قصة قصيرة

أجلس الآن بعيدا عن قريتى وأهلى ودارى وخطيبتى التى أعشقها منذ صغرى بعدما تعاهدنا على الزواج فور انتهاء امتحاناتى فى دبلوم الصنايع وسط ترحيب وفرحة أهلنا وناسنا الطيبين .. أتيت هنا إلى بيت خالتى فى المدينة البعيدة حتى أهرب من سطوة وجبروت تلك التى تصرعلى هدم حياتى بأكملها وتشكيلها حسب رغبتها الدنيئة...
وصل الخبر، توقف اللعب. مسح بوحنوش مخاطه الفوسفوري بكُمّه في حركة تشبه حركة عازف الأرمونيكا وتحرك تتبعه كتيبة من أطفال ليكتسح الجميع مراحيض المدرسة. - واش هنا؟ - لّا، فديك الجهه... دفع بوحنوش الباب بقوة ليفتحه لكن اللوح الخشبي، لم يتزحزح. - اخْرجْ يا ولد القحبه ولّا ندخل نوكّلها ليك. واش تتولد؟...
لم يعُدْ للعجوزِ فاطنة في الآوِنَة الأخيرة مِنْ موضوع للحديث سِوَى موتِ زوْجِهَا، كُلَّما زارتها جَارةٌ، أو زَارتْ جارةً، أو جلست مع مجموعة من النساء أمام أحد الدُّور عند الأصيل، تروي حِكايتهاَ. ها هي تبدأ، إنَّ بقية النِّساء لَيُصْغِينَ إليها بِكُلِّ اِهتمام رغم أنَّهُنَّ قد سمِعْنَ القِصَّة...
تركت مبنى الأريسكو حيث مكاتب مجلّة العربي ، بعد أن قدّمت مساهمةً ، وعبرت الشارع باتجاه جريدة السفير الواقع مبناها في نزلة السارولاّ... لا أعرف أسماء الشوارع في الحمراء ولا متى ينتهي شارع ليبدأ آخر . خبرتي في بيروت وشوارعها قليلة ، كل ما أعلمه هو أنّ تلك الشوارع تسحرني ، وتترك في وجداني انطباعات...
تلفت حوله في حذر.. وقد راعته مهابة المبنى . تتصدر واجهته أعمدة حجرية ضخمة، متوجة بزهور لوتس، أضفت رقة ونعومة على الحجر . وقبل أن يخطو، لمح عربة أجرة تقف أمام الباب العريض، مؤطر بثمانية مفتوحة الساقين على اتساع الباب، وتمس قمتها بداية الدور الثاني، المنساب في زرقة سماء، تسبح فيها على مهل رقائق...
كنتَ تظنني مثل عشيقاتك الفائتات، سأقبلُ بانمحاق كبريائي بين رحى غرورك، لا لشيء سوى توهمك عجزي عن الانفصال عنك، فأنا تابعُكَ الذي تستحضره بومضة ضوء وتمزّقه أشلاء بضغطة زرّ. أعلمُ جيدًا بغضك لي، أتلمسُ لك في بعض الأحيان سيلاً من الأعذار، فظهوري على نحو مفاجئ أفسد عليكَ العديد من نزواتك المحمومة،...
لم ألتق من قبل بشخص مغتبط بشكل مزمن هكذا ، إن مجالسة هذا النوع مقلقة جدا للمصابين بقنوط مزمن مثلي. ليس جيدا أن تقترب من شخص لا يشعر بالطاقة السلبية الكئيبة التي تشع في أعماقك كيورانيوم أسود. ومع ذلك كنت أرى في غبطته بصيص وجود للحياة التي لم استطع الإيمان بها الا غيبيا. قال لي صديق أربعيني قبل...
لملم أوراقه ببطء .. استدار قائماً .. نظر في ساعة الحائط .. بينما الشمس تنعكس من الزجاج .. يخرج نظارته السوداء .. من جاكت البذلة الرمادية , يرتديها .. يقترب من الدولاب .. يمسح بيديه ذات العروق الناتئة أحد الرفوف .. يمسك دوسيهاً .. تآكلت ألوانه الرمادية.. ينفض عنه التراب .. يحملق بعض الشيء.. نحو...
تمشي مختالة في حركاتها بثوبها الأبيض وكأنها امراة من ثلج. نعم من يرمقها من بعيد يخالها تمثالا رومانيا متقن الصنع . بخطى هادئة تدنو تارة و تبتعد تارة اخرى من امواج البحر الهادئة و كأنها محتارة ، كأنها تريد الالتحام بأمواج البحر و الاختفاء بين جزيئاته و تفاصيله . او كأنها قررت الذهاب لأعماق البحر...
كان صغيراً ، فلم يكن عمره قد تجاوز الثانية عشرة إلا بشهر واحد، لذلك لم تك لديه الكثير من ذكريات العمر والحياة لكي تتدافع متزاحمة في رأسه الصغير ذو الشعر الناعم الحديث الحلاقة ، والعينين شبه الناعستين ، والأنف الحاد الشامخ والذي كان دائماً ما يسمع الناس يشبهونها بأنف والده (صالح) أو الشيخ (صالح)...
أحمد ود إبراهيم أحد أعلام القرية الشباب الذين تعلموا مؤخرا بعد تراجع نظرية القرية التي تدعو لعدم التعليم وذلك في العام 1881 بعد النظرية الشهيرة التي تقدم بها جده بأن التعليم يفسد روح الشباب ويوقعهم في المعاصي والتهلكة ويساعدهم علي مناقشة آبائهم في الكبيرة والصغيرة, درس الفلسفة والاجتماع وشغل عدة...
كنت تجلس على طرف السرير عندما تشخص لك طيـف ) باتريشـا ( وهي تضحـك بأقصى ما عندها من غبطة ، لكنك عندما سمعت الجدة وهي تتـنفس الصعداء بتؤدة ، نظرت أنت إلى البن الـذي كان يغلي ، ودخل طفل صغير عار متسخ بالطين ، قلت لحظتها : ; أتـذكر هذا يا جدتي دائماً .. رائحة البن المقلي .. الدخان الخارج من الكوة...
عند البكور وانثيال خيوط الفجر ، جثمت جموع العطاشى من الرهود الفارغة والدناكيج اليابسة بباب القرية متمحنة ، أخرجت القطاطي والأشجار ألسنة لها جافة متشققة بحثاً عن شربة ماء، فتضاحكت سحاباتٌ عابرة شامتة وبصقت فوق الجموع - أمشوا يا عواسيب. تعانقت قطاطي ود جعيكيك المعصوبة ، منسحبة في أنصاف دوائر ،...
أرق طويل طوال الليلة الماضية لم تكن السيدة (نون) تجد له مبرراً نهضت باكراً هذا الصباح ربما أكثر من المعتاد بما يزيد عن الساعتين... تحركت بهدوء ... وقفت أمام المرآة .... بدأت بتأمل وجهها ... عيناها الشاحبتين ... قدميها المتشققتين .. إتخذت قراراً حاسماً ... سوف أبدأ فوراً فى اتباع حمية شديدة ...
1/ مقطع : ..... والطريق أمامنا يمتد ، يتخذ شكل الفراغ ، تركض ، تلهث ، والباص القديم الذي ينقلنا ينطلق بقوة وينشرح الصوت الذي ينبعث من ماكينته رتيبا طويلا : ااان . نااااان بينا يقطر صوت المغني حزينا علي رأسي ، ثمة بحر يشدو ، من زمان أليف أغنية العودة ، أغمضت عيني ، ا نثال اللحن إلى لساني ، ارتعش...
أعلى