سرد

أقام الأبناء والبنات والأحفاد الزينات والبلالين، والتفوا جميعهم حول تورتة عيد الميلاد، فاليوم تحتفل الجدة التي تفخر بسنواتها الخمسين، بعيد زواجها الثلاثين، أمسكت وزوجها السكين، التى غاصت فى التورتة، كأنها تغوص فى الزبد، وامتلئت الأطباق، بقطع التورتة والفاكهة، بعد شرب العصائر وتقبيل الجدة، التى...
في ليلة باردة بعد يوم متقلب المزاج، جلس "عبيدة" إلى سريره المعتاد، يتفرس جريدة قديمة، لم يتمم قراءتها رغم أنه امتلكها مند فترة ليست بالقصيرة. لم يكن تفضيله لهذا الكرسي اعتباطيا أو عفويا، فقد كان هذا السرير مقابلا لنافدة مهترئة، تطل على أرض واسعة، كثيرا ما زرعت لكنها لم تنتج غلة يومــا، ولن...
هناك صيف في كل مكان، داخل الأحذية وبين أسنان المشط، وتحت الإبطين، وفي غمامة الذاكرة، وله رائحة نمل محترق. ليس النمل المجنح فقط، بل حتى النمل الذي يتعشى تحت الجلد. أو ذلك المتخفي داخل الأرواح المتململة. ويحاول الكلب طرده من لسانه الطويل، وهو يعود إلى الخلف، لكي لا يتبع سيده الصغير. والسيد الصغير...
سيدتي الجميلة، أخيراً، تحقق حلمي ودخلتُ غرفتكِ! كم ترقَّبتُ واحترقتُ شوقاً في انتظار هذه اللحظة، حتى حسِبتُها لن تأتي! لكنها أتت، وهأنا أقفُ قربكِ مُخدَّر الحواس، أُمَلي العين برؤياكِ، من أخمص قدميكِ الحافيتين إلى أعلى رأسكِ المتوج بشعر كستنائي طويل. وأنتِ تجربين فساتينكِ أمام المرآة لانتقاء ثوب...
خارج الدائرة التي كنت احد ألمقربين من أقطابها بل كنت اقرب الى خط قطرها الداخلي، جاهدا التحرك مثل حركة المكوك الذي في بعض الاحيان يتحرك بنسبية، اما بشكل طردي او عكسي، على اية حال.. ها أنا خارجها الان كما غيري بعد إنتهاء الصلاحية، اتبضع بقايا ما تناثر من هواجس نتيجة الحركة الدائمية لليل والنهار...
يقيم ( ج ) في شقة جميلة مؤثثة بأروع ما ابتكر من أثاث ومرتبة ترتيبا جماليا رائعا. تقع في قلب العاصمة( ت) أشتهر بتجارة الأسلحة والتهريب وتبييض الأموال.فرت زوجته العصابية النحيلة مع تاجر مخدرات ماكر كان صديقا لبعلها الذي ما فتىء يعاملها معاملة الرقيق ويمعن في ممارسة طقوس جنسية غريبة حيالها معملا...
أنا لست من هناك.. صرخت كقطرة ماءٍ رفضت أن تتلاشى وسط محيطٍ لا تنتمي إليه.. لا تشبهه.. ولا يحبها بصدق.. فقدت في رحلتي اسمي، عنواني، تاريخ ميلادي ولم يعد لي من عيدٍ أحتفل به.. أفلت حلمي من يدي كطائرةٍ ورقية.. رحلت إلى المجهول وأخذت معها قطعةً من قلبي.. ركضت خلفها حتى خذلتني ساقاي.. وبكيت إلى أن...
الليلة، نزفت السماء بشدّة، لكن، حالها كحال الأيام والليالي المطيرة الفائتة، لا فائدة منها ترجى؛ أشجار الصفصاف الباكي الشاخصة في الحديقة الملكية ستظل عطشى!، تركتُ النافذة، والتفتُ إلى أبي ناقما متذمّرا من هذه العيشة المريرة التعسة: - أي ذنب اقترفته أيدينا واقترفه أهل البلدة؛ كي نوضع بهذا الموقف...
والليل غارق في سكونه، انتفض من نومه عندما شعر برياح الانتقام تعصف بأنفه، وتروح وتجيء في روحه، وتعبث ببذور الشر في صدره. نهض متحفزا وقرر الانتقام من كل من زرع بذور القلق والهم في قلبه حتى طرحت أشجارا وارفة في صحراء عقله. عندما انتهي من كتابة قائمة الانتقام، شهق متعجبا عندما رأي اسمه الثلاثي "صالح...
أخذوا يجرفون المكان بحثا عن أنفاق أو مخابئ سرية تكيد لهم، قطعوا الأميال تجريفا ذاك المساء كثور هائج حيال الرقعة الحمراء ، كانت آلياتهم ثقيلة على جسدي الممزق لكنني لم أتألم كعادتي ، لم أشتك كما يشتكي البشر، كنت لحظتها مشغولا بالمراقبة والدعاء من عدة جهات انبثق في ذات الحين، فعين على اليمين وأذن...
تنام وردتي الصفراء في حضن أصيصها على حافة شباك غرفة النوم، وأنا أحاول أن أغمض عينيّ حين تدق طبول الليل في فراشي، مدركة أنه اليوم الثالث على أخذ جرعة العلاج الكيمياوي، وهو موعد معركتي الجسدية مع آثاره على أوعيتي الدموية.. علاج يدمر الأوعية المغذية للخلايا السرطانية، وكذلك المغذية للخلايا...
كثيراً ما كان أبي يردد: إذا أردت أن تعيش سعيداً، فكر كما يفكر الآخرون من حولك. شببت ونموت وكبرت وأنا أعيش أسيرة لتلك المقولة. رأيت الجميع مولعين بحديث الغيبة والنميمة، فتصيدت أخبار الأقارب والجيران وزميلات الدراسة، أبثها وأنشرها في محيط الأسرة وعند زيارة الخالات والعمات. أحرفها وأضيف إليها...
بلهفة .. أزحتُ ستائر نافذتي .. الحديقة البيضاء .. وأغصان الأشجار المرتجفة وهي تحمل أكوام الثلج.. وذلك الصوت الذي يبعث في نفسي الوحشة .. جعلني أشعر باليأسِ من رؤيته اليوم .. لكن نباح كلبه جعل الأمل يدبُ فيّ من جديد .. كم يبدو أنيقًا وسيمًا بمعطفه الأسود ذي الأزرار البراقة كمعطف أبي وكتابه...
ظَلَّ عمره يُكابر ، لا يَعترف بَفارقِ السِّنِ بينهما ، هو شابٌ يَافعٌ على أعتابِ الجَامعِة، وهي فتاةٌ غَضَّةٌ لم تُوِّدع سنواتها العشر، ابنة عمه ذلَك الرجل الصَّامت الذي قالَ يوما في حَسم ٍعلى مَلأٍ من الأقاربِ:" هي له وهو لها لن يُفرقهما إلا الموت" ، لا يقبل الرجل رأيا ولا يتراجع عن قَرارٍ ،...
كان الشيخ يجوب الوادي بحثا عن زهرة الحرجل التي تشفي كل أوجاع البطن. كان ينحني إلى الأرض في مواقع يعرفها جيدا، ويغرس أصابعه الدقيقة في الرمال، فينزع النبتة من جذورها بمهارة أثمرها طول المراس، ثم يلقيها في الزكيبة المدلاة فوق ظهره وقد انحسر ثوبه القصير فكشف عن ساقيه النحيلتين. في عصر هذا اليوم كان...
أعلى