سرد

لم يكن يرى شيئاً من هذه المناظر الجميلة المتنوعة التي يمّر بها القطار، ولم يكن يسمع شيئاً مما يدور حوله من أحاديث الناس. كان في دنيا الماضي يجوس خلالها، ويقف على بعض مشاهدها وقفات طويلة مفكرة. هو ماضي أليم، ولقد كان نجح بعد جهود مرّة في إسدال الستار عليه، وفي نسيان ما فقد فيه من آمال عزيزة قرّح...
قبل الحكاية: – “أين الجنة؟”. نهرُ حنين انسكب من عينيها، وحشرجة جرح ازدادت تمدُّدا في قلبها المكلوم. وقبل أن تجيب أمها….! أبصرتْ الجنة في طرف جلباب والدها المعلَّق: “الجنة نقشٌ في جلباب أبي.. وأبي الغائب… في جلباب حكاية!”. بعد الحكاية: الخوض تلك المدينة النامية، تكاد لا تنام شوارعها في...
قَالَ “فارس” وهو يَضَع يَدَيْه الصَّغيرتين على مَلَابسه: “ملابسي مُبلَّلة”، ثم نَظَر أيضًا إلى فَرَاشه، وقد فَتَح عَيْنَيه باتساعٍ شديدٍ: “وفِراشي مُبلَّل أيضًا”. ذَهَب إلى خَزَانة الملابس؛ ليغيِّر مَلابسه، فسقطتْ جميعها عليه. ذَهَب إلى أمِّه ليخبرها بما حَدَث، ولكنَّ أمَّه كانت مشغولة بأخته...
تلك الخيام كانت تقاوم دفنها تحت العاصفة..البرد القارس قد يكون القاتل الأبرز في هذه الأرض الموحشة، ليست الخيام سوى كفنٌ مؤقت سيُستبدل سريعا بكفنٍ دائم، وحينها سيكون أكثر دفئاً. ماذا لو تُركت الأجساد على ممشى القادمين؟ ماذا لو لم يجدوا في وقت فرارهم فرصة لدفننا ؟ حسنا لا بأس سأخبر جيراني في...
طبطب أستاذ مادة اللغة العربية فوق كتف لبنى بحنان هو يقول "ستصبحين مميزة ،لا ينقصك سوى الكثير من التركيز ، وغير قليل من الانتباه. وأضاف بنيرة أب حنون " واجباتك المدرسية قبل التلفزيون ...أتسمعين. يا لبنى؟؟؟؟ في البيت العتيق ، لا يتوقف جهاز تلفزيون 14 بوصة بدون ألوان عن الضجيج و لا يكف عن إرسال...
على جهة النزف الطفولي، ربما حنّت الوردة إلى حقيقة القطف، وإن بدا أنها صامتة كالقبر المنسي... كانت شفاعة الضحك توقظ حزن الورد وقد تدحرج أريجه بين ارتعاشة الفَراش ذات ربيع شهي، ويد مكلومة في حب راقد ينبت في ضيق الغبطة، تجترحه مواجد الأرض... ها قد سار الانسان في طرق مظلمة ...قد يبررها بأنها طرق...
يجلس صامتاً في شرفة شقته الفارهة، وجهٌ شاحب هزيل كأنه يعاني منذ زمن بعيدٍ من مرض عضال، عينان جاحظتان يشكوان الأرق وطول السهر، لم يكن يعرفُ منذ متى هو ساكن في جلسته تلك، كما لا يعرف لما يعتزل الزحام وما فيه من أناس ومُتع وسلوى وبات يلتزمُ الوحدة كل ليلة كأنها جزء من جسده. قطعتْ عليه خلوته زوجته...
حلقت طائرة حربية سوداء فوق رؤس الناس ، بدا هيكلها اقرب الى قلعة من القطيفة ، مطفية اللون متربة كأنها وحش اسطورى سميك الجلد ،كثيف الشعر، يخفى فى جوفه نوايا القدر ،كحوت قرر ترك أعماق المحيط و السباحة فوق ميدان التحرير ، اصابني الرعب لحظات أن ينشق بطنها الضخم ليلقى فى عيوننا البارود و الهلاك ...
"عليك أن تبدأ برؤية باطن الأشياء..لتكتب قصتك الحقيقية.." - تمسك جيدا.. - احذر الطريق.. - افلت بجلدك.. تصلني وغيرها من أصوات تحذرني، تلاحقني، تتداخل فيما بينها، تشكل حاجزا مموها،يزيدني حيرة في طريق أتخبط فيها وحيدا.. فزعا، مذعورا من رفرفة أجنحة طويلة، أشعر بظلالها تجري مسرعة ورائي، لكنها تختفي...
"بنت أبوها" كان اللقب الذي يصاحبها كظلها، أينما ذهبت في محيط عائلتها، فكم من طفلة كان بطلها الاول "‬أباها"، وكم من أنثي كان عشقها العُذري "‬اباها"، وكم من أب كان ضحية غيرة ابنته العفوية، هكذا كان حالها يتأرجح بين تلك الحالات. لذا كانت صدمة فاقرة ألقت الرعب في قلبها، عصفت بروحها كالغثاء الأحوي،...
هل يمكنك يا فانيش أن تكوني كالهواء ؟! جهزت أوراق فانيش وتأشيرة خروجها من الإمارات إلى عُمان. لم أحتمل عدم معرفتي بتفاصيل دخولها إلى الإسلام. أرقبها من المرآة الأمامية للسيارة. تُراقب فانيش البنايات والشوارع. رأسها مرتفع وما أن أتحدث إليها حتى تضع عينيها في عينيّ مباشرة، على عكس دارشين مطأطأة...
في منتصف تلك الليلة، تردّد صوت نحيب مرير عند مشارف القرية، قام التوسي والتفع بثوبه، فزعت المرأة يانزونغ ونزلت عن الفراش، بدا واضحاً لها أن تلك البقعة المظلمة مليئة بالأشباح، أخذ التوسي يسعل وهو واقف عند رأس السرير، في أقل من لمح البصر كانت دروب القرية مضاءة بالفوانيس، بينما أوقدت المشاعل عند...
في أحد أيام الزمن الجميل، والرومانسيات الخالدة .. على الشجن العذب لعبد الحليم، وألحان عملاق الجيل عبد الوهاب .. عاشت الحياة بكل أبعادها المرئية، وغير المرئية : علم .. ثقافة .. رحلات .. صداقات .. خبرات .. أساس تكونت من خلاله شخصية مبهرة .. بشوشة .. باعثة للأمل في كل المحيطين بها .. تحمل كمًّا من...
في بلدة ريفية بإحدى محافظات مصر الزراعية.. داخل ڤيلا أنيقة تقع على قارعة أرضه الشاسعة.. كان مراد يعيش مع زوجته، وابنته الوحيدة فريدة، وهو سليل عائلة إقطاعية، فقد أتت قوانين الإصلاح الزراعى على الكثير من أطيان والده، إلا أنه، وبعد فتور وهج الثورة، استطاع أن يسترد الكثير منها، إما ببطش نفوذه على...
لطالما كانت رمالُ شاطئِ المَعمورة المُفضَّلة بالنسبةِ لي، ألجأُ إليها كُلَّما أردْتُ إفراغَ طاقتي، فارتطامُ الأمواجِ بقدمي يُذيبُني عِشقًا في تمرُّدِ الكونِ الذي يُشبهُني. أضعُ يدي على جبهتي فأتحسسُ الندبةَ التي لا يزولُ أثرُها وينهالُ عليَّ سيلٌ من الذكريات الأليمةِ التي لا أُحبُّ تذكُّرَها لكن...
أعلى