قصة قصيرة

الصباح لا يزال بعيداً في هذا الشتاء القاسي ، أو هكذا يتمنّى الدكتور حيّان أن يكونْ.. يريده ليلاً طويلاً يظلّ فيه قابعاً في الفراش بعيداً عن الذلّ والانكسار الذي يلقاه في عمله كطبيب ويسخرمن نفسه – كلما تذكّر كلمات المرحومة أمّه – تعنُّ على باله وتجرحه عندما كانت تقول وتردّد: -أتمنّى لو...
بين الكثير من المخلفات يأخذ الجانب الأكثر وِسخة، كونه تعود أن يتلوث بقاذورات من نفوه حتى يشعر بنظافة نفيه، تلك حقبة مضت متى ما جلس أمام تل من النفايات يعلوه بأمتار، يضحك والى جانبه ذلك الرجل الآخر الذي تقلد وسام الوساخة جسما ولسانا، فسأله بلطمة على قفاه لِمَ تضحك؟ ألا يعجبك منفاي هذا!؟ أولست من...
دخل المقهى واتخذ من ركن معتم مجلسا له. طلب قهوة من دون سكر. واخرج من جيبه أوراقا اصفر لونها أشرفت على التمزق. للتو تستيقظ في ذاكرته صور نائمة لخيول جموحة لم تعرف الأسر. جاء الموت من هناك كعادته يلقي نظرة أخيرة على إنجازه المعطل، وقف فوق رأسها ينتظر اللحظة المواتية ليضغط بأصابعه الباردة والرهيبة...
«المنخفض القادم هذه المرة قطبي بارد جدًّا مؤكّد هطول الثلوج بكثافة ابتداء من مساء غد». مشى عايش بخطوات بطيئة، الكلمات التي سمعها صنعت متراسًا في أذنيْه، ولم تكتف، بل راحت تتسلّل لمداعبة حيرته حيال انتظاره العاجز، مظهره موحٍ ببؤس منبثق من بين أسمال أردانه مُهلهلة المظهر. أفكاره مضطربة حدّ...
سيدى عزرائيل ، انا كنت شابا فى العشرين من عمرى ، تبتسم لى الحياة بكل معانيها من حريه ومتع تفتح لى ذراعيها لتستقبلنى بترحاب ، فكانت الحياة مهيأة لى بالتنزه بكل ترفيهها، من رحلات وعلاقات حميمه مع كل الاصدقاء من الجنسين ، ألهو والعب وأنط وأسبح فى الماء، وأمارس كل الالعاب، ككل شاب يفرح بشبابه ،...
واللافتة التحذيرية أكثر من واضحة ..تصيح صياحاً ..هنا حقل ألغام ! والسياج الشائك يمنع حتى من لا يعرفِ القراءة ..واللوحة جمجمة وعظمتان متصالبتان ..إنها منطقة حدودية بين إقليمين فلا تحاول تخطّي الحدود إلا من المعبر المخصّص والمعبر كان عصيّاً علينا ..إذ أنّ أوراقَنا ممهورةٌ بأختام حمراء نهائية لا...
ما خلا بضعة من العاشقين والندامى، فالليل ساكن، هادئ كعادته في مثل هذه الساعة المتأخرة. عسسه وحرّاسه غادروا المكان منذ وقت مبكر فالدار آمنة. تركا خلفيهما بناية السراي العتيق ورائحة القداح والطّلعْ والطريق المؤدي الى البساتين. الشارع الى دائرة البريد القديم سالكة، معبدة بالمحبة والذكريات العطرة...
مد رجليه مستريحا، وتأملهما برهة طويلة ثم خطرت له فكرة.. لماذا لا يستغلهما في الجري والسباق..سباق الحواجزالتي أحكمت عليه الخناق من كل الجهات .. لماذا لا يجرب حظه فيتخطاها بجريه.. لقد جرى كثيرا..طاف الشوارع والدروب..دق أبواب جميع المؤسسات..الخاصة والعمومية بحثا عن عمل..لكن الحظ لم يبتسم له..ظل...
وهو يقدم لى فنجان القهوة اليومى فى نفس الموعد من صباح كل يوم ، قال لى النادل الماكر : - لقد نسيت ولاعتك بالأمس ، وكذلك لم تأخذ بقية حسابك لم أهتم كثيرا بما قال حسن،لأننى فى أيام أخرى أنسى علبة السجائر أو النظارة أو سلسلة المفاتيح لأجده محتفظا بها فى اليوم التالى.كما أننى عادة ما أنسى أين ركنت...
"الفاتحة" "الفاتحة" -أحسن الله عزاءكم يا كناني.. سرادق العزاء قد دق في الساحة المقابلة للمنزل ، بذلك يكون الكناني قد خالف الموضة الجديدة والتي أصبح فيها الأثرياء يقيمون تعازيهم في الموت في صالات الأفراح الفخمة. ترتاح البرجوازية من تشتيت انتباهها في إعداد الطعام والشراب وتتكفل الصالة بكل شيء...
كتب جعفر الديري: مسكينة لا أحد لها سوى شقيقها، متواضعة وخلوقة وليس هناك من هو أطيب قلباً منها. جميلة غير أن الحزن على أمها ذهب بحيويتها، ذلك ما تذكره نسوة الحي كلما اجتمعت بهن. لا يتركن ساعة دون أن يحطمن أعصابها بمثل هذه الكلمات، بحق شقيقة زوجها، هذه المغرورة المحتالة، التي تبدي للناس وجهاً غير...
لا أستطيع النوم ، ولا حتى بقادر على البقاء مستيقظاً إلى جانب ذلك ، فإننى لا أشعر بأى شئ مطلقا . كان بالتأكيد شيئاً ضخماً وثقيلا ، لم أستطع حتى رؤيته ، بدا كإظلام مفاجئ وسريع ، فى مثل سرعة شرارة ناتجة عن طرق حجرين . بدأ كل شئ منذ دقائق قليلة ، عندما كنت جائعا وأفكر فى شراء شئ للعشاء . تحديدا قبل...
حين انتقلنا إلى ستوكهولم كانت هيلدا مرشدتنا، وكانت تقيم معنا فى كل فندق ننزل به وتلبى طلباتنا كافة ولو لم تكن فى نطاق العمل . لكن هيلدا تقدس وقت راحتها الخاص، إذ تنسلخ تمامًا عن المجموعة ولا تعطى لأحد فرصة ضئيلة ولو لمجرد الحوار البرئ معها. وعلى الرغم من شخصيتها الفولاذية إلا أن طابع الحياء...
حينما يستوي الليل على عرشه، ويعلن عن سطوته وسلطانه، تصير تلك الكلبة الوديعة والمسالمة، والتي تهرب من الناس مخافة أذاهم، ومن حجارة الأطفال، لبؤة شرشة، ليلا، تنبح بقوة، تكسر سكون الليل بصوتها القوي، تعلن عن سلطانها، تحمي الحومة من كل دخيل. أتقرب إليها صباحا، بمدها بالطعام، أقترب منها أكثر وقد لمست...
طريٌّ في مواجهة الصّعاب ..وشعاره كان في الحياة أنْ ( لا تكن قاسياً فتُكسَر ولا ليّناً فتُعصَر ).. وما كان قاسياً إلا على نفسه ..يؤدّبها..يشذّبها ..يقلّمها .. يقوّمها ..يحاسبها ..ويقهرها . ويدقّ على صدره أسفاً لو نسيَ نفسه ، وتمادى وتقسّى قليلاً على الغير. ويدقّ رأسه بالأرض بدون سجّادة...
أعلى