قصة قصيرة

في قلبي سيماء تدلّ عليّ لا يخطئها بصر من يحببنني ، هي أوّل ما يبدو منّي ويبرز من ملامحي، تلخّص دهراً من العشق الالهي والتهجّد والدموع والخشوع والعبادة والتوبة والاستغفار والمجاهدة ومحاسبة النفس، لقد بقيت الصلاة قرّةَ عيني وغايةَ مهجتي، فيها جلاء قلبي وصفاء روحي وسكينة نفسي. ظل قلبي...
ما الذي ذكّركِ بيّ؟! سمعتهُ يهمسُ لها متعجبًا.. اقتربتْ منه أكثر بينما تركتْ أصابعها تتسللُ ببطءٍ نحو هامته المتيبسة حتى سرتْ قشعريرتها في كامل جسده الطويل، فارتعش بقوةٍ ولذةٍ تاركًا إياها تعبثُ به وتدندن قائلة: -ومَنْ غيره ٠٠ أنه الحب الذي سرى بيّ فولّد شوقًا عظيمًا لم أتمكن من إخفاءه! شعر...
عندما شاهد ملعب كرة القدم، في المدرسة التي سبق وأنْ تلقَّى التعليم فيها، خُيل إليهِ وكأنَّ شبحَاً يطالعه بابتسَامة سَاخرة ويقول: - أهلاً بهدَّاف المَدرسة. كان ذلك قبل بضع سنوات، يوم كان تلاميذ المدرسة يصفِّقون إعجاباً به وهو ينطلق بالكره مراوغاً هذا ومدافعاً ذاك، حتَّى تستقرَّ في المرمى، هدفاً...
أذكر جيدا حصون النمل في حقلنا الأخضر، بجانب كل نبتة (تالما) جبل بركاني الشكل، شيدته نملات صغيرات، تخرج وتدخل في فوهته حاملة حبات قمح أو شعير تفوقها حجما، سرقتها جهارا نهارا من حقل أبي، لم يكن ذلك يزعجني ، بل كنت أساعدها، فاقطف لها من السنابل حباتها، وأضعها أمام بيتها، واستمتع بمراقبتها وهي...
جلس جواري فى القطار كهل أبيض الشعر نحيل القامة، تجري فى صفحة وجهه بعض حيوية، إرتسمت بشفتيه إبتسامة مقتضبة، أخرج من حقيبته الجلدية الصغيرة أجندة وقلم، كتب سطرا إلتقطته عيناي فضولا، يمكنني الإعتذار عنه، لا أنكر هنا أن السطر الذى قرأته، هدهد روحي الموشكة على مغادرة جسدي، كتب فيه : حتى الحشرة...
بعد ربع قرن يصله سلامها، هل كان يتخيّل مثل هذا الفعل بعد كل هذا العمر؟ بدت كهبّة الرّيح التي تشعل جمرة راح رماد النسيان يلّفها مع الوقت... خيّل إليه أنه نسي عمر الماضي بما حمل، الضحكات والأحلام والجري تحت وابل المطر، دنيا طويلة عريضة من الآمال، سوق " الحلفاوين " الذي شهد على هذا الحبّ المشتعل،...
داس عقب السيجارة تحت قدميه في حركة دائرية ، وعاد الصمت المترقب من جديد ، ليكتسي بسكون مظلم ويلتف بغشاء ضبابي ، مثير. قتلا للوقت أخذ يوسف يذرع الغرفة جيئة وذهابا ، عاقدا يديه وراء ظهره مرة ، تاركا إياهما إلى جانبيه مرة أخرى ، وفي رأسه تتأرجح أفكار كثيرة ، توقعات ، أحاسيس ، والسكون يمر على جدران...
قال لي بائع التّذاكر: - أتذكرُ أني رأيتكَ البارحة هنا، أليس كذلك؟. - نعم. لقد وصلتُ المحطة متأخرًا، فاضطررتُ لتأجيلِ الرّحلة لهذا اليوم... قاطعني مندهشًا: - ألم تسمع نشرة الأخبار،ألم تقرأ الصّحف؟!. نفيتُ بهزةٍ من رأسي، لكن لم يمهلني طويلًا، إذ قال وكأنه يسردُ فيلمًا سينمائيًا: - ليلة البارحة،...
دشداشة رمادية حائلة لا تستبدل , وجه مصفر صغير يلف جراوية على رأسه يثبت عليها صندوق زجاجي صفت داخله كريات حلوى ( الشكرلمة). حين يتعب من الدوران في الازقة يستقر على تخت المقهى في قلب العشار وهو في حال وجوم مستمر لا البيانات رقم واحد تهمه ولا الرؤساء الذين يستبدلون كل سبع سنوات ولا حروب التحرير او...
ما انفكت الملمات، ترافقه في سرابيلها التي حملت كل تمزقات الذنوب المدلهمة، في ليالي عقيمة، رافقه العديد من هم على بينة من الأمر، بإنه لا يتعدى زمن عابر، صقلت الأيام أظافرها ولونتها بالسواد، تجهيزا في طعن أبدان آن لها أن تتذوق عذابات الآخرين، الذين اعتاد ان يراهم كبسولات لأمزجة متغيرة، قد تعني...
كانت السماء فى ذلك اليوم ملبدة بالغيوم، وصفحة البحر كمرآة مقفرة، وقوارب الصيد متناثرة، تتمايل وتطوح كلما عصفت بها الريح، حبيبها الشاعر يقرأ كل يوم، صفحات عديدة من كتاب الشمس، وحياته دونها معتمة، لا نبض فيها ولا حياة، مازال يكتب القصائد فى عينيها البنيتان الشقيتان، التي تسحبانه نحو الأعماق،...
معتمرا قبعة سوداء، وسترة ضيقة، وسروال جينـز، وحذاء رياضيا ذا علامة عالمية شهيرة، ومتأبطا عددا من كتبه، اخترق الرجل الستيني بخفة شاب في العشرين خان الخليلي، مارا من أمام مسجد "الإمام الحسين"، ليدخل زقاقا ضيقا تحفه محلات مكتظة بالناس والسياح، ويقف بقرب بناية قديمة تنتشر على جانبيها موائد وكراس،...
جالسة علي سريرها الحديدي القديم - ســرير عــرسها كما اعتادت أن تقول لنا كلما حاولنا تجديد غرفة نومها -، كل شىء حولها تغير إلا ذلك السرير، سريرآ وصندوقآ مطعما بالفضة كانا مشتملات غرفة نومها، استبدلت الصندوق بدولاب لكنها أبت أن تستبدل السرير بأخر أحدث وعلي الموضة كما نقول، تصرخ فينا سرير عرسي...
أحب ركوب الحافلة ، خاصة عندما تكون المسافة التي ستقطعها طويلة ، أحب ركني القصي في الخلف ، خاصة لما لا يكون هناك عدد كبير من الراكبين ، أحب ألا يكلمني أحد، ولا أحد يتجرأ أن يكسر الهدوء حولي . عندما أجلس ، كل شيء يتوقف عن الدوران ، أفصل نفسي عن العالم حولي ، أحس أنني أنزلق على الطريق وأنني...
حين دنا منها وهي تستقر على دكة خشبية وتتكيء على كيسين من الرز كاد يغشى عليها فبردت يداها وتهاوتا في حجرها , انها ارتعاشة الهيمنة لا تشابه سقوط طير في كمين لان الاجنحة سترفرف , هي قبضة الغريزة على الكيان الانثوي في لحظة مباغتة. نظر من شباك صغير , حسنا , انهم يغفون في هذه الظهيرة الجحيم. وبخرس كلي...
أعلى