منذ ربع قرن مات أبى فى عصر يوم كانت تقف فيه أمى أمام مرآة دولاب عرسها. تضفر شعرها الطويل اللامع، بالكحل ترسم عينيها، فتضحك نضارة وجهها المستدير، وسنتها الذهبية، تضحك حنة العرس فى يديها … فى لحظة خاطفة خبطت المرآة فانشرح الوجه الضاحك، وفى اليد أخلطت حنة العرس بدم الجرح.. وفى لحظة تالية شدت شعرها فانفكت الضفائر ودفنت لمعتها فى رماد الفرن… مفزوعة جرت وراء النعش الطائر فوق أكتاف الرجال ورمت نفسها فى القبر المجهز، وحين أزاحوها ودفنوه بالتراب زاد صراخها، وتخبطت بالجدران، وصدور المعزين.. وواصلت...
بسبب طولها الشاهق لم تتمكن الكاميرا من التقاط صورة كاملة لها . فلجأت لتصوير انعكاس صورتها علي صفحة النيل . كانت فارعة ترفع رأسها عاليا وكأمرأة فاتنة شامخة تعرف كيف تبرز كنوزها وتحميها كانت النخلة تدلي بلحها الناضج المكتنز من بين سلاء الجريد الحادة . وضعت الصورة علي صفحتي علي فيس بوك و كتبت: قريتي هي النخل . وأضفت . ثمة نخلة تقف علي حافة نيل قريتي عاصرت ثلاثة أو أربعة أجيال من أفراد قبيلتي حتي صار بلحها يتوزع وفق شريعة التوريث علي مايقرب من نصف بيوت القبيلة ....