أقف نافراً أمامه، أيها السيد أنا غاضب، ومزاجي سيء جدا ووجودنا في هذا الوضع يشكل خطرا علينا نحن أعني الإثنين أنا وأنت فقط، ها أنت قد أغاظكَ خطابي ولجأت إلى تصنع الضحك الكاذب، كلما ادعيتَ أمراً فَنّدَتْهُ الوقائعُ فأنت الذي كنتَ تبحثُ عنّي وما بحثتُ عنك يوما، جلستَ تخططُ بخبثٍ وتهرفُ ليلَ نهار تذل نفسك لكل متكبر وتستسيغ الصَغارَ من أجلِ أن تعثرَ عليَّ وإنْ تَعَثّرَتْ خُطاك وإنْ ملأَ أنفَكَ الترابُ ويومَ حصلتَ علي ّ ووضعتني في جيبك، مع الكثير من أمثالي، أسكتت رائحة جيبك رنيني ورنين الصحب معي،...
ان اهمية توظيف الرمز, من اجل اضافة مساحات واسعة للقيمة الفكرية للنص القصصي, واعطاءه رؤية ديناميكية تفجر دواخل النص الى الظاهر العام, في لجة اثارة جملة من التساؤلات, واشغال الذهن في عملية تفكيك المغزى الرمز الايحائي, الذي نسج خيوط القصة, في لغة الرمز التعبيرية, المستلة من صلب الواقع, وفي عملية مشاركة القارئ في حل معطيات ومكونات الحدث او ومضمون او عقدة القصة, يعني الغاية المرسومة, هي ان يبادر في اشغال العقل في البحث, في محاولة فهم الجوهر الاساسي والحقيقي لمعطيات الرمز المرسوم داخل القصة, لاشك...
(قد يكونُ هذا العالم جحيمُ عالمٍ آخرَ….ألدوس هكسلي) كان الوقتُ عصراً أو ضحىً ، لستُ أكيداً، الوقتُ تشابهَ عليَّ كتشابه البقر على قوم موسى ،غيابٌ تامٌ لقرص الشمسِ التي لم تبخلْ بذيولِ ضيائها الشاحبِ ،لم أكنْ متسكعاً ، كنتُ أقصد ذلك االمكان الذي يشبهُ صندوقا كبيرا وكأنني قد قررتُ الأمرَ سَلَفاً، دلفتُ إلى الداخلِ على يميني وعلى يساري عضّادتا الباب الضخمتان من خشب البلوط ، أعرفُهُ جيداً ذلكَ النوعُ منَ الخشبِ كان لجدتي صندوقاً منه يوماً ما، تُخفي فيه أسرارَها وكنتُ أتلذذُ بشمِّ رائحةِ خشبِهِ...
(يمكنُ أنْ تكونَ الضحيةُ إنساناً أو شعباً أو بلداً ويمكنُ أن يكونَ المجرمُ إنساناً أو حاكماً طاغياً أو جيشَ بلدٍ مُستعمِراً غاشماً) أفاقَ(ع) وركامُ الظلامِ يحيطُ بهِ إحاطةَ موجٍ بغريقٍ، يداهُ ورجلاهُ موثقتان برباقٍ كالذي تستخدمه جيوشُ هذا العصرِ في أسرِ ضحاياها، عَلِمَ ذلك حين حاولَ أن يفعلَ شيئا ولكن عبثا كانت محاولتُه، لا أملَ في أن يُفكَ وثاقـَهُ المصنوعَ من هذه الربقةِ القوية، الزمنُ يمر ببطىء شديد، اللحظةُ مثلُ دهرٍ تمرعليه ألقيَ في هذا المكان المظلم إلا من ثقب صغير في زاوية السقف...
بَينما كُنا جميعاً غافلين نعيشُ في القريةِ التي اختارها آسلافـُنا من قبلُ بطريقةٍ تشبه الحلمَ،حدثَ ذلكَ بغتةً ففيما يُذكرُ عن الذين مضوا أن رؤوسَ الرجالِ والنساءِ الذين أتوا يبحثون عن جنةٍ صغيرة كانت تراودُهم خيالاً بين تلافيف أدمغتهم، تلك الرؤوس قد امتلأتْ بما حولها حتى كَفرَتْ بلونِ الصحراءَ الأصفرِ ولونِ رمالها المرقـَّشةِ بآثاردبيبِ السالكينَ عليها رغمَ اختلافِ ماتركوا من آثارٍ إلا أنـّهمُ جميعاً يتشاركونَ الرمالَ ذاتـَها، كانتِ الحربُ سجالاً بين الناسِ في تلكَ الفيافي رغم وفرتها ومع أنه...
(إذا ماتَ الضميرُ وُلـِدَ المِسخُ) كانَ كلُّ شيءٍ عادياً عندما خلدتُ للنومِ والكتابُ آخرَ ما كنتُ أنظرُ أليه دون تركيزٍ إذ أن هذا الكتاب قد أدمنتُ قرائته فكلما نويتُ النومَ سريعاً، شرعتُ بقرائته، فعلتُ ذلك للمرة الألف ربما ولم أكمل من قرائته غير عشرين صفحة، حالما أتمدد على سريري و أبدأ بقرائته تنتابني حالة ٌ من النعاس الشديد ربما لأنه يتكلم عن أهواء الإنسان ونوازعه ومجمل الأمور التي تتعلق بما تحت الوعي وما فوقه بإسلوبٍ غاية في التعقيدِ وبعد أن فتحتُ شدقيّ على اتساعهما وتثائبتُ أطفأتُ النورَ...
منذ ستةِ شهورٍ والأقفاصُ على حالها لم تحركْها يدٌ غريبة ٌ أنا فقط من يمد لها يدَ العناية ِعندما أمرر عليها فرشاة َ الريش ِ لأزيلَ ما تراكم َ فوقها من غبارٍ وليظهرَ عليها قليلٌ من لمعٍ قديمٍ لم يبقَ منه إلا ذكراه فأخبارُ انتشار سلالة ِ (الفيروس) الربيعي لأنفلونزا الطيور لم تبقِ مجالا ً لتأخير الكارثة ولابد من تذكر أن السلالةَ الشتويةَ لم تنجحْ تماماً بحملِ الناسِ على الإقلاع نهائيا عن الحب وطيوره الجميلة إذ حالما ينتهي شتاء ٌباردٌ ينكصون مرة أخرى إلى حنينهم لطيور الحب يزجونها بأقفاصٍ بمزايا...
اجتمعَ الناسُ في ساحةِ المدينةِ خلفَ السوقِ وقد أَخَذَهمُ الذهولُ، الناسُ المحترمون فاجأهم نهيقٌ متصلٌ لحمارٍ يتسكعُ هناك مع حمارين يشبهانهُ تماما، كان الوحيدُ من بين تلك الحُمُر ينهقُ بينما كان الإثنان الآخران يرمّان ما يلفظهُ السوق بشراهة صامتين وكأنهما في سباق، ظلّ الحمارُ ينهقُ منذ صياحِ الديكِ، الذي أخرسَهُ النهيقُ مقاطعاً صَلاتَهُ الصباحية، لاحظ ذلك الناسُ المحترمون وعدّوهُ صَلفَاً من جهةِ الحمار وذلك محتمَلٌ، الحمير تفعلُ ذلك أحياناً ولكن لوقتٍ قصير، بقيَ الحمارُ ينهق بينما انهتِ...
ساءتْ أحوالي وصارَ عيشي وسط البلدِ مستحيلاً مع شِحّةِ مواردي ومزاجيَ المتفلسفِ أحياناً والرافضِ لدعاوَى غضّ البصر تاركاَ لإيماني الراسخ بقوةِ الأشياء أنْ تسوقَني إلى أكثرِ ما يخافهُ الناسُ في الحياةِ وهو أن تجدَ نفسك بين ليلٍ وصبحٍ على شفيرِ الفقرِ والعوزِ وهكذا أحصيتُ ما استطيع توفيرَهُ فوجدتُه لا يكفي إلا للسكنِ في أطرافِ البلدةِ حيث لا يرغب الناسُ ذوو المزاج الحسَن بالسكن هناك وها أنا أقضي ليلتي الأولى في سكني الجديدِ المكونِ من غرفةٍ ومخزنٍ ملحقٍ بها حولته فيما بعد إلى ما يشبه المطبخ،...
"الخيالُ يخلقُ الحقيقةَ" ريتشارد فاغنر شعرَ بتوعُكٍ ألمَّ بهِ إثرَ مُطاردتهِ القطّ العنيدَ ذا الأنفِ الخارقِ الذي يستطيع التقاطَ رائحةِ الشواءِ والقلي من مسافاتٍ بعيدةٍ ودُهِشَ لقدرةِ القطِّ على مواجهةِ الخطرِ المحدقِ به إثرَ إقدامهِ على السطو وعدم مبالاتهِ بما يُحتمَل من نتائج وهو يتجه لاختلاس الطعام الموضوع على المنضدة، شعر أن القط الذي بالغَ بتهورهِ قد أنهكَ قواه في مطاردةٍ غير متكافئة تكون الغلبةُ فيها دائماً للقط الذي ينفلت وهو أكثر نشاطا بينما يقع هو أرضاً من شدة التعب وتسائل هل يبغي...
بينما كانتِ السماءُ تتنقّلُ بينَ الزرقةِ والسوادِ والأرضُ تواصلُ إنشغالَها بدبيبِ الكائناتِ وكنّا نحنُ نواصلُ بمعرفتِنا الكاذبةِ مزيداً من الجهلِ إنسلّ خيطٌ من الضوء عميقا عبر ذلك المنفذ الوحيد المموه جيدا وكنّا أنا وصاحبي نظن أن العالم كما نراه قبل انسلال ذلك الخيط من الضوء لكننا وبسبب ذلك رحنا نمد عنقينا أطول مما سبق وكانَ من البديهي الظنُّ أنَّ لنا جلوداً مشعرةً بينما كانتِ الإحتمالاتُ تتراوحُ بين رؤية ذلك الشعرِ ريشاً أو يحصل أن تتعرف لوامسُنا على الصوفِ في ذلك الشعرِ متواطئين مع...
أحسّ دبيباً يجولُ في رأسهِ مثل دودٍ جائعٍ ينهشُ تلافيفَ دِماغِهِ الهامد المستسلم طوالَ الوقتِ حتى باتَ هذا الدبيبُ مألوفاً، أوهامٌ عتيقةً وعفنةً ركَدَتْ بعيداً في قعر الرأسِ واستقرّتْ دونَ أن يشعرَ لتبيضَ وتفقس كثيراً من ديدانها القديمةِ، بدا مُتبرماً مما آل إليه الحالُ لا يكادُ يطيق حملَ رأسه، زحامُ الأفكارالمتفاقم يدفعهُ إلى البحثِ عن ثقبٍ من ثقوبِ الحياةِ لعلّهُ يكونً مهرباً وحيداً مثلما تفعلُ الحشراتُ المُحاصرة التي لا تعرف الصراخَ، مدّ يدَهُ إلى جيبِ بنطالهِ الرثّ واطمأنّ إلى وجود...
(أكتب بنفس الجدية التي يلعب بها الأطفال) خورخي لويس بورخس كانَ عليَّ أنْ أفعلَ شيئاً قبلَ ذلكَ اليوم الذي سأخبركُم بما جرى فيه من أمورٍ تبدو عاديّة ما كانت لتلفتَ انتباهي يوماً لولا اطلالتي على ماحولي منْ وراءِ عينِ الدميةِ وكانَ ذلكَ بمحضِ الصدفة، إذ أنني ما اعتدتُ أن أرى الأشياءَ أو أن أصفَها بهذا الوصفِ قبل هذا اليوم، لم أستطع استيعابَ تلك الأمور ولم أفهمْ ما جرى لفرطِ بساطة الحدث فقد جرى كلُّ شيءٍ دون توقعٍ، كنتُ سائراً بقدمين أدمنتا الدربَ حتى أنني لم أفكرْ بالنظرِ إلى تفاصيلِ...
لطالما استطعت أن أحيد عن مرمى تعليقات امرأتي اللاذعة و أرد عليها بدبلوماسية مفرطة تلافيا لحصول احتقان تاريخي، قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه وأقصد بذلك إنه ربما تتوتر شعرة معاوية حتى تنقطع فأنتفض ثائرا بوجه امرأتي ولسانها السليط ،لذلك كان علي أن لا أفعل ذلك لكنني اضطررت لفعله فأنا في الحقيقة طوال عمري لم يخطر ببالي ولو ليوم واحد، ساعة واحدة، لحظة واحدة إنني سأفعل ذلك وها أنا أفعله، كيف لي أن أعرف أن اللأمور ستؤول الى هذا السوء، كان يمكن أن أتجنب ذلك، الكثير قالوا لو أنك،... لما...، وأولهم...
عندما التقيت بالسيد أورويل مصادفةً في مقهى (حسن عجمي)* تَلبَّسني السرور والإنفعال فبدوت مرتجفا وأنا أصافحه، لم يكن معتاداً على كل هذه الحرارة في لندن مدينة الضباب الباردة خاصةً وإنه ما زال يعيش أجواءها التي تخيلها في روايته (1984) تأفف وقال: - ماهذه الحرارة؟ كيف تطيقون هذا الجحيم؟ - تعودنا على ذلك فنحن أبناء (تموزي) لكننا أيضا نشعر بوطأتها هذه الأيام إذ بالغت الشمس في اقترابها! وبعد إن تناول استكان الشاي الحار قال: - الآن اكتشفت الحكمة في تناول الشاي الحار في هذا اللهيب التموزي -...