قصة قصيرة

لا أرى سوى هامتك، أحاول التحرك يميناً ويساراً حتى أراك جيداً، لكن من دون جدوى؛ لم أجد أمامي حلاً آخر سوى الوثب على قدمي كطفلة صغيرة تراقب فراشة تطير مبتعدة عنها، لولا الجمع الملتف لركضتُ لأمسك بها. التقت عيناي بعينيك أخيراً، فابتسمتُ ابتسامة أقرب إلى ضحكة مكتومة يمنعها حياء الموقف من الظهور،...
- 1 - جلس شوكت أفندي كاظم في حجرة الانتظار في مدرسة. . . يجيل طرفه في قطع الأثاث المبعثرة، وينقل النظر بين السقف والأرض والحيطان. لم يتغير شيء فيها عما رآه لآخر مرة منذ سنوات أربع؛ هذا النضد الصغير في زاوية الحجرة كأنه قطعة من أرض المكان فلم يتزحزح عن موضعه؛ وهذه الأريكة الكبيرة طالما تمدد...
وفي تلك اللحظة أقسمت – كنت منفعلاً – أن سيكون لدي في يوم ما بركة سباحة مثلها، واسعة جميلة، تسرّ الناظرين. حافظت على وعدي والتزمت بقسمي ورحت أوجه كل اهتماماتي وتفكيري وعملي نحو تحقيق هذا الهدف. كنت في العشرين من عمري حين صدني الرجل عن بركته الذهبية ومنعني من السباحة فيها. لم يفصح عن السبب مع أن...
لما توقف الحمار عن الحركة استشاط صاحبه غضبا، وأخذ بخناقه معنفا إياه ليرده إلى جادة الصواب - خذ يا مغرور.. - لم تعنفني يا رجل؟ -خذ لأنك تأبى إلا أن تكون متمردا. - كل ما في الأمر أنني عدت إلى مذكراتي وبعد التمعن فيها عنّ لي خاطر.. - بان تنقحها وتحولها إلى رواية..خذ . - وما العيب في ذلك يا رجل؟ -...
في 29 تشرين الأول عام 1945 ، رفض سارتر ان يتسلّم وسام جوقة الشرف الذي منحه إياه ديغول بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، لأن مثل هذه التكريمات بالنسبة له تقييد لحريته لكونها تجعل من الكاتب تابعاً . وفي الرسالة التي ارسلها سارتر كانت هناك عبارة تقول :"عند اختيار اي شيء على الإطلاق ، فإنني قبل أي...
الخامسة وخمسٌ وأربعون دقيقة.. وأنا أهُمّ بإطفاء الحاسوب، لاح لي طيفه مارقاً على بُعد خطوتين من حيث أجلس. كنتُ قد تأخّرتُ في اللحاق بكرسيَ المحجوز في المقهى. أتوجّس من الصّراصير على الدّوام. كأنّ الحشرة استشعرَتْ نية السّوء التي أضمرتُ. وأنا أطوي ركبتَيّ الثقيلتين لأقوم، حاولتِ الاحتماءَ بفردةِ...
كانوا أربعة فتيان، جمعتهم في البدء نشأة الصبا على ما بين القصور الشماء والبيوت البسيطة من تفاوت ونفرة، وآخت بينهم زمالة الدراسة الطويلة ما بين ابتدائية وثانوية وجامعية، وأغراهم بالطموح إلى المجد اجتهاد عظيم وعزم متوثب ونجاح مؤازر لم يخنهم عاماً من الأعوام حتى غدوا تملأهم الثقة ويلهب قلوبهم...
تيك تك تيك تك تيك تك دقات الساعة تدك رأسي وقد ارتكنت إليها صورة أبي وقد اعتلاها شريط أسود بنفس لون ثوب أمي التي توسد خدها يدها وهي تجلس على الأر يكة أسفل صورة أبي؛ كان لابد لي من إعادة تشكيل، وجمع شتاتي، فبعضي غاضب، وبعضي حزين ، وبعض آخر يمر بموات مؤقت ، لم يتمكن أي من الاطباء والجراحين أن...
تتعالى أصوات أخوتى بالتهاني الممزوجة بفرحة حقيقية وقبلات دافئة. أدرك أن شفائى ما هو إلا هدية تضاف إلى رصيد من هدايا حصلت عليها من قبل. داعبت ابنة أخي وكأنني سأسحب العلبة التي أمامي لمنعها من أن تمد يدها لأخذ قطعة إضافية. كنت أستمتع بنظرتها الشقية الملحة تماما كما أستمتع بمذاق مشروب القرفة باللبن...
لست طويل القامة وممشوق القوام مثل ماجد عبدالله، في أيام عز وشهرة"أبوعبدالله... الرمح الملتهب"، ولا أدنو في الوسامة بقدر مسافة ميل من"بوسنيدا"، الفنان راشد الماجد. أما إذا افترش وجه الفنان جواد العلي شاشة التلفاز، فآه، ثم آه. وبإرادة ذاتية تدب فيهما على الفور، تمتد يداي كلتاهما، رغم أنفي، لتطفئا...
كنت أراقب جارتي وهي تخطو بدأب نحو الجنون. كانت تتجه إليه بالبساطة نفسها التي تضع بها أكياس القمامة أمام باب شقتها كل صباح، بالإتقان نفسه الذي تطهو به أصناف الطعام التي تغمرني روائحها الشهية كلما مررت بشقتها الواقعة أسفل شقتي مباشرة. حين انتقلت للسكن في البناية، لم ألحظ أي شيء غريب أو حتى غير...
اخترقت ساق اصطناعية خشب الباب الفاصل بين غرفتي والغرفة المجاورة. فزعتُ من الصوت العنيف، فتركتُ كتابي على السرير، وأسرعت إلى الباب. كانت الساق الاصطناعية نافذة من الباب في شكل افقي على ارتفاع نصف متر. كان حذاء الساق وثيقاً مدبباً، وفي أسفله عند مواطن الارتكاز، نعل حديد رصاصي اللون. اقتربت من...
حملت أشيائي القليلة وسرت إليك. الحقيبة الصغيرة في يد وفي الأخرى قفص الكناري بريشه الملون والعنوان. معذرة... كنت على سفر فلم أعرف أنك انتقلت إلى عنوان جديد. عدت إلى البيت القديم، فوجدتهم في انتظاري على العتبة. سلموني في صمت أشياءك القليلة، قفص الكناري، عنوانك الجديد ومفتاحاً صغيراً. نظراتهم التي...
كان يوماً طويلاً بدا كأنه لن ينتهي منذ حملتُ حقيبتي في الصباح ومضيت إلى المدرسة. كانت الشمس تطلع ولا تلبث أن تغيب وأنا أرقبها من داخل الفصل، وعندما غابت تماماً فتحوا لنا الأبواب للخروج. كنت خائفاً من العودة في هذا اليوم بالذات، فأنا لم أر"قمر"أمي منذ استيقظت، واكتفت خالتي"الجارية"بأن وضعت فطوري...
هذا هو الأستاذ في طريقه إلى الجامع القريب. تعرفه البيوت المتساندة على بعضها، وتراه تلك العيون البارقة، المختبئة في الشقوق الطولية للجدران الرطبة. عيون لبشر ماتوا، وبعد كل ذلك الزمن يبعثون عيونهم لترصده بإصرار. يقف لحظات مواجها للجدار، يبتسم قليلا ويمضي. لا يكاد يدوس على الأرض. ينقل خطواته بشكل...
أعلى