قصة قصيرة

المرأة التي تدخن سيجارتها في البالكون بنهم، تعتقد أن زوجها يخونها مع سيجارة أخرى بنهم. المرأة نفسها المتطلعة إلى الآفاق، تخون زوجها بعد لحظات مع سيكار كوبي، ممهور بصخب فيديل كاسترو. لكن، الزوج يخون.. يخون.. يخون دائما.. دائما، مع السيجارة نفسها. السيجارة الخؤون، اللعوب، تبحث عن أفواه العذارى،...
ذهب ثامر وتمارا إلى الخطاط الشهير الذي يخط اللوحات والإعلانات وواجهات المحال التجارية، ولديه أيضاً في الطابق الأول شرفة صغيرة لرسم التاتو للشبان والشابات.. كان يرتدي قميصاً بنصف كم تبدو من تحته يده اليمنى كثيفة الشعر متسخة بالأحبار والألوان. يده طويلة جداً، ومرسوم عليها عناكب وعقارب وصقور...
غارقا في الأزرق رأيته يمشي الهوينا. خلت البحر ضاعف في مدّه فلملمت ثيابي خوف البلل , لكنّ الرّمل تحت قدميّ كان جافا وأصابعي أصابتها الدّهشة فبدت غير ثابتة تتحسّس مرّة وجهي وأخرى صدري وذراعيّ كأنّما أخشى أن ينفلت بعضي منّي ولا أعي. لم أستطع رصد الجهة التي انبثق منها ولا مكان يبدو في الفضاء غير...
كانت الريح تعوي والشمس تخفي وجهها الذهبي شيئا فشيئا خلف التلّة القريبة ، وطّئت له الفراش ودثّرته بقطيفة ثم خرجت . قالت في نفسها : لن يستفيق حتى أعود !. عاجت على حطبٍ تلملمه ، والبرد الشديد يلسع وجهها الأسمر الذي حفر الزمن على ناصيته أخاديد لا تخطؤها العين . نهض من غفوته ، تحسس ما حوله . "مهراز...
عرفته في المدرسة فتى وسيم الطلعة، صبوح الوجه، حيي الطبع، هادئ النفس، فتوددت إليه واكتسبت صداقته عرفت من خصاله العبوسة والخشونة والتجهم والغضب كما عرفت منها الطيبة والسلاسة والصدق والوفاء. كان تارة عنيف الحركة حتى الجنون، وطوراً ساكناً كأنه غارق فيها! عرف معلموه فيه الإقدام بدون تردد، والأحجام...
كانت الباخرة ذات عجلات التجذيف تتقدم في طريقها ما بين كازان وكوزلوفكا. كان الجو طلقًا هادئًا فوق نهر الفولغا، والمساء بدأ يحلّ. الضباب الليلكي شرع يحجب الضفة الشجرية الشديدة الانحدار للنهر، بينما الضفة الأخرى السهلية المخضرة تمددت بفعل الفيضان وابتعدت قليلاً في الأفق. جزر متناثرة خضراء من...
منذ شهر أقف في ذات المكان، منتصب القامة، متلفعاً ببهاء طلّتي، محنّطاً بثمن غالٍ، منتظراً عيوناً تسرق نظراتي، أبحث عن جسد يرتديني؛ في المساء أرى عيون الزبائن تلمع، الخطى تنقر سمعي، تقلّبني الأيدي، أكابد مرورهم دون اهتمام، أحصي حسراتي، أرمم خيبتي، أعاود ترتيب نفسي، القلق ينتابني، أتساءل لِمَ...
قارورة مثلُ قارورة فارغةٍ تتقاذفُها الأمواج ُ، وحيدًا على أرصفةِ المساء ِ، أبحث عن وجهي الذي تاهَ ، أتذكره ، كان يجلس على مقهى الصمت ِ منذ أعوام . من أين أبدأُ البحث ؟ من تلك الشجرةِ العتيقةِ التي تسكنُ أطرافَ قريتي، أم من المجرى المائي الذي يشق الزراعاتِ التي أصابها الوهن ، بل منزلي...
لا أحد يعلم ماالذي جعل مرجانة تسدُ نوافذ البيت ؟ سدّتها جميعها إلا فوهة الباب وكوّة صغيرة في السقف تعدُ عبر ضوئها الشحيح طعامها وترتبُ أشياءها وترتقُ أثوابها وما كانت لتستعين بأحد في ذلك بل خلطت بنفسها الطين والقش والماء وقطع الزجاج والصفيح ورصّفت الحجر في النوافذ ثم طلته بحرص شديد ووقفت ترقبُ...
قبل أن أبدأ في كتابة هذه القصة الوعظية المملة كروايات بلزاك الارثوذوكسية ، سأصنع كوب شاي باللبن ، ثواني وأعود اليكم ؛ .................. ؛ الغرض الأساسي من كتابتي لهذه التجربة الناجحة والرائعة هو منح الأجيال القادمة مشكاة يتلمسون على ضوئها طريقهم نحو المستقبل لمواصلة مسيرتنا كأسلاف يفتخر بنضالهم...
هذه الأيام، أجرب مساحة جديدة من الوجود، كان البيت مجرد مكان أتواجد فيه ساعة النوم، الآن أصبحت أشعر بالإنتماء أكثر، تنمو الذكريات فيه كشجرة خضراء رقيقة وهشة، رغم غلاء المعيشة المتزايد يوماً بعد يوم في تونس تنمو. كنت أسكن في وسط البلد، بجوار ميدان، أشعر بالتروما كلما مررت بجواره، لكن أمرّ في صمت...
منذ أسبوع ، يدق جرس الهاتف عند منتصف الليل فأضغط على زر الاستقبال . ينفتح الخط فأسمع خشخشة يليها شخير متواصل يدوم حتى أغلق الخط . عندما وقفت أمام موظف الاستقبال لشركة الاتصالات و عرضت عليه الموضوع و الرقم ظهرت على وجهه الحيرة . ترجاني أن أترقب لحظة ثم دخل إلى جهازه و ألقمه المعلومات و ظل يخبط...
أنتظر قطار ظهيرة الأحد. تنتابني رعشة على أثر نسماتٍ هبـَّت، ثم لا ألبث أن تفاجئني ريح فتحمل نفايات الأرض حولي. “الحياة تقاطعات من خيبات الأمل الجميلة..” (هكذا بدأت حديثها معي ذات مرة). “قصصها تنتهي عند نقطة ما.” (هكذا أردفت). “الأجزاء الثانية تواجه فشلاً ذريعاً كما في السينما إلا في ما ندر”،...
نبقة هو الابن الأخير لآدم السقاء. أنجبه بعد وفاة تسعة في الوباء الكبير، ونذره لخدمة الزاوية إذا حفظه الله له. ووفى بنذره فسلمه لإمام الزاوية عندما بلغ السابعة، وقال لأصحابه: خدمة بيت الله أشرف خدمة، وبين الصلوات والأدعية والدروس يتشرب قلبه النور والبركة. وأكثر الوقت قضاه نبقة في الزاوية،...
ذهبت الى العرافة, وضعت ورق اللعب على صدري ورددت وراءها “هاقلبي, هاتخمامي …”. تجشأت كثيرا وقالت انه بيني وبينه سحرا جعله يهرب مني. لكنها أكدت لي أنه سيعود وعندها سأكون ملزمة ”بذبيحة كبيرة” و “ليلة كناوية”. لم أفهم جيدا معنى “ذبيحة كبيرة” لكن حركت رأسي بالموافقة. ثم قوست حاجبيها, و أغمضت عينيها...
أعلى