قصة قصيرة

ملّ القمر من الانتظار فغادر واتخذ لنفسه مدارا جديدا حول المريخ، حزنت الأرض واضطربت، وخلفت رعبا كبيرا في قلوب الكائنات، القرود معلقة بأعمدة الكهرباء، والبشر في الشوارع هائمة على وجهها، معلق على ظهر كل شخص لافتة مكتوب فيها: (حذار، كائن خطير سريع الغضب). الشمس مكشرة تنفث النار كالتنين، وفي الأفق...
كنت أنظرها - على غير عادتها- صامتة متجهمة، ارتأيت ألا أتدخل فيما لا يعنيني، ولكن كيف؟ كيف لا تعنيني..وهي أنا؟! وقفت أمامها أستجدي نظرة تبوح بما بها كما كانت تفعل، ولكن على ما يبدو أنها قد عودت عينيها ألا تبوح. وكأن الأيام قد رسمت أقدارنا بما يتنافى مع دورانها، حملت حقيبتي وأنا أتهادى بخطوتي،...
كانوا ثلاثة.. لا أعرفهم.. لم أتبين ملامحهم.. ولكني كنت أعرفهم.. أو أنني عرفتهم في زمن ما مغيب في أعماق الذاكرة؟!.. لعلي رسمت ملامحهم من مجمل ملامح كنت قد رأيتها أو مرت بي دون أن ألحظها.. أو لعلها وجوه رسمت نفسها بنفسها لتخرج عبر أحلامي المزعجة!! ولكن.. لمَ يزعجني ذلك الحلم.. هل هو كابوس؟.. لا...
هنا خلف أسوار السجن نفوس توقفت عن الحلم، فالغد مبهم يكتنفه الغموض، الأفق مضبب عدا هؤلاء الذين يجاورونه ويشاركونه تلك البقعة قصرا ويديرون كل أعمالهم المناوئة للقانون القابع في الأضابير كي يستخرجه كل باحث عن درجة علمية يكتسب بها كنية جديدة، لأجلها يحسن ارتداء رباط عنقه، الليل ليل والنهار نهار ولكن...
تجافت جنباتي عن المضجع ، قمت فتوضأت ثم صليت ماقدر لي ربي من صلوات ثم أخذت كتابا أتصفح فيه السكون يخيم على الدنيا، قطرات المطر تحط على زجاج الغرفة فتصنع صوتا بوتيرة واحدة مما أعطاني شكلا من أشكال الوَنس، ظللت على تلك الحالة حتى اخترق أذنيّ رنين آخر غير صوت القطرات المتساقطة، أنصت مليا فسمعت...
لا تنكر وحيدة أنها أحبت حسان فى يوم من الأيام، يوم بعيد جدا، أيام كان نحيفا كعود بوص، يسير فى حواري وأزقة " الطابية " بجلبابه الهفهاف وقامته المديدة كالنخلة. كان يعمل لدى مقاول أنفار ُيدخل ورق الدشت إلى شركة الورق، أو يَرفع العجينة المتخلفة من الصناعة، لكن بعد وقت قصير اقتنع به المقاول وجعله...
جاءت الفنانة نبيلة عبيد، بضحكتها المموسقة ، وبثيابها النارية، ورشاقتها المثيرة ، الى بغداد ، لكي تلتقي بالروائي العراقي عبد الستار البيضاني مؤلف رواية " دفوف رابعة العدوية " ، لتبحث معه في مشروع فيلم جديد مضمونه المتصوفة " رابعة العدوية " التي سبق لها ان مثلته في سنة 1963 مع الفنان عماد حمدي...
يقف الجميع متأهبًا للحظة البدء، الرجال يتفاخرون بعضلاتهم وقوة أبدانهم وصلابة سيقانهم، بينما الفتيات يلتحفن ببراقع الحياء، وكل منهن تلقي بنظرات جانبية تجاه أصحاب البنيات القوية. اليوم هو اليوم المنتظر في حسم السباق الدائم بين الغريمين "فضل" و"جابر" أفضل صيادي دلماس، وذلك بعد انعقاد الاجتماع...
تستقر جلستها أغلب الوقت فوق الدكة القديمة إلى يمين الباب الرئيس، وبيدها فرع صفصاف رخو، تهش به كلاب الشارع ودواجن الجيران، يتحاشاها الصغير ويرهبها الكبير، كلمتها كالسيف لاترد مسلطة فوق الرقاب ، ومشورتها واجبة النفاذ في أمور البيت والغيط" حفيظة " امرأة قاسية ركبت في شخصها شخوصا عديدة، أغلقت عليها...
نعَتُّها بِأقسى النُّعوتِ، وأنا أرجوهَا أنْ ترأفَ بذلكَ الطِّفلِ الَّذي لم يتجاوزْ بعدُ عامَهُ الخامسَ: - إنَّهُ يتيمُ الأُمِّ، ترفَّقي بهِ، أرجوكِ! ثُمَّ أخبِريني، أيستحِقُّ أنْ يُترَكَ على الشُّرفةِ في هذا الجوِّ المُثلجِ فقط لأنَّهُ -غيرُ عامدٍ- كسرَ تلكَ الآنيةَ الزُّجاجيَّةَ، تخيَّلي...
يقبلون من بعيدٍ، أسمع صخب أصواتهم، وأصداء ضحكاتهم تتردَّد في الفضاء؛ فيرتجف قلبي فرحًا. يقتربون من داري رويدًا رويدًا، يجدونني بالخارج، أجلس بجوار الباب، كما جرتِ العادة. يمرُّون بمحاذاتي، يلقون علي تحيَّة الصَّباح؛ أشحذُ بصري الكليل، أتصفَّح وجوههم السَّمراء. الشَّمس فوق رءوسهم قرصٌ ملتهبٌ،...
كان عليٌ، قبل يومين من موعد العودة إلى الديار، أن أقتني هدايا لزوجتي وطفليٌ. ومن بين ما اقتنيته دراجة صغيرة تعمل بالطافة الكهربائية. قلت في نفسي: سيجد إياد ومرام في هذه الدراجة متعة كبيرة. دفعت ثمنها، وكان أقل بكثير من ثمن صحن السباڨتي واللوشة، وحملت الهدية في صندوقها الكرتوني. في مقر إقامتي خطر...
قبل النوم عقدت العزم على أن أستيقظ باكرا، وأذهب إلى مقر التعاضدية العامة للتعليم.. في مثل هذه المواقف، اعتدت على أن ما أقرره في الليل، أتراجع عنه في النهار.. خرجت من المؤسسة التي أشتغل بها قبل الوقت المحدد.. لم أعمل في الحصة الأخيرة، لأنه لم يلتحق بالقاعة سوى تلميذ واحد، فأجّلت الدرس إلى الحصة...
لا يختلف الأمر كثيرا بين البغل والنمل ، فكلاهما من خلق الرحمن . ولا أدري سبب دهشة الناس من اسمي وسؤالهم المتكرر عن سبب تسميتي بالبغل ، حتى صرتُ أكره اسمي وأكره كل البغال . نادت السكرتيرة بصوتها الذي يشبه زعيق فأر . فاتجهت نحوها مسرعا مذعورا ، خشية أن تقوم بطردي حين رأيتُ الغضب في عينيها . تقدمتُ...
كانت هناك هذه السيدة الكبيرة في السن، خلال فترة تواجدي في الصيدلية، اعتدت على التعامل معها، فهي تأتي مساءً خلال مناوبتي، واعتادت على شراء كميات اضافية من الأدوية تقيها شر الخروج المتكرر في الشتاء، أو هذا ما أقنعتها به، خوفًا عليها ولا يخلو هذا الخوف من بعض الطمع في جعلها تشتري أكثر، أدوية الضغط...
أعلى