وفاء عبدالرزاق

الجو المسائي البارد والهواء الذي يتسرب الي العظام يجعل ركاب الحافلة منكمشين. المسافة من العاصمة إلي قرية أبوالحلوات ، تستغرق ثلاث ساعات في الحافلة. السائق يرتجف رغم شعوره بالسعادة .. لم تسعه السيارة والأرض التي تمشي عليها .. سيعانقها عندما يصل ويقبلها ويستسلم لقهقهات رقيقة تراقص الشفتين...
يلوح في الأفق شكلٌ جديد، بل شيءٌ مغايرٌ لما ألفناه، يحتاج إلى شجاعة منـِّا لمسايرته أو التآلف معه، السطحيون جداً وبخاصة مَن لهم استعداد تام لمشاركة خلاَّط العصير سيعتبرونه أمراً عاديـَّاً وباعثاً للسعادة . هذا الضرب من الكائنات أكثر المخلوقات خبثاً وأكثر حيوانية من حيوان واسع الحيلة، أكثر...
غريبةٌ فيَّ تلك التي تجرُّ الأذيالَ وتشرشبُ أثواب الطرقات تحكي عن الموهومة بالغفران عن أشكال الأرباب ربّ الأسرة، ربّ الدولة وربّ الوهم أني أسبّح بالمصباح! لا ،، هذا جرمٌ بخوري يخترق الزنزانة ويطوف حول الثورة لا،، هذا كفر أعيدي التصحيح ليس بكفر إنَّما لساني بالحقّ جريح طُوّق بالأشواك تشققت كفّاي...
أرفع رأسي أنزعه كقبـَّعة قديمة، أضعه على طاولة الطعام قرب سلـّة الفاكهة، أتركه يتفرج على ألوانها الزاهية، زاهية حقا لأني كل يوم اشتري الفاكهة طازجة والخضار كذلك، أتأمله كيف يدير عينيه عن الفجل، يغمضهما ويعيد تلصصه على خريطة الطاولة. لا يعجبه النوم كما لا تعجبه الراحة ولأنه لم يتركني أهدأ لحظة...

هذا الملف

نصوص
4
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى