ناصر الجاسم

الموت قرين الحياة، الحزن قرين الفرح، الفناء قرين البقاء، بالأثر الحسن والصيت الطيب، هنا في قصة قارع الطبل وطائر الليل نستدعي الخطاب السيميائي في جماليات تلقي هذا النص القصصي، ويجعلنا نتساءل به من منطلق متعة القراءة هل أصبح من الممكن أن نطلق على فن الإبداع القصصي، أنه قد تحول إلى نص تفاعلي متداخل...
قالت العرافة الجوالة الجميلة بعد أن أنزلت صُرّتها من على رأسها وبسطتها وأخرجت لهن الكتاب وفتحته، وقد جلسن أمامها كطالبات علم يسمعن الدرس: سيأتيكن يا بنات طيرُ العرفج، الذي أرى الآن صورته الجميلة في الكتاب، يأتيكن ليلاً في القريب العاجل، وهو في كل ربيع يتبدل لون عينيه من الأسود إلى العسلي إلى...
البيدر مطعون بالسيف.. الأشجار تتيممُ بالغبار.. الأغصان مسامير واقفة.. خراف الأمس الراكضة أضحت بذورًا منثورة.. الطيور الميتة أمست علامات عبور للرحل.. متى تلد الصخور مياه؟ متى يأكل السرو فاكهة ناضجة؟ متى يبني العصفور عشه وتفتح الصغار مناقيرها مناديةً أبويها بزقزقة مخنوقة؟ آه! منذ زمن لم أسمع...
سيروا سيروا المسافة يوم وامرأة، سيروا سيروا وقبل المسير احلبوا نساءكم، وحجروا بناتكم فالمسافة محددة، سيروا سيروا وقبل أن تحزموا أمتعتكم احزموا الليف حول العذوق الخضراء، فالمسافة في قلب واحد وأنتم تحملونه، سيروا سيروا ما زال الديك عند المغيب يجمع الدجاجات ويتمتع بصحة جيدة، والمسافة دنيا داخل...
صباح ممطر بالصخب والوهج نط فجأة على أذني وعيني، استيقظت من نومي واستيقظ معي.. عرفت أنه توأم يشبهني في عادات الأكل والشرب ويذهب إلى الحمام في نفس الوقت الذي أذهب فيه.. قد يكون من صلبي أو قد أكون من سلالته.. طويت فراشي بيدين تحتاجان إلى الحليب، وظهر مشتاق إلى ماء بارد توصله إلى جسدي شبكة من...
عناقيد الخوف تتدلى في القلب الموقوت.. تتزاحم لتفرّ من سجن الألم.. الخفقان يضرب الضلوع ضربات قوية متتابعة.. يريد أن يهشّم القضبان المقوسة ويهمد.. ملّ القلب الخفقان للحظات طويلة.. خفقانه للحب.. للخوف.. للفقد.. للموت.. للجمال المنظور وغير المنظور.. وللموصوف بألسنة الشعراء الكاذبين والمجاهرين...
الحفلة بدأت وبدأ الجو يتعطر معها.. سحابات مكتظة من العطور ترفعها إلى أعلى أصوات المغنيات والدفوف وتسافر في الجو الراقص.. وقفتِ العذراء وسط الساحة تؤدي أجمل الرقصات وعرفتُ بغريزتي التي لا تخطيء أنها البادئة فأخذتُ أحثها: دعي هذا الجسد الذي ينتج العطر يهتز أكثر.. رجي الأرض برقصك وفرغي عطرك على...
عندما يرن هاتفي يحدث أن أرفع السماعة قبل انتهاء أول رنة، أو أركض إليه إذا كنت بعيدًا عنه، أو أخرج من الحمام بمنشفتي والشامبو يحرق عيني ورغوته تجمع شعر رأسي، وأجيب بلهفة: ألو.. ألو.. ألو.. ولا ترد فأعرف أنها مشتاقة لي.. وعندما يرن هاتفها وأخوها ليس في البيت ترفع السماعة بفرح، ويحدث أن تضع...
حشرة الخوف تتكاثر في عروقي.. معبأة بها عظامي.. أتت على مخزون النخاع فيها.. تسايل شوقي للحد المعطر برائحة الدود المتناحر في الثرى.. بدا لي لحمي مطهوًا في محرقة الوجود.. استشعرتُ عقلي يخر أفكاري النجسة كدم دبر.. كانت قواي حديد قبل مولد الحشرة، والآن أقف تحت الماء وأبكي.. أوهم نفسي أن دموعي قطرات...
كل وقت ما يستحي من وقته، فلا الشتاء استحى من الخريف وتراجع، ولا الربيع خجل من الشتاء وتوقف عند الأبواب، ولا الصيف قال للربيع هامسا: سأتأخر قليلا ابق مكاني. فلما دخل الصيف على الناس والنباتات والحيوانات والجمادات دخل بلا استئذان يضيع كل شيء، حتى ماء الأبدان يسفحه على الملابس عرقا نتن الرائحة،...
في البدء: "نكره الخيانة ولكننا نضطر إلى أن نخون" "اللسان حاستنا الباحثة عن الأمان" للمرة السابعة أطوي فراشي وأخرج، أدور في الصيف عن فم امرأة وليس في الشوارع نساء، سبع محاولات انتهت ولم أنم، كنت أتخيل فيها جلد امرأة ينهي يقظتي وجلود الخيال حيوانات شتى تملأ رأسي، رأسي الحامل كبريائي لم يعد يحمل...
المنطلقات الفكرية للقص : تأتي الكتابة القصصية عند فاطمة الرومي إيماناً بحتمية التغيير في البناء الفكري والسلوكي للرجل الشرقي ( السعودي خاصة ) ، وجهاداً أنثوياً معلناً على سلطة ذكورية عتيقة ، سلطة جاهلية موروثة ، سلطة تحرص قبيلة الذكورة على تعليمها لأجيالها حتى لا تموت الذكورة في الأنوثة أو تصبح...
أمشي وجمر سجائري يثقب بُردة الليل المسبولة على كل الكائنات.. التبغ يدفئ صدري والبرد يعضّ أصابع قدميّ.. الهواء المرسل من خلفي يشدّ ذيل ثوبي إلى أعلى.. اصطدمتْ قدماي بحجر فسلخ بعض جلدها.. الجرح مؤلم جدا في الليل البارد.. ما بين المقبرة والمستنقع أمشي وبيني وبين العيون حجاب كثيف، قول شافي المرهق...
في البدء: لكي نتحرر من عقدنا ، ومرجعيتنا الثقافية الخاطئة القاسية ، يجب أن تتنفس في دمائنا بشكل طبيعي إمرأة من جهة أخرى . الصباح وجه امرأة من الشام ، ووجهي فيه وجه راع في صحراء الدهناء ، ووجهها القروي الأسمر في شمال الأحساء ينطفيء ، ووجه الرفيق شافي مفجوع دائمًا ، يترسبُ فيه حزن حمائم بيضاء ،...
الموت يتنقل بين الأسِرّة.. يقفُ على النوافذ.. يختبئ خلف الستائر.. يسخرُ من وراء نظارات الأطباء.. يطل من ثقب الباب.. يأمر بفتحه في أي وقت يشاء.. كل شيء يوحي بالنهاية إلا وجه البيضاء الذي يجري فيه الماء.. طبيب التخدير بوجهه الممزق لا يأتي إلا وحقنة الراحة توازي أنفه.. يقيسُ الكمية المعطاة بعينه...

هذا الملف

نصوص
105
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى