سرد

تفحّصت وجهها جيدا في المرآة، كي تتأكد أنها انتزعت الشعر الذي بدأ ينبت على ذقنها، قبل أن تباشر وضع المساحيق، استعدادا للقاء صديقاتها الدور. ابتسمت وهي تحرك يديها يمينا ويسارًا، كي تتأكد من أنها لم تترك شيئا، تذكرت كلمات زوجها بضرورة ذهابها للطبيب كي تفحص خللها الهرموني الذي أدى إلى ظهور ما لم...
الى كريمة: قال شكسبير:”دعونا لا نثقل ذاكرتنا بعبء مضى”… لكن مثلي يجب أن يظل مثقلا بذاكرته حتى لا أنسى أنك ذات رمضان اقتطعت جزءا من جسدك لتمنحيني الحياة. كيف لي أن اهرب منك وانت ستكنيني؟ أخذت الأنبوب الزجاجي الشفاف الذي أعطتني إياه الطبيبة, ودخلت إلى مرحاض المستشفى الحكومي. كان نتنا...
أبصر النور موفور الصحَّة. كان هائل الضخامة، مهيب الطلعة. جاؤوا بحفاضة ليلفُّوا به جسمه. نهَرَهم، مثلي لا يوضَع في حفاضة، علق سريعاً. لكنه عريك؟ ردوا عليه. إنها حقيقتي وليس عريي، تراجعوا. فتراجعوا منكمشين على أنفسهم، مصدومين به. *** قال: علي أن أخرج، لأرى العالم. أطلق تنهيدة، وهو يدير المحيطات،...
ما قبل الصمـت حين حيتك أميرة المدائن اقتنصت بأفق عينيك إشارة اغتراب غير مدبلج بسمتك تبدو متكلفة. وكعلم منكس كان أحد شاربيك معقوصا إلى أسفل. نظراتك هروبية لا تعكس لفحا مقدسا خالص الوميض. الزمن دخل طور التركيب في نظرك. جاوز إنسابية تغريك كنفس يرفض سبـق الإصرار في رسم آلاتي. و آلاتي زئبقي يأبى...
في الصباح الباكر، عندما كنت أذهب للصيد بالقرب من كاب سبارطيل، كنت أحب أن أرتدي جلبابا كنت خطته بيدي من عدد لا يحصى من قطع أثواب ألوانها خلابة. كل مربع من القماش كان يمثل ذكرى قصة. وكنت أحب أن أحكي لنفسي واحدة، وأنا بمفردي، وأنا ألامس بلطف المنسوج، منتظرا أن تعلق السمكة بالصنارة. وذات يوم، لما...
كنت جالسا مع جمع من الأصدقاء، نثرثر فى أشياء فارغة, حتى لمحته يقترب منى, ويسحبني بيدي ـ تعال معي . مشيت إلى جواره فى هدوء، مستجيبا له، لم يكن أريحيا مطمئنا كعادته. ثمة انكسار، وأسى دفين، يطويه بين جوانحه، كان يبدو متأثرا وحزينا، هذا ما ألاحظه عليه منذ فترة غير قصيرة ـ أنظر إلى هذه الباحة ! قال...
فى يوم يوليوى قائظ، كان الشارع خالياً إلا من بضعة أوزات تصطك أجنحتها من وهج الحر، حينما أرهفت العجوز "فتاتة" السمع لطارق يدق بابها، فنهضت العجوز التى تقيم بمفردها ونظرت من خصاص الباب فوجدت الطارق سائلاً فزمت شفتيها وعادت إلى موقعها من الموقد الخشبى تراقب غليان الماء الذى ستسلخ فيه أرنباً عثرت...
هي التي لم يكن قبلها حياة ، حين توقفت المجرة عن السعي خلف الإتساع، نبَضَ القلب ، على حين غفلةٍ مني .. لم أدرِ ماذا أفعل ؟! أيها البعيد ، هل لك أن تبلغ سلامي للغرباء ؟ أيها الغريب الحنون ، هل لك أن تحمِلَ شوقي من بين أضلعي ؟! على حين غفلة من رب الأكوان ، الذي لا يغفل ولا ينام ، ولم تسعه بعد أعين...
فى يوم صيف كانت "الحمادة" متّقدةً. وصلتُ مع الغروب إلى علامة اللقاء ولم أجد أحداً، أقمتُ خيمتى وانتظرتُ.. لم أنمْ. عند الخامسة من فجر اليوم التالى بدأتُ أشربُ.. وصلَ ابن آوى. عند السابعة صباحاً كنتُ ثملاً، ولترٌ من اللهبِ يغلى فى جوفي، وابن آوى نائمٌ يحلمُ بالعَرَبِ. عاندتْ نسمةُ الصباحِ الشمسَ...
الحب يقهر كل شيء.. فرجيل جلس الرفاق على الشاطئ وأداروا وجوههم إلى البحر وكانت الشمس تهوى إلى الغروب. وفيما ورائها الأفق الجريح يتعثر في حواشيه الرقاق، صارخاً متشبثا بأذيال هاجرة لن تعود، وسرعان ما سيطر الذهول على الجميع فقال أحدهم: ليتك الآن بيننا يا (حماده) فتصوغ هذا المنظر شعراً من نبع خيالك...
كنتُ أمشي في أرض خبقة عفراء.. تحركتْ غيوم صوب الجنوب مثقلة بالحيا.. جدتْ بعدها ريح شمالية في الهبوب فأنشطتْ العفر وابتدأ يدور.. وأخذت الأرض تهش بسرعة مفزعة.. جعلتُ أعدو بصدري وساعديّ على الرمل الذي جنّ فجأة والحفرة التي لا يثبت عمقها ولا شكلها تسكنها قوة جبارة تجذب رجليّ إليها.. شلّ دوران العفر...
ولم اكتملتِ قُبَيْلَ مارسَ والحروبُ حديقةٌ هذا الربيع. حربي وإياكِ افتضاحُ حقيقتي الصُغْرى وتبيانُ الأكاذيبِ التي غَرَسَتْكِ "جُوّايَ" انْتَشَرْتِ كقُبُّعاتٍ زُرْق عند حدود هُدْنتِنا ومارسُ يشتهي أن نستعيرَ البرقَ من أيلولَ كي يستعجِلَ اليغمورَ كُنْ، يا شهْرَهم ما شئتَ كُنْ حرباً على العشاقِ...
لم تكن آخر قُبلة، لكن ما حدث قبل ذلك كان مثيراً. فبعد قدومي للمنطقة بيوم، خرجت أتعرف على شوارعها وساكنيها، مساجدها ونواديها، تعثرت بها عند فسحة صغيرة في منزل طيني عريق تنبت على حوائطه حشائش خضراء، يطل على شارع فرعي هادئ، به غرف لم أعدها، سوره قصير. أبصرتها خلسه، منحنية بأدب على الأرض، ونهداها...
رفرفت إليه من باب موارب، سرعان ما انغلق خلفها كأنّ يدا ماكرة أوصدته. لا تذكر ما كان بين يديها من شأن منزليّ فأهملته يتكسّر أو يتعفّن أو يحترق.. ذهنها لا يعقل حينها سوى صوته الذي كما المزمار السّحريّ ينفّر كلّ فئران الفرح الغافية في جحور الخجل فتتبعه كطفلة مسرنمة.. غير أنّ اليوم، سُدّ باب الرّجوع...
فوجئت به، وهم يدخلونه إلى المربَّع الفارغ المجاور لمربّعها. شعرت بإحساسها الحيواني أنها تعرفه منذ زمان. سرت رعشة في جسمها الرشيق. إنما أين وكيف؟ ما أن رآها هو الآخر، وهو يجاورها بدوره، داهمه شعور مماثل.استيقظ كامل جسمه الدقيق كسهم لمرآها. إنها ليست غريبة علي. هكذا خاطب نفسه بكلام خاص به . كانا...
أعلى