَ ماء، على بدْلته، تراقصَ دُخانُ سيجارته، وتغامزتْ أصابِعُه على رجْفة صدْرها مدّتْ شالَها، لتُجفّفَ الماءَ المسْكوبَ... عرَّشَ عطْرُهُ على شامةٍ مزروعةٍ على زِنْدها...
صيحة امرأة مذعورة كفأرة أمام فكّيْ قط متنمّر، أولطمة مفاجئة بأنامل مرتعشة على خدّ ذئب ببدلة باريسية أو دجينز، لايهم كلاهما مُهيّأ للتحوّل السريع من انسان رصين إلى حيوان في دورة. شراهته الجنْسيّة! تحرّشٌ مُتحذلق! تحرّش ملفوف بقفازات الحذلقة والنعومة المخادعة! تحرّش مكشوف بلا مقدّمات كنهش في...
موجة حرٍّ، سوف تليها موجات أخرى، أجسادٌ متعثّرة، على حافّة العيْش، وارتياب دائم بأعناق طويلة، وعيون عمياء، شتاتٌ لاهثٌ وفوضى تسكن ركام الوقتِ المساء يترك باب السماء موارباً، لطلّةِ صباحٍ مفاجئة... الصّباح في أوطاننا أطفال يمشّطون شَعر الشّمس فتبتلعهم طائراتهم الورقيّة، فيما الجدّات...
يميل خصْرها بيْن يديْها كلّما نفثت دخان سيجارة؛ تلك اللعوب التي اعتادت بيع الفول أمام الحانة، أكرهها بملْء فمي وهي تُمسك يد مثمول من نوبة غثيان، تراقص آخر على كومة تراب وهو يلحس آخرَ قطرةِ نبيذٍ علقت بعلْبة سردين، أكره نوْبات ضحكها الهستيري، يصيبني مغصُ من اشتعال مفاجئ لقدميْها الصغيرتين، أكرهها...
الصّمتُ حالة من ذهول، ارتجافٌ خفيف، ثباتٌ، يُغرقك في الطبيعة بينما تُنقذك قشّة، عتْمةٌ أو نوْءٌ مفاجئ، وقوفُك على مسافة من ضدّيْن: رأسك تحت شمس حارقة وقدماك في بركة يغطيها الصقيع، جلوسك على كرسيّ صنوبر مذهولاً بمشهد قطع أشجار الغابات... الصّمت ارتباك داخلي في روتينك اليومي: مشيٌ خفيف حتى آخر...

هذا الملف

نصوص
6
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى