قصة قصيرة

ننشر نماذج من بواكير القصة العربية لكبار القصاصين الرواد (أشعل لي سيجارة) وكنا نسير بسرعة، فيداي لا ترتفعان عن عجلة القيادة مخافة أن يؤدي أضأل انحراف في التوجيه إلى اصطدام بشيء. ثم إن فمها حلو، وشفتيها رقيقتان، وليس عليهما شيء من الأحمر، ولست أحب السيجارة المبتلة، ولكني قلت لنفسي إن رضابها لا...
(تتمة ما نشر ) استرق إلى نفسي خاطر أن أنطلق بروحي إلى العالم فانطلقت، لم تحدث حركة في الواقع. وإنما كان يكفي أن يتجه فكري إلى شيء حتى أجده ماثلاً أمامي. بل الواقع أعظم من ذلك؛ فقد صار بصري شيئاً عجباً؛ لا يعصى أمره شيء، صار قوة خارقة تشق الحجب وتتخطى السدود، وتنفذ إلى الضمائر والأعماق. بيد أني...
غمرني شعور عجيب بأني فارقت الحياة، وأني لم أعد من أهل الدنيا، ماذا حدث؟! وما الذي تغير فيّ؟! مازلت في الحجرة. والحجرة كما كانت، فأمي وزوجي تحنوان على جسمي، ولكن حدث شيء بلا ريب، بل أخطر الأشياء جميعاً. لم أوخذ على غرة. ولو كان بي قدرة على الكلام لأجبت زوجي - حين سألتني (توتي. . . ماذا تجد؟) بأني...
(مهداة إلى روح أبي العلاء مؤلف رسالة الغفران) مقدمة (سودت هذه الصحائف يد ميت. كتبها بعد أن فارق الحياة واطمأن إلى مضجعه الأخير. ويبدو هذا - أول وهلة - غريبا لا يصدق؛ ولكنه يغدو لا غرابة فيه إذا تذكرنا حكمة قدماء المصريين التي أملت عليهم أن يودعوا قبر الميت آثاره وما كان يحبه أو ينتفع به في...
على شاطئ البحر أرسل ناظري فينطلق لا يعوقه إلا الأفق البعيد... تتهادى منه إلى الشاطئ موجات كل منها تتزين لملاقاة هذا الشاطئ بلون يختلف عما اتخذته صاحبتها، وإذا هي مرتمية عليه في إلحاح العاشق المشوق حاملة معها نسيماً يشتد حيناً ويلين أحياناً... يشتد فالشوق عارم، ويخفت فالشوق خفيف... والشاطئ رابض...
حدثني الراوي قائلاً: عندما كنت طالباً في مدرسة الزراعة بالجيزة كنت أتردد في أوقات فراغي على قهوة صغيرة بالقرب من الشارع العمومي يجري بجوارها جدول صغير وتتهدل فوقها أغصان شجرة عتيقة. وكنت أعتبرها حلقة الاتصال بين الحضر والريف أو بين المدنية والحياة الساذجة البدائية. فبينما تكون جالساً في مقعدك...
صعد بخفة على سلم الباص رغم كبر سنه.. ذو وجه ضامر، ولحية بيضاء، خصلات شعره كثيفة تشبه مجموعة من خواتم فضية تتوهج حلقاتها بلمعة خاطفة، يخرج من جيبه كيسا صغيرا، يرتفع صوته أليفا ضاحكا: تعطينى جنيه يبقى عليه خاتم هدية! .. أعطته جنيها فأعطاها خاتما، حاد الحواف مسنونا.. لامسته بحرص .. تطلع إليها وقد...
مَثلُ مِشيته كمثل مُحاربٍ ينزفُ الكبرياءُ منه دون الجسد : خَسرَ آخرَ جَولاتهِ ورجالاتهِ في معركةِ تحديد المصير ، مُنَكس الرأس كأعلام مَملكته المسلوبة ، تَدور عَيناه في كل مكان كعَاشِقين يبحثانِ عن ملاذٍ لِقبلتهما الأولي بعيداً عن ازدحام المدينة ، لَمْ يَسلمْ مِنْ تِلك الأفاعي التي تجولُ بذهنهْ ،...
سيارات فخمة، من خارج الإقليم كما تدل على ذلك لوحاتها الترقيمية، مركونة بمربد المحكمة هذا الصباح. الحركة في الردهات و الطوابق دءوبة أكثر من المعتاد، و الهواتف ترن من كل ناحية دون انقطاع: مّا حادة تمثل اليوم أمام القاضي بتهمة الضرب و الجرح المفضي إلى عاهة مستديمة مع سبق الإصرار والترصد. قاعة...
ممددة في شحوب الموتى جدتي. التهمها المرض و الإنكسار فتضاعف حجم سرير السنديان. بيد مرعوبة أجفف العرق المتصفد من جبينها. تصحو لبضع ثوان، تحاول فتح عينيها المنهكتين، تصدر عنها تنهيدة طويلة موجعة ثم تعود أدراجها. حشرجة الريح ، القمر اللامبالي البارد خلف النافذة و شبح الموت المرابض في الغرفة النصف...
عندما يدفأ طقس مراكش أو يحترّ، في منتصف النهار، ويخلو الدرب من السابلة، ويلوذ الأطفال الضّاجّون اللاّهون بمنازلهم، تخرج زاينة من منزلها لتعبّئ جردلين من الساقية المجاورة؛ كانت خشيتها كبيرة من أن تسمع ما يخز مشاعرها، أو تلتقط عيناها الحزينتان نظرات الإشفاق والإستغراب المصوّبة نحوها كالمدي، لهذا...
في البَدْء كانَ مُعلـّماً.. نفثهُ بابُ مركزِ التـّكوين إلى' أقصى' الجَنوب.. ومع ذلكَ فقد كانَ يهزُّ خنافِرهُ للسّماء.. وعندما رأى هيْأتهُ على' المِرآة وهو يلبسُ الكوستيمَ لأوّلِ مرّة قرّرَ مُباشَرةً أن ينزعَهُ إلى' الأبد، بعدما ذكـّرهُ بأفراد أوركسترا الأعراس.. وقالت ابنةُ خالـَته، الـّتي لم...
الخريف، مالت الشمس نحو المغيب، تسللت خيوطها الدافئة من بعيد، ترسم ألوانا وظلالا لغسق جميل وحزين. وضع الكتب والجرائد على المائدة، بدا متعبا وحزينا، جلس متهالكا على الكرسي، طلب قهوته بإشارة من رأسه، وراح ينظر لحركة الشارع بنوع من اللامبالاة، نظرة يائسة، كان ينظر، ولكنه لم يكن يرى، لم يكن يسمع...
كنت أزعم أن الرحيل إلى الجنة قبلة للمتراخية أذهانهم النبيهة وأدعو إليها سبيلا حتى رصفت لذلك السبيل في المنعرجات الشاهقة حيث أناطح السحاب فيما القوافل تتوافد أفواجا أفواجا، وكنت أنا الزاهد والشاهد وكنت أنت المترنحة على أطراف مخي تعبثين بأنظمة الدفع والكبح الفارزة للكلام الهادي إلى الصراط...
"هل ستحبني يوما...؟؟" يتساءل كل ليلة. يسكب آهاته الملتهبة على ورقة بيضاء، ينسج مشاعره المشتعلة في رسالة أو قصيدة شعرية، يتأمل صورتها المثبتة على شاشة جهازه المحمول، يشم أنفاسها المتدفقةَ في شرايينه، بريق عينيها، يشعل شمعة قلبه المهجور، قُبلتها البريئة ذات قطار تُحرق جسده المتعطش للحظة اللقاء...
أعلى