رزان نعيم المغربي

عدت منذ قليل ، بعد أن خرجت اتقفى اثر الغناء والموسيقا في محيط البيت .. لم أكن على يقين أن الحفلة في مكان عام، سألت طارق هل تسمع صوت الغناء؟ أجابني دون اهتمام : الجيران كما العادة! كان الوقت يقارب الساعة السابعة مساء، ونحن في شهر سبتمبر ، لم يزل الطقس يستعير من الصيف دفئه ، وأنا جالسة امام جهاز...
كان حضورك سخياً، فصار لطعم اللقاء الأول نكهة سرية غامضة، فاستبدني الحلم حينما راودتني فكرة الوقوع بالحب من أول نظرة! فيما بعد، أتت مواسم الغياب سريعاً، وقررت أن منذ تلك اللحظة وكلما كتبتك على أوراقي، سأكتب فيما بعد، وعندما يهاجمني البوح سأقول- فيما بعد! وكل غفلة مني يداهمني الشوق فيها إليك لابد...
عندما ندخل منطقة التغطية الكاملة للروح، لابد أن نتوارد هواتف الشوق، ولأن الحب ليس تعويضاً عن الأماكن الشاغرة في حياتنا، الحب الذي لا تشوبه تلك الأشياء، مثل الشك والخوف والريبة ن يبقى حباَ نقياً، يحمل معه شهادة ضمانة مدى الحياة. ألا يكفي هذا ليكون تفسيرً لكل الإشارات الغامضة التي دفعتني لأتقدم...
لأن ما يحدث الآن ليس صدفة ساقها الزمن الضائع إلي، ولأنك لم تكن طيراً حراً يحط في الأمكنة التي يشاء… لأننا من خلف الوجوه وفي المدن الضائعة الغريبة التقينا، رياحاً تقابل عاصفة.. وناراً مشتعلة تتوارى خلف توهج أخرى.. كان لابد أن نتخطى المسافات.. ونبدأ بتخطيط مدينة على قياسنا تحمل رائحتنا.. فتحت لك...
(1) الوحدة غدت وحشاً خرافياً، يتمدد في فضاء غرفتي، لا أحد ،لا هاتف،نحن في مدينة واحدة، لكن المسافات بيننا تتبعثر دون بوصلة تهدينا إلى لقاء آمن! – هل هذا كل ما تبقى لي؟ أو أن ما تخبئه لنا الأيام أجمل؟ لتنسينا هذه الخيبات المتلاحقة ؟ أسئلة تطاردني، وتستفزني للالتصاق بجمرات الذاكرة، المزروعة...
كل الأشياء التي تزعجنا نعتادها في نهاية الأمر بعد التكرار، هذا بالضبط ما خطر لي وأنا أعد له فنجان القهوة قبل ذهابي إلى الفراش، ليرفع سماعة الهاتف ويبدأ مسامرة صديقه. كنت في المطبخ، أتأمل ماء القهوة السميك وهو يتقلب ويخرج فقاعة كبيرة قبل أن يغلي ويفور، ضجراً من نار الموقد الحامية، كما ضجرت أنا...
ما لها تلك العصافير الملونة هجرت نافذتي الصغيرة؟ لم تعد تتقافز مغردة فوق أغصان الشجرة المقابلة. كنتُ، في نهايات الربيع وأوائل الصيف حين تخضر وريقات الشجرة رويداً رويداً، أراقبها بعيني مرّة وبعدستي مرّة أخرى. ثم ما لبثت الشجرة أن حملت ثمارًا تشبه العنب البري، بزغت بلونها الأخضر الذي أخذ يتدرج...
الحقيبة تتأبط متاعي، ساكنة بغير ملل قريبة من المدخل، وأنا في جلستي على آخر كرسي في الصالة وقريبا منها مازلت أتأبط انتظاري الممل! كان شوقي لرؤيته قبل الرحيل؛ لا تضاهيها سوى رغبتي في بقائه مستسلما لنوم عميق ،حتى يحين موعد سفري وارحل دون وداعه! الآن فقط،أدركت مدى تعلقي بهذا الرجل والذي قبل ثلاثة...

هذا الملف

نصوص
8
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى