ابن الزيات

لَم يَزِدني العَذلُ إِلَّا وَلَعا ضَرني أَكثَرُ مِمّا نَفَعا ذَهَبَت بِالقَلبِ عَينٌ نَظَرَت لَيتَها كانَت وَإِيّاهُ مَعا أَو بَراها الشَّوقُ حَتّى لا تَرى حَتفَها يالَيتَ قَلبي رَجَعا كُلّ يَومٍ لِيَ مِنهُ آفَةٌ تَرَكَتني لِلهَوى مُتَّبِعا
صَغيرُ هَواكَ عَذَّبَني فَكَيفَ بِهِ إِذا اِحتَنَكا وَأَنتَ جَمَعتَ مِن قَلبي هَوىً قَد كانَ مُشتَرِكا وَحَبسُ رِضاكَ يَقتُلُني وَقَتلي لا يَحِلُّ لَكا أَما تَرثي لِمُكتَئِبٍ إِذا ضَحِكَ الحَزينُ بَكى
سَقامي في تَقَلُّب مُقلَتَيكا وَبُرئي في رُضابِ ثَنِيَّتيكا وَحُسنُ مَحاسِن الدُّنيا جَميعاً يَلوحُ لِناظِري في وَجنَتَيكا إِذا عَذَّبتني فَجَعَلتَ حَظّي بِأَنّي قَد أَموتُ فَما عَلَيكا وَدَعني لا يَهُمُّكَ ما بِجِسمي وَلا أَشكو الهَوى أَبَداً إِلَيكا
قَد كُنتُ أَبكي عَلى مَن فاتَ مِن سَلَفي وَأَهلُ وُدِّي جَميعاً غَيرُ أَشتاتِ فَاليَومَ إِذ فَرَّقَت بَيني وَبَينَهُم نَوىً بَكيتُ عَلى أَهلِ الموَدَّاتِ ماذا حَياةُ اِمرِئٍ أَضحَت مَنيتُهُ مَقسومَةٌ بَينَ أَحياءٍ وَأَمواتِ
دَعا شَجوى دُموعَ العَينِ مِنِّي فَبادَرتِ الدُّموعُ عَلى ثِيابي وَقالَ القَلبُ سَمعُكَ ساقَ حَتفي عَلى عَمدٍ وَأَغرَقَ في عَذابي فَقالَت سَمعُكَ الجاني هَلاكي بِأَغلَظَ ما يَكونُ مِنَ العِقابِ وَلا تَغفَل فَتفقِدني فَأَبقى بِلا قَلبٍ إِلى يَومِ الحِسابِ فَإِنِّي بَينَ أَطيافِ المَنايا مُقيمٌ...
نَم فَقَد وَكَّلتَ بي الأَرقا لاهِياً بُعداً لِمَن عَشِقا إِنَّما أَبقيتَ من بَدَني شَبَحاً غَيرَ الَّذي خُلِقا وَفَتىً ناداكَ مِن كُرَب أَسعَرت أَحشاءَهُ حُرقا غَرِقَت في الدَّمعِ مُقلَتُهُ فَدَعا إِنسانَها الغَرقا ما لمن تَمَّت مَحاسِنُهُ أَن يُعاطي طَرفَ من عَشِقا لَكَ أَن تُبدي لَنا حُسناً...

هذا الملف

نصوص
6
آخر تحديث
أعلى