قصة قصيرة

تمددت مساحة الفراق وسيطرت عنوة علي مشاعر بيت السيدة العجوز, التي بدت وكأنها قد كبرت أضعاف عمرها بعد أن غاب ولدها البكر( سعد) في فوضي الحرب, غاب من دون موت, أو مات من دون جثمان وقبر.. تلاشي تماما ولكنه ترك خلفه ذكري حزينة وانتظار ثقيل.. بعد ان انقطعت أخبار‏(‏ سعد‏)‏ وانطفأت أضواؤه في مسرح...
لم نكن نعرف ونحن صغار‏,‏ في بلدتنا الكائنة هناك علي رافد النهر‏,‏ من اين جاءت هذه المرأة ـ الست دميانة‏,‏ فلم تكن لها عائلة أو بيت تنتمي إليه مثل كل أهل البلدة‏,‏ ولم نكن نعرف عنها سوي اسمها‏,‏ وانها تسللت ذات ليلة‏,‏ وراقت لها الحياة. ‏ فواصلت‏..‏ تحمل فوق رأسها كرتونة مملوءة باللب والسوداني...
الرائحة الغريبة التي تحملها العواصف الشمالية تنشرها في الصحراء تنفر منها اشعة الشمس التي تميل للغروب في وهن‏,‏ الرائحة الغريبة تجتاح الدار التي تاوي الفتي من أهوال الصحراء. منذ ان هبط علي الرمال من رحم أمه لم يستطع ان يسد الفتحات الضيقة في الجدار امام تياراتها الشديدة فتقتحم أنفه ويضيق نفسه حتي...
تلوح له كالحلم‏..‏ كالطيف‏..‏ كنسمة منعشة‏..‏ كالفرح المباغت‏..‏ طيبة وطيعة ورقيقة‏..‏ تغمره بالحنان‏..‏ تغرس الزهور في حدائق أيامه‏..‏ ما أسرع انتشارها في نفسه‏..‏ مثل العبق في ليالي البهجة‏..‏ يحلو له الهرب من صخب العمل والمسئوليات الملقاة علي عاتقه‏..‏ يتمدد ويتمطي‏..‏ يدخل حيث الأمسيات...
أري في تدفق الحشود علي أرصفة المترو؛ احتدام العناصر تحت الأرض، تفجر الينابيع الحالمة بالجريان، احتشاد النمل لنقل كنوز مخبوءة، ومن قلب هذه الحشود الفوارة عبر الجهات الأربع؛ أراها تتابع رقصها الأبدي نحو اللانهائي. وعلي حين بغتة، ضرب نيزك هائج حافة الأرض، فاختل إيقاع الرقص، ففتح في جدار المترو ممرا...
دقت الساعة السابعة صباحاً. أستيقظت وفاء كعادتها في كل صباح،ونزلت من على سريرها،وأتجهت نحو الجدار،و وقفت أمام الصورة تنهدت في سرها،وقالت” صبّحك الله بالخيرأبو وحيد” ثم أستدارت إلى السرير حيث ولدها كان لا يزال نائماً أيقظته؛ ليذهب إلى المدرسة،و ذهبت هي إلى المطبخ؛ لإعداد الفطور الجميع لا يزالوا...
مضى يوم تقريباً وجواد لم يتصل أو حتى يرسل رسالة ،حاولت الاتصال به مرات عديدة ،فلم يكن جوالهِ إلا مغلقاً! حاولت أن تتذكر إذا ماحصل بينهما أي خلاف أو مشكلة ،فلم يكن سوى الخير بينهما،بل على العكس كانا في غاية الروعة حتى المكالمة الأخيرة لم يتوقف جواد عن المزاح والكلام الجميل ! قررت الاتصال...
لأول مرّة يشعر أنه مغتبط ، وهذا أمر جعله يقف في حيرة من نفسه ، لقد أصبح يضحك كثيراً ، وكانت الوجوه تحدّق به باستغراب وتغرق معه في ضحك غير مبرر .. ترى هل هو الآن في وضع لايحسد عليه ؟. فجأة توقف عن الفرح والضحك وتذكرها وسأل نفسه : _ترى متى يستقر ويهدأ بالقرب منها وهي التي لاتكترث به ؟. كان يشعر...
صدى الذكريات أيقظ في نفسي ما حدث للشاب ( محمود ) ولا أدري لماذا ابتسم عندما أتذكر المشهد في ذلك اليوم الصيفي الحار . ومحمود شاب في الخامسة والعشرين من العمر . يسكن في قرية غافية على ضفاف نهر صغير . أسمر اللون . طويل القامة . قوي الجسم . متدين يقرأ القرآن والأدعية الرمضانية . يحفظ من التراث...
عندما التقيت الفتاة التي صارت زوجك فيما بعد، أوهمتك أنها تقرأ كل ما تكتب، ولها محاولات في القصة والخاطرة والشعر بل ولها محاولات في كتابة اليوميات، وهي في الحقيقة تلقي بالطعم للمبدع لتستدرجه للزواج، ولم تنس أن تقول له أنها تهيم بأبطال قصصه، وهي في سرها تضحك منه، ومن أبطاله، ومن القراءة قاطبة بل...
خرج النهر الصغير من منبعه بين الجبال وانحدر يسير بين الصخور و الوديان وفي الطريق أوقفته نخلة عطشى قائلة: – أعطني قليلا من الماء أيها النهر؟ رفض النهر أن يعطيها الماء وظل يسير ويسير حتى مر بأرض حرثت حديثا مدت الأرض يديها قائلة: – أعطني الماء أيها النهر الجميل أسقي به بذوري وأنبت زرعي. رفض...
في معمل لعلف الحيوانات , كان المكان البديل لمقر وحدته العسكرية , وفي كل غروب كانت أنواع من الطيور تلتقي تحت المسقفات الحديد لمخازن الذرة التي ستحال إلى مأكل للدواب والدواجن , كان يشاهد التقاءها وبعض صراعات فيما بينها حول أماكن النوم الأكثر راحة لها , ثم وبعد وقت قصير تحل السكينة والظلام الذي...
* الى قاسم الساجت ... وفاء ضوء خجول يخترق الافق الرصاصي ، وتغمر الشاطىء المقفر وحشة رطبة تلامس دبق الهواء ، كان البحر يحفر علامات على الصخور، الحفرة الصغيرة امامها وفي المدى المختنق برائحة البحر لمحت طيورا بيضا تقترب ، كانت مجموعة نوارس شكلت نقاطا بيضا على سجادة الرمل الفسيحة ، اصابعها في...
تجلسُ قبالته تماماً ،عيناها لم تفارق وجهه ،دبّت في جسده قشعريرة ،شملتهُ من رأسهِ حتى أخمص قدميه،تسلّلَ الى مفاصلهِ ارباك واضح ،حركة يديه فوق الطاولةتثير الانتباه تشاغلَ بتحريك زجاجة الماء ،أغمض عينيه ،فتحهما ،مازالت تنظر إليه،المقهى يعجُّ بالجالسين ،نساء ورجال وأطفال أيضاً، حرارةُ شمس الظهيرة...
يحدث هذا بقوة المصادفة أو بطفرة رحيمة في حركة كواكب الحظ ومحاسنه الممكنة . أكلنا من يوم جمعة ظهيرتهُ ، وشربنا متخففين من دسم الضلوع وما حولها ، أول بيبان المساء قبل أن تؤذّن ساعة الفراق ، فيذهب كلُّ واحدٍ تعتعتْهُ الأيام وأشعلتْ رأسهُ أرصفة الوحشة صوب ليلهِ الأخير . حللنا الرواحل وأرحنا الركاب...
أعلى