قصة قصيرة

كانت الفتاة الجميلة تتنقل داخل البص على مسئولية جسد خفيف مثل فراشة، كانت لا تبدو كأنها تمشي على قدمين مثل البشر، بل تتخلل الأشياء أثناء عبورها مثل سحابة، مثل غمامة عطر، وكانت رائحة جسدها ، خليط من عبق الزهور ورائحة الارض: رائحة الحياة. كنا نجلس داخل البص كأننا في رحلة إلى عوالم اخرى، إلى الفضاء...
لم يكن مقصدي المكان الذي استطاعت قواي أن توصلني إليه، والذي يقع على بعد شارعين فقط من منزلي؛ إنما كنتُ أنوي التسول من المخبز البلدي في الشارع المجاور. حرّكني الجوع، بل أقعدني عن كل فعل حتى النوم لم أستطعه. تحاملتُ على نفسي ودفعت بها للخروج. كنتُ أحلم بقطعة خبز حاف واحدة فقط، تعودت أن أتسوّل عمال...
عفواً منك أيّها القارئ العزيز، أرجوأن تتنحّى عن قراءة هذه التّي أسمبّها قصّة، أوشبه قصّة. أمّا أنتِ أيتهّا القارئة العزيزة فأرجوكِ أن تقرأي ما كتبت، فهي همسة بيني وبينكِ، فنحن نساء ونفهم بعضنا، لا أعلم مدى القيمة لأفكارنا ولساننا! كم نتحدث؟ كم نقول؟ كم نطالب؟ بجرأة! كم نحارب صديقنا الرجل ! نتخذ...
كانت شمس الأصيل قد بدأت في الانحدار نحو القبورالمليئة بأرواح الموتى وأنفاسهم تلون كل السحب بمسحة قرمزية ناعمة. وكان حارس الموتى أبو كريم يقف مع معاونه أمام قبر مفتوح بانتظار ساكنه الجديد مدير عام المخزن الكبير القادم على الطريق. بحث أبو كريم لبعض الوقت في صباح ذلك اليوم عـن مكان لائق في المقبرة...
فعلاً.... لقد كانتِ الرّيحُ تعوي عندهم كذئبةٍ مفجوعة...وتلهث.. وكان وقعُ شهيقها و زفيرها على سطحِ ذلك المستوصفِ الريفي (حيث أقيم) يبعث الرّعدة والرّعشة في القلوب.. أشبه بالفحيح على لوح الصفيح.. أما شجرة الصفصاف فقد انحنت تقبّل الأرض بين يديّ الريح طالبة الصّفح... وضعتُ كأس الشاي على الطاولة...
مرت عمي، يا مرت عمي. هكذا كان يناديها حين يضربه الأولاد أو حين يلاحقه كلب الجار العجوز الذي يلتهمها بنظراته كلما عبرت الطريق أمامه أو كلما رآها تهرع ملهوفة نحو هذا الصبي الصغير الذي تحولت شقاوته إلى مرارة ممتعة فيها من العبء ما ينهك، وفيها من اللذة ما يُنسي شقاء ما كان. تركض بلهفة نحوه، تضرب...
أرفع رأسي أنزعه كقبـَّعة قديمة، أضعه على طاولة الطعام قرب سلـّة الفاكهة، أتركه يتفرج على ألوانها الزاهية، زاهية حقا لأني كل يوم اشتري الفاكهة طازجة والخضار كذلك، أتأمله كيف يدير عينيه عن الفجل، يغمضهما ويعيد تلصصه على خريطة الطاولة. لا يعجبه النوم كما لا تعجبه الراحة ولأنه لم يتركني أهدأ لحظة...
تلتحف بعباءتها السوداء الممزقة وعودها النحيف، تناهز الستين من العمر، تحمل فوق رأسها قفة سوداء طليت جوانبها بالقار، في طريق ترابي طويل تحفه الأشواك من جانبيه، حافية الأقدام ذاهبة إلى القرية المجاورة لقريتها بين حقول المزارع، تتمتم بكلام غير مفهوم، تولول تارة وتبكي أخرى، ثم تندب حضها متعثرة...
بعد ان فاجئني بخبر انتقاله وانقطاعه عني وعن القسم الذي اعتدنا ان نعمل فيه وتطول جلسات سمرنا في فترة استراحة الظهيرة، فقد خُطف من امامي بحذر وسقط بعده متاع حياة مادة الأدب تلك التي ما انقض ان ينير ظلامها من خلال جبينه الناصع بالمعرفة والحكمة والتطلع الى التحرر من قيود الافكار الموهمة والمظللِة...
لطالما أحسست بالضيق والحزن لتهكم زوجي على طبخي خصوصا الكسكس ، فكلما طبخت هذه الأكلة لمّح وتهكّم... قائلا : ياااا حسرة على كسكس أمي ... ماهذا الطبخ ؟؟ شيء يقف في الحلق فلا يبلع ...،،والغريب أن الجميع يعجبون بطبخي حتى حماتي تعشق أكلي ...إلاّ هو . في يوم ذهبنا إلى حفلة عشاء ببيت صديقه المتزوج حديثا...
وصلت مدام نديم برفقة صديقتها الى محطة الشرطة، قلقة ومضطربة وتكاد الدموع تتدفق من عينيها.. ولولا صديقتها المخلصة التي تتأبط ذراعها وتمسح عرقها وتهمس لها مطمئنة: "سنجده.. ستجده الشرطة.. لا تقلقي"، لسقطت على الأرض مغشيا عليها. كانت متوترة للغاية.. وفورا توجّهت للشرطي المناوب: - زوجي ضاع.. خرج ولم...
صباح ممطر بالصخب والوهج نط فجأة على أذني وعيني، استيقظت من نومي واستيقظ معي.. عرفت أنه توأم يشبهني في عادات الأكل والشرب ويذهب إلى الحمام في نفس الوقت الذي أذهب فيه.. قد يكون من صلبي أو قد أكون من سلالته.. طويت فراشي بيدين تحتاجان إلى الحليب، وظهر مشتاق إلى ماء بارد توصله إلى جسدي شبكة من...
تجد نفسك في قاعة باذخة الفخامة شديدة الاتساع، تضج القاعة صخبا بأناس كثيرين، تعرف بعضهم وتجهل أكثرهم، تستغرب وجود بعض من تعرفهم، فهم يبدون لك خارج سياق الحدث الذي يتواجد من أجله هذا الحشد الهائل من الناس، والذي قد يكون ـ في ظنك ـ اجتماع جمعية عمومية لإحدى النقابات أو الأندية، ورشة عمل، أو غير ذلك...
(1) ذهبت صباح أمس إلى السينما، كان هناك عرض لثلاثة أفلام متتالية بنفس التذكرة، ولأنني كنت افتقد البقاء وحدي وجدت فيه ضالتي. دخلت كعادتي قبل الإعلانات وجلست انتظر. وقبل بداية الفيلم بفترة ظهر من العَدَم شاب ما وجاء كُرسيه بجواري، كان اسمه "روبرت". هو لم يُخبرني، أنا أطلقت عليه ذلك، أو رُبما هو...
أعلى