محمد أحمد مخلوف

أريد أن أبكي يا ربي ، فأنزل المطر أنزل المطر حتى لا ترى أمي دموعي ، فتبكي معي ... حتى لا يرى أبي دموعي فينهرني حتى لا ترى حبيبتي دموعي فتهجرني ... أنزل المطر يا ربي حتى أغسلني ، حتى أتطهر من ذنوب ما اقترفتها ، أنزل المطر يا ربي لتسقي روحي ، و تنبت فيها الحياة !
نعم تلك الذاكرة العجيبة تسجّل كل شيء ، النظرة الأولى ، الضحكة الأولى ، تلك اللمسات المسروقة من عيون العذّال القبلة الأولى المسفوحة على شفاه العشق ، ذلك القلب المنقوش في جذع الشّجرة ، تلك الوردة المغلّفة بورق السيلوفان... حاملة المفاتيح التي تحمل حرفي اسمينا ، ظروف البريد و طوابعها التي جمعناها...
حين كنت طفلا علّموني أنّ الأولاد لا تبكي فكنت أحبس دموع الحزن في قلبي و أغسل بها تلك النّدوب كل صباح ... كبرت و صرت رجلاً ، و حين أتألّم بقيت بحكم العادة لا أبكي ... و حين فهمت أنّي رجل حزين ، و مع كل ألم صرت أقطّع بصلة فأروي بها عطشي لدمع حبسته لسنين... فدموع الرجال تَدِينُ بانهمارها لا للآلام...
" كيس الأحلام " هي المجموعة القصصية الثانية للشاعر و الناقد و الكاتب التونسي سمير بيّة بعد المجموعة القصصية " إسفلت ناعم " . و قد صدرت في حجم متوسط يضم 125 صفحة عن دار الوطن العربي للنشر و التوزيع في طبعتها الأولى لسنة 2022. لعلّ أوّل ما يقابلنا في الكتاب صورة الغلاف التي هي عبارة عن ظلمة ليل...
جسدي لم يعد يعرفني حتى رائحة العرق تغيّرت فيه ، جميع ندوب الطفولة تشقّقت من جديد ... ذلك الوجه لم يعد وجهي الذي عرفت ، أصابعي أصبحت خشنة كأغصان شجرة فقدت أوراقها و تنتظر الربيع مرة أخرى ، شعري تساقط و لم يبق إلا ّ في منطقة محظورة ذلك اللعين لم يعد يطيل السهر ، صار نائما طول الوقت ، كدجاجة تنتظر...
في العادة أنا رجل فاشل ، فشلت في ترويض قطة تموء كل ليلة بجانبي ، تسرق مني بعض الأمنيات و تلوذ بالفرار ، فشلت في انبات فولة ، وضتعها في أصيص ، و نسيت أن أسقيها ... ذبلت بعد غروب الشمس ! فشلت في دقّ مسمار على الحائط لأعلّق عليه جملة تلك الخيبات المتتابعة في مسار حياتي ، لقد ضربت إصبعي بالمطرقة...
هل نمت ؟ ليس بعد ، فأنا مازلتُ أبحثُ عن حلمي ، مازلت أُمِيلُ مخدّتي لأَعدِلَ رأسي .... أحلامي تحتاج طقوسًا لتَستَرسِل ، تحتاجُ دِفئًا لتنتعش في برد أيامي ! هل حلمت ؟ ليس بعد ، فأنا مازلت مشغولا بتعديل عقارب الرحيل ... مازلت أبحث عن طريق النسيان ! هل استيقظت ؟ ليس بعد ، فأنا بالكاد ... حَلُمت ...
" نسيل الرؤى " هو الإصدار البكر للكاتب التونسي محمد الجدي ، كتاب من الحجم المتوسط و يضم 198 صفحة ، صدر سنة 2021 عن دار الوطن العربي للنشر والتوزيع بتونس ، لوحة الغلاف للفنان رضا عباس الخضراوي ، و هذا الكتاب من النصوص النثرية ( خواطر ) . حين تقرأ نسيل الرؤى لمحمد الجدي تنتابك أسئلة تدغدغ وجدانك...
بحكم العادة صرت أتلذّذ قهوتي الباردة ، صرت أتلذّذ أحزاني الوافدة ... صرت أتلذّذ كتبي المركونة على الرفّ ، صرت أتلذّذ استنشاق غبارها ... صرت أتلذّذ عاداتي الجديدة ، أتفنّن في تطويرها كل يوم جديد ، بحكم العادة صرت أحب ّ أن أطلق ذقني ، صرت أحب ّ أن أتخبّأ وراء أحزاني القديمة ، صرت أحبّ تلك الأشياء...
لو أنّ لي يدين قويّتين ورفعتُ السّماءَ لانْتهى كلُّ شيء في حِينه... الأبوابُ الموصدة النّوافذُ الصّغيرةُ حرّاسُ الشّمس بميدعاتهم الزّرقاء الكلماتُ المنثورةُ باتّجاه البحر... كان اللّيل حين انسللتُ من عينيها وظلّتْ تلاحقني وقعُ قدميها تماما كدقّات قلبي كنّا ثلاثتنا نركض أنا وهي القمر الجالس أعلى...
🇹🇳 عبد الواحد السويّح *نلتقي صباحا أيّتها الشّمس* نلتقي صباحا أيّتها الشّمس لستُ جاهزا لأستلقيَ على ظهري وأراقبَ استهتارَكِ بالكون أنتِ عاديّةٌ جدّا ورتيبةٌ جدّا وعموما، لا يستهويني النّورُ كثيرا فأجملُ الأشياء هي الّتي لا نراهَا دعيني أيّتها الشّمس لديّ...
لم أعد أعرفني ، سألت جسدي القديم أكثر من مرة ، تلك الندوب على جسدي لم تعد تتكلم ، لم أفهم سبب هذا الخرس الذي أصابها ؟! هل برأت ؟ لا أذكر أني داويتها سوى مرة واحدة ، كان ذلك مساء بقارورة mornag * سكبتها داخل جسدي ، طهّرت بها روحي المهترئة ، أحرقت بها ندوبا متجدّدة ، أذكر جيّدا أنّي شرقت بها و...
عبد الواحد السويّح ( تونس ) « طفل » أمارسُ اللّعبَ يوميّا أشتري أحيانا قطعةَ "جارفي" وعلبةَ "شوكولا" أهتمُّ بالحكايات وأغرقُ في القصص القصيرة أفرحُ بملابسِ العيد الجديدة أتبوّلُ أحيانا على سور الملعب أقبّلُ الخبزَ قبل رميه أنظرُ إلى الشّمس كلّما فقدتُ ضرسا وأطلبُ منها ضرسَ غزالٍ أتّكئُ على...
مَعِدة حزينة فوق مكتب أحكمَ إغلاقَ الباب عليّ كنتُ أتفاوضُ معه على معدتي لم يكن الثّمن المقتًرح ليحميَ معد أطفالي الأربعة من الجوع رفضتْ عَرضه في آخر دقيقة غادرني وأحكم إغلاق الباب عليّ تمضي الأيّام وأنا محاصَر يستبدّ بي الجوع لا خيار لي إلاّ أن آكل نفسي بدأتُ بنصفي الأسفل والأيّام تمرّ أكلتُ...
مازلت كالعادة أبحث في التفاصيل الصغيرة ، أبحث بين ثنايا القلب ، عن نبضة أنت فيها ، عن ابتسامة عذبة على شفاهك ترسميها ، عن غمزة من عينك علامة حب لي تبعثيها ، عن قبلة على غيمة العشق لي ترسليها ، عن ذلك الحنين الذي يجمعنا من سنين ، و لم نجد له في كتب العشّاق شبيها ! م. أ. مخلوف ( تونس )

هذا الملف

نصوص
38
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى