قصة قصيرة

الساعة الثانية وثلاث وعشرون دقيقة، كانت الهواجس والأخيلة السوداء تملأ السرير ذا الحجم الملكي، أغلق كل مصادر الإنارة في الغرفة المكتظة بالأشياء التافهة، حتى موصل الكهرباء الذي كانت تنبعث من أحد مقابسه نقطة ضوء حمراء، رأى فيها مشوشا على ذلك الظلام الذي يحيط به نفسه. أمضى أكثر من عشرين دقيقة يحاول...
جلست بجوار سائق التاكسي وعلب الكعك في المقعد الخلفي .. فقد حرمتني ظروف غربتي من المشاركة في الثورة ، وبمجرد ان سنحت لي الفرصة ، نزلت .. وقد هداني تفكيري الى إهداء عشر علب كعك بمناسبة العيد الى أسر الشهداء ، والعدد لايعني ان الأسر العشر هى فقط التي تستحق ان تحلًي فمها بكعك العيد ، ولكن مقدرتي...
لم تكن تعلم ان هذا اليوم آت‏..‏ آت لامحالة‏,‏ البيت قد صار كئيبا موحشا‏..‏ الكل تباعد‏,‏ ولم يعد أحد يدق الباب قرابة الثلاثة أيام‏,‏ وكأن البيت قد صار قبرا يخشي الناس الاقتراب منه‏,‏ وكيف يقتربون‏,‏ وقد مات رجل البيت‏,‏ خادم جميع بيوت الحارة‏..‏ ؟‏!‏. نعم مات الاسطي‏(‏ نور‏)‏ زوجها‏,‏ كان وقع...
لماذا الألم المتوحش المسنون ينقر قلوب الصبايا الملاح‏..‏ لماذالايهاتف مستأذنا‏..‏ معلنا قدومه المحتوم‏..‏ هل يمكن غلق الباب دونه وهو الذي لايهتم بباب أو شباك‏..‏ يأتي وقتما يشاء ويختار من يشاء‏..‏ تنتحب صمت‏..‏ جدران الحجرة حولها باردة‏..‏ سنوات عمرها تتساقط كأوراق خريف ذابل‏..‏ وهي التي كانت في...
- سأكون معك حتى النهاية. ومدّت يدها لي ، فمددت يدي ، ترددت في السير معها بدءًا.. كانت باسمة و حالمة فنسيتُ الرسميات وتذكرت بساطتي التي حفظتني كثيرًا من قلق التوجسات ! وفرحتُ بالسير مع محبوبة تضحك للبسطاء مثلي ..تأسف للحزانى ،فتنسلّ دموع ليست لي، لكنّ مجراها يمرّ على قلبي .. توقفتُ...
يرتدي قميصا برتقاليا مائلا الى اللون الاصفر وبنطلون بني كبنطلون الجيش وان لم يكن مبرقعا ، وحذاء جيش طويل العنق ، ملابسه نظيفة جدا ومكوية بعناية ، مع ذلك فكان هزال جسده واضحا ، وشعره الخفيف يوحي بالاصابة بأنيميا ، كان يقف منتصبا يمد رجله اليمني الى الامام قليلا ثم يعود فيمد اليسرى ، يوكئ ذقنه على...
كان ظهور حمدي فجأة في أفق حياة سنية إعصارا مدمرا قلب كل شيء وجعلها تضيق بحياتها وتسأل نفسها فيم إصرارها على العزوبة وفيم تحاشيها للرجال. وأخذت تستعرض صور حياتها التي تجردت من كل ما يبعث النفس البهجة، وأطياف ماض كان حافلا بالأسى والحزن. إنها عندما ولدت ووطأت قدماها الصغيرتان شاطئ الحياة أقلعت...
هضاب ضبابية راكضة على الطريق الندي. تطمس معالمه.. تطعن صدور السيارات المتحفزة لقطعه ولا تموت.. السائقون مستسلمون للموت المندس في الهضاب ينتظرون الشمس الكسولة تصطاد الهضاب بشبكاتها.. نبضات الخطر التي تحرس السيارات من هجوم بعضها على بعض تشكل للسائقين مسافة أمن.. أيقن السائقون ضعف التكنولوجيا أمام...
مع انسدال خيوط الضوء الأولى، وهى تفسح الطريق للنسائم البكر الباردة المنعشة، كان يبدو فى الأفق "خيال الماتة" وحيدا حزينا، حيث بدءأ يتمايل ذات اليمين وذات اليسار كعاشق صوفي أصابته لوعة عشق، كان مرتديا شبه جلباب ممزق به خطوط طولية زرقاء ومستقيمة تقطعها بعض الرقع المستطيلة باللون الأخضر، ويحمل فوق...
وقف قربي، وقد جَن المساء، فظننت أنه عابر سبيل، منصرف عن دعوة أو صلاة عشاء، مسدلاً على وجهه غطاء جلبابه، وقد بدا لي وكأنه يحمل في يديه شيئا يقطر ماء، فلما أضاءت سيارة ـ فاجأتْ وقفتَنا ـ ما حولنا، رأيته، فارتعْتُ، كان هو نفسه القذافي .. أبو طاقية ـ كما نعته، أحد الظرفاء، إنه إله النفط، لا يزال...
مقهور... مكسور... ومشبع بالحزن، بت أمتصه كما يمتص الإسفنج الماء، أو كأرض متعطشة للمطر. أمشي في شوارع هذه المدينة باحثاً عن صدر أمي لأرتمي عليه..وعن يدها الدافئة لتمسح بها على شعري وتقول لي بأنني كنزها وهبة الله لها الأبدية ولكن هذه المدينة أصبحت قاسية تعرف بإتقان كيف ومتى تسرق منا...
غادرنا الميناء ليلا متجهين إلى الشمال الشرقي من المحيط الهادي، هدفنا الوحيد مطاردة بعض سفن الصيد الجانحة ومنعها من صيد الحيتان المهددة بالانقراض. تركنا أهالينا على رصيف الميناء يلوحون لنا بأياديهم مودعين ومتمنين لنا القيام بما نحن مقبلون عليه في أحسن الظروف، وعلى أحسن ما يرام حتى نعود سالمين...
وقفت طويلا لعلي أجد فرجة أنفذ منها إلى داخل الأتوبيس فلم أجد، تعبت ساقاي كثيرا، الوقوف متعب والانتظار مملّ، أخذت أطوف به بحثا عن فرصة دخول أو فرصة خروج مما أنا فيه، عاينت مداخله كلها فلم أجد منفذا، كانوا على كل باب مثل النحل أو أشد تلبكا. داخلني قلق شديد أن تنفذ المقاعد ثم لا أجد إلا على رحلة...
الطفل حنظله.. حافي القدمين .. ثيابه رثة.. ترك المدرسة من شدة الفقر, والده لم يستطع أن يفي باحتياجاته من قلم الرصاص والدفتر. دروب العمل معطلة.. والبطالة متفشية, الفقر أصبح موضة أكثرية العرب. كان حنظله نموذجاً حيّاً ومباشراً لأطفال العرب خصوصاً, وأطفال العالم الثالث عموماً .. لا يشربون كأس الحليب...
كلما هبط السكان تحت الأرض، مع اشتداد حرارة السطح، أخذوا معهم سجيناً واحداً، استبقوه رمزاً لماضٍ سياسيّ خانق عانوه، مع سجّانه الذي يرافقه دوماً. وربما وضعوا تاريخاً ثابتاً يذكرهم بيوم السجين السياسي، أسوة بأيام الأسبوع المتسلسلة في رموزها الأبدية. في بداية صيفٍ لاهب، أعفِي المساجين جميعُهم من...
أعلى