قصة قصيرة

كانت حياتي تمر بحالة تثاؤب فاردة ذراعيها على مقعد مريح ترقب البحر بعيون كسلى... قررت فجأة أن أتواطأ ضد صمت يغلّف عقارب الثواني لتستحيل إلى دهور مرعبة.. قررت فجأة أن اركب أول طائرة إلى " أديس"... فاجأتني هكذا رغبة الرقص،، هذه هي أجسادنا ، تباغتنا أحيانا "أحيانا..؟؟؟" برغبات مضحكة وربما شريرة، لا...
- يا سيد عشماوي؟ - نعم سعادتو. وضع الضابط مدير السجن نظارته على سطح مكتبه الوثير ومسح عينيه بجماع أصابع يده اليمنى. - يا سيد عشماوي.. أنت الآن اكملت خمسة عشر عاما في عملك هذا... وقبلها كان والدك رحمه الله هو من يقوم بهذه الوظيفة... - نعم سعادتك.. - لقد كنت منضبطا تماما خلال تلك السنوات لكنك في...
عزيزي ساراماغاو، أعلم جيدا أنك ترقد الآن بسلام أبدي في مكان ما في العالم، لكن يقولون أيضا أن الموتى يمكنهم سماعنا والشعور بأوجاعنا. وأنا أثق أن قدرا قد يحمل رسالتي إليك سريعا! كنت وحيدة وحزينة، إلى أن قرأت روايتك الموسومة بالعمى! ورأيت من خلال شخوصها، كيف للمرء الأعمى أن يستطيع العيش في مجتمع...
عدت. ليتني ما عدت. كنت هناك بألف خير. بمليون خير. ما هكذا يستقبل أبناء البلد الحرّ. لست أدري ما الذي غير بلدي أو بالأحرى أهل بلدي، إن كان يحق لي أن أتحدث عنه بضمير المتكلم. قبل العودة كنت أحترق شوقا لوضع قدمي على هذه الأرض السعيدة، لكنني اليوم اكتشفت وتأكدت بما لا يدع مجالا للشك بأنني كنت واهما،...
انبعث هواء بارد من مكان ما، فاخترق دائرة الحرارة الصيفية الخانقة، ثم تبعته رياح رقيقة متتالية. بدأ الصيف في الانسحاب تدريجيًا، وانشرحت الصدور. باب موصد ونافذة مغلقة… ظلت روحي بهذا الشكل لأيام وشهور، معتمة، قاتمة، تفتقد الهواء، أبحث عن منفذ لأخرج منه ولا أجد. حتى ظننت أنني سأظل حبيسة هناك إلى...
لا يكون الأمر مملاً تماماً حينما يداهمني الأرق. بعد الساعة الرابعة والنصف فجراً، يمكنني أن استمع إلى صوت مبهم غير واضح لكنس الأرض، منبعث من خارج النافذة؛ بعيد ويدنو، خفيف ويحتد، كما أنه غاية في الرقة، وكأنه طراز حديث لسلم موسيقي ابتُكر خصيصاً. ينشغل تفكيري أحياناً بعامل النظافة الذي يكنس الأرض،...
تقول الفتاة، أنه لا يمكنها أن تكون مع من تحب الآن، فتعلق نفسها بأمل لقائه في يوم ما، من سنة ما، في مكان ما. أيمكن أن يحدث ذلك فعلاً؟ دائمًا ما تكون قلوبنا مفعمة بالأمل عندما نقول يوم ما، من سنة ما، في مكان ما، وفي الوقت ذاته يخالجنا شعور بالإحباط؛ لأننا ندرك لو كان الأمر متاحًا الآن، ما كانت...
لم يكن المال الذي جنيته خلال ثلاث سنوات كافياً لأستأجر سيارة تقلّني وتلفازي الذي اشتريته للتو الى غرفتي الصغيرة القابعة تحت رصيف إحدى شوارع بيروت، حملته ومشيت على امتداد عشرة شوارع، وكلما شعرت بتورم في أصابعي بسبب تخثر الدم فيها بفعل الوزن، وضعته على الارض بعناية أبٍ يضع طفله الذي عاند النوم...
يسكنه الصقيع، يكاد يقرم اصابعه الصغيرة تلك التي يخرجها من كفوف جوراب قديم، فقد والديه في حادثة لا يتذكر كيف حصلت؟ تلقفته بعض أيدي الرحمة حيث تبنوه، بات صبيا طلبوا منه أن يكسب لقمته التي يأكلها معهم، إمرأة هرمة ورجل عجوز كسيح هما من سَكبا كأس الرحمة عندما وجداه على جانب من الطريق وقد غطته الثلوج...
المدينة تفتح المدينة ذراعيها و ساقيها للعابرين، يعبرون تاركين من أرواحهم شيئاً ما، لحظةً ما، و ماكثين فيها حتى النهاية، و يظل العابرون بلا نهاية و تظل المدينة في انتظار الفاتحين و العابرين و أصحاب التجارب الناقصة، يدخلونها ليكتملوا، أو لتكونَ درجةً في سلم يصعدونه نحو الكشف أو الاكتمال، لم يكن...
على غير العادة، قررت اليوم أن أتوجه إلى اللقاء الذي لم أخلفه أبدا، بجلباب أبيض، وقميص من اللون نفسه، ببلغة صفراء، وطربوش أحمر، بعد أن حلقت لجيتي وتعطرت بماء الورد، لم أسمح للمسرحية أن تلهيني؛ صحيح أنها ممتعة ومثيرة لملكات التفكير والنقد، سأخرج لأصل في الموعد قرب علامة قف التي ظلت صامدة رغم كر...
للقلب عين واحدة، تطل على الأدغال وتتفرج على صراع الوحوش.. تصفق صمامتاه للغالب وتحتقر المغلوب، تتسع الحلبة لتتجاوز كل المسافات المفترضة، الجمهور عين ترقب النعش المنهار، تسايره إلى مرقده الأبدي والوحوش تتعبد تزلفا لخالقها وتقاتل مخلوقاته، تفتك ببعضها في نشوة المنتصر في الحرب.. وأنا.. أبو محايدا ما...
أقبل مكفهر الوجه شارد النظرات، وسلسلة آهاته ملتحمة الحلقات.. - تفضل اجلس. - سيري قبح الله سعيك.. - أتشرب قهوة أم شيئا آخر؟ - لعنة الله عليها.. - أتلعن القهوة؟ - ألعن بنت الكلب عديمة الحياء.. - هل لي أن أعرف سر هذا التجهم و.. - ليس هناك ما يسر الخاطر، تفو عليها وعليه.. - هل لي أن أعرف على من ستحل...
على حين غرة حط العشرات من طائر الفلامنكو على تلك البقعة الصغيرة التي يحيط بها الماء من كل جانب بعد أن أنهكتها الهجرة، على غير عادة الطيور لم يسبق لها ان وطئت مثل هذا المكان، لعل بوصلة الزمن قد أدارت خط سيرها كما فعلت به وقد شاركته البراغيث والبق مسيرة حياته، كونه كان بحكم البيئة والفقر معارضا...
أعلى