علي البدر

- أمك! - أمي. ما بها؟ - - لا أطيقها. لا أحب نظراتها. بصراحة.. أنا أكرهها ولا أريد رؤيتها. لن أتزوجكَ ما دامت موجودة ً. إما هي أو أنا. عليك أن تختار. سأفسخ الخطوبة وأنا مصرة على قراري. أتركها. نحن في بداية حياتنا وهي في أخر العمر. لقد أخذت من الحياة ما يكفي ويبدو أنها مسيطرة عليك لأنك ضعيف ال...
ينهض من فراشه كل يوم متوجهاً الى عمله.يغادر ساحة أم البروم بعد تناول وجبة متواضعة من الشوربة الحارة مع رغيف خبز بارد يدفعه دفعاً بسبابته اليسرى أحياناً، أو البيض المقلي بدهن الحر أحياناً أخرى. عشرات من الباعة مع عرباتهم الشبيهة بمطاعم شعبية متنقلة، انهمكوا بمداراة زبائنهم المعتادين. مدّ خليل يده...
لحظاتٌ متسارعةٌ تمر وربما من أجمل وأسعد اللحظات سحبني برفق أول مرة تلتها سحبات لافتة. إنحنيت قليلًا. إصرارًا ممزوجًا بتوسل أثار استغرابنا، لمحته على وجهه. - ببيبيتي تسلم عليكم عمو وتريدكم . اليوم غدانه سمج. فدوه عمو. حبوبي عمو لازم تجونّ. والذي زاد استغرابي إعادة توسلاته باللهجة الخليجية وكأنه...
وبعد أن جاء دوري عقب انتظار ممل، دخلنا سوية. حدق بوجهي بأمعان مشوب بتساؤل. - هل تعرفه؟ - بالتأكيد. نحن كالأخوه منذ طقولتنا. - ولكن! - ولكن ماذا؟ - هويتك. بحاجة إلى صحة صدور. - ألهذه الدرجة يثير شكلي الريبة يا أستاذ؟ - عفوا. هذا لمصلحتكما. - محافظتي بعيدة والوقت يحاصرنا و.... - التعليمات تحتم...
- صُوَرُكَ تملأ الصحف وأنت في بداياتك. - تفاؤلكِ أحبه. يوقد ناراً وسط ناري.. - طموحُكَ! - مابه يا زوجتي؟ - قد ينهيكَ أو.. يقتلك. - غريب. كلام لمْ أسمعْهُ منكِ. - أخاف عليك من الفشل والإحباط. أراك حائرًا وربما تائهًا وأنت وسط طوق بشري يحميك وخدم يصعب عدهم يداريك وسيلُ أموالٍ جارفٍ وأنتَ.... -...
"إلى من حملك بيوم مطير .. الى الإنسان علي ألسبتي " كعادته ، كان منشغلا بشيء ما حولة .. هذا طفل يحدق في عينيه، و آخر يركز على أذنيه و ثالث يتعجب للحذاء الكبير الذي يلبسه. و هناك طفل تسلق صدره ماسكا بيده اليسرى الطرف السفلي لربطة العنق العريضة و بالأخرى كتابا مندسا بجيب معطفه المتهدل ،...
ماذا دهاك أيها النحس؟ أقلب صفحاتك واتمعن بكلماتك وأنت تربطني بعقود أكلت ولازالت تلتهم سنيني. صوت ينعكس صداه في أعماقي ويأبى فراقي لكنني لم أتعود عليه. لا أحبه رغم أنه صوت إنسانة أحبها. - لم يمض إلا شهر واحد على صرختك الأولى لنتفاجأ بموت أبيك وبعد أسبوعين من موته دهست سيارة مسرعة أخيك. ولن تمضي...
ولم أعتد بقائي تحت الشمس المحرقة لساعات كل يوم متنقلًا بين السيارات، متوسلًا وعلامات اليأس والذل مرسومةً على وجهي. يائسًا أرجع لبيتي أحيانًا وفرحًا مهرولًا تارة اخرى وأنا أطوق بذراعي أمي واضع خدي على صدرها لأشعر بأمان ضاع مني وسط الزحام، لكن الذلَّ الذي يلازمني يأبى أن يزولَ او على الأقل أنساه...
أرضكَ أنا يا حبيبي وبها أرضَعَتْكَ الأمُّ وهزَّت مهدكَ في الليل والنهار وانتَ طفلٌ تنظرُ لِعَينَيَّ في السماء وصوتي اليكَ يصدحُ في الآفاق وأنفاسي تدخلُ صدرَكَ تُدفِئُكَ، تُهّدِّئُكَ، تمنَحكَ الأمان وتخشى عليكَ مِن غَدرِ الظلام وغُربةٍ يَهابُ من قَسوتِها الزمان لكنَّ الأيامَ حُزنًا بَكتْ لأجلِ...
أمنية لم تتحقق... إن يعود ويلثم الثرى ويعانق الشجر... أن يَكتُبَ اللهُ ليَ العودةَ إلى العراق فَسَوفَ ألثُمُ الثرى، أعانقُ الشَّجر أصيحُ بالبَشَر: " يا أرج الجنةِ، يا أخوةَ يارِفاق، الحسنُ البصريُّ جابَ أرضَ واق واق ولندنَ الحديدِ والصَّخَر، فما رَأى أحسنَ عَيشاً مِنه في العراق" قصيدة "العودة"...
بمناسبة مرور 57 عامًا على وفاة الشاعر بدر شاكر السياب شعور بالتقصير يراودني بين آن واخر. ياترى.. هل بسبب عدم زيارته؟ أجل أجل.. ربما، فإنني فارقته ولم اسأل عنه أو أمر قريبا منه. إنقضت ساعات الليل ثقيلةً. لأغادر الان. لابد أن أراه وأذكِّره بتلك الأيام التي نتسابق فيها لصعود نخل البرحي والمكتوم...
قصتي مع السياب.. ((بجهودي المتواضعة أحاول تكريس كتاباتي إلى حبيبنا بدر شاكر السياب ولمدة شهر. علي البدر)) الحلقة (1) أيامٌ وذكرى رحيلِكَ ياسيابُ بيننا كأنَّ طفلًا باتَ يهذي قبل أن ينام بأن أمَّه التي أفاق منذ عام فلم يجدها، ثم حين لجّ في السؤال قالوا له: بعد غدٍ تعود .. لابد أن تعود وإن تهامس...
عُيونٌ عُيون في كلِّ شارعٍ وزُقاقٍ ودار هنا يضحكُ النَّهار ويلعبُ الصغار مع أَشرعةِ السِّندِبادِ يُبحرون وتحتَ الشَّناشيلِ يلعبون وفي جَيكورَ* يسبحون وتُصَفِّقُ النساءُ مع كركراتِ الاطفالِ وينهضُ السيَّابُ مُلَوِّحًا هنا يهطلُ المَطَر مطر. مطر. مطر... فينقلُ المطرُ.. ضحكاتِكِ يا بغداد ويُرتِّلُ...
لحظاتٌ ثقيلةٌ اختلط فيها الليلُ مع النهار. أُسبوعان وكأنهما دهور. أكثر من عشرين رفيقًا حُشِرنا، وها أنا الان وحدي، وُبُّت أُمَيِّزُهُم فقط من صراخهم وتأوهات التعذيب. ذلك الباب الحديدى.. كم أكرهه وكم اشتاق إلى باب بيتي وصوت المزلاج عند دورة مفتاحه. زوجتي واطفالي.. ما أحلى كركراتهم ونظراتها...
الى الغائب الحاضر.. الى محمد اليعقوب ((لم يَكُنْ لَدَينا شيءٌ لِنَنساهُ لأَننا نُحِبُّكُم)) وهكذا انتشر عشرات البحارة على ساحل الخليج العربي حيث راح أحدهم يصلح قاربه الصغير الذي تاكلت بعض أخشابه واستعد لاستبدال مزيد منها، بعد أن جلبها البحارة من الهند أو من الغابات الأفريقية المختلفة لتطلى...

هذا الملف

نصوص
19
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى