عبد النور الهنداوي - قال لي الدم لقد أكثرت " من" الكتابة عنّي

قال لي الدم
لقد أكثرت " من"الكتابة عنّي
وأنا لا أجيد القراءة// ولا تأويل الحركات المغطاة بالظنون
منذ فترة
وظلّي /// جاّف
يحاول اللجوء إلى مزهرية عمياء
وإلى جدران بلون الوقوف
كل ما على الأرض دم
أنهض كالأسطورة
وأتوغل بالرعشات/ كي تتسع اليابسة
يكفي أن تشبه الجريمة
لتتحول إلى هتاف
أو تغتصب الأسرّة
لتكون مثل خطوة باردة
كلنا أشرعة
لإخفاء البطولة
نرقص على الثلج
احتفاء//بالقاطرات التي تنقل الأزهار والجنون/ والألغاز
نختلط بالشرائع/ وصراخ الدمى/ وأعماق الغرباء
لنجرّد الطرائد من آلامها
ربما أتسرّب كماء في الحلق
لأكتشّف لون أصابعي/ كي أمحو/ " ماتبقّى" من نتف الغيم
وموسيقى الحرب // ومارشات الزنوج/ وليلة اندثار الغابات
وبكاء الموائد الفاتنة
أنام في اللغة
لأدخل بكل ما أوتيت
في كل جرح
أتناوب أنا/// وصداي على تمزيق ثيابنا حِداداً على الجفاف
لا أحد في الفراغ سواي
أعتصم داخل جلدي/ فقط/ لأمتصّ هوايتي // بالقفز أمام
فمي
وقد أتدارك الأرصفة المعتمة
لأظل محتشداً/ أنا واليمام/ والبهاء
كنت خارج الأمتعة/ أصدح بالعيون الغارقة بالأفق
أبارك الدمع المعلّق بالأظلاف المباركة
لأقشّر البحر بأسناني//
وأمتطي فضيحتي//
وأعلن امتطائي لنظري فقط
وأتبختر مثل مجهول شكّل صرخة في النوم
هكذا// وطئت قلادة غَنيّة بالوحوش والجواري
أخوّض بالتفاصيل /
محاولاً الإستنجاد بالنصوص/ والشعراء الأصدقاء
_ إن تكلمت لم تمتنع كآبتي/ وإن سكتُّ فماذا يذهب عني
صرت مأمولاً بما تيسّر لي من الصواعق // واجترار ما تبقى
من الخلاص
نهضت /// كي أرفع الهواء قليلاً
كي أقطف تفاحة منتهية
وبعد ذلك
أقطر بالألم.
قبل أن أبدأ بالكتابة
حاولت أن أجرّب كيف تكون الآلام
فرسمت غرفة مكتظّة بالوداع
وأثثّتها بوردة "تغتسل" بدموع اليهود
يبدو أنني كنت أجرّد الحجارة من حصانتها
لأقذف الأسطورة بالوضوح
هذا لا يعني أنني أعرف كيف تموت الأبعاد
أو أنّ الضياع
يشبه ماءنا البطيء
أو إنني في مهمة شاقة للوصول إلى الرطوبة
بدءاً من اليوم
سأبحث عن تجربة لها محيط
وأجساد فذّة تشبه إلى حدّ ما مخابئ الفقراء //
للإقتراب من كل من يراني بعنف
ويصفّق للمجهول على الدوام
(يا أبنة شعبي تنطّقي بمسح وتمرغي في الرماد
اصنعي لنفسك مناحة مرة واحدة
لأن الخراب يأتي علينا بغتة /دون نذير)
هاأنا أغادر يا أهلي// بهجتيَ النائمة
أتفاوض مع الجلجلة / لأسفح ضفافي بالبياض
أو لأبتكر زحاماً ناشفاً يوصلني إلى أعماق الطواف
سأنفلت كالنشيد
وسأصنع أشياء تساعدني على النطق
لئلّا يعضّني العتاب
وأكتشف أنني لا زلت أحاور المجهول.
رؤياي شظايا
ورغبتي في الطعنات؟
حولتني إلى كارثة مبهرة // مشبعة بالبخار/ وأقفاص لتربية الشموع
ومن مأوى إلى مأوى
وخوفا من وثنية الهراوات // ورخام العدم
فكّّكت وجهي بضراوة
وكتبت رسائل عن ثقافة / الأنبياء والعباقرة وأنين الفراغ
( يا أرض لا تغطي دمي ولا يكن مكان لصراخي
إن كنتم بالحق تستكبرون عليّ/ فثبتوا عليّ عاري)
هو دمي علّمني كيف أحتاجه
علّمني الإرتجاف ظلماً وعدواناً
وكيف تنهار الغشاوات // شرط أن نكون وجها لوجه/
أمام توهج الأقفية
وأيضاً
علّمني كيف أستقبل التراب الذي أمضى حياته نائماً ///
يفكّر في كيف يبدأ بالموت
وراء التراب
ضحكة بلهاء تتكئ على الضرورة
وراء التراب
ألبسة يابسة/ ومقوّضة /// ونازفة
بياض كنّا نظنه من أجلنا
لكن فجأة
أتوارى وراء الظُلمة وأخلد في غيهبيتي
كي أغتاب الصخور المغلقة
أو أتسلّل إلى رؤوس العوامِ
لأذكّر رغبتي في الحديث عن دفائن الثلج
أو ما تركتْه أصابع الخلفاء // من بقعٍ في المخيلة
لكن يا دم
وأنت سيد الأسئلة//// وارتقاء الإشراق
حلفتُ بمسراك
أن أدغدغ جرحك لتراني وأنا في غاية العطش
أي// وأنا أتدرّب كيف ولدتنا الأعراف والمعاطف والألغاز
تعاطفت مع الأبدية
أن يكون الدفن/ أمام جماهير تودّ شدّ الرحال إلى الرماد
_الأخيلة تقدمت من تحت المياه وسكانها
_الهاوية عريانة والهلاك ليس له غطاء
كل ما قلته من كلام " رشرشته" على وجه بلادي
وانتظرت كي لا تأكلني الغيرة/ والمبالغات الفضفاضة
الغائمة
لم أتوقع أن يكون لي بهجة ترفرف كيفما أشاء
أو عتاب //يحدّق بكل ما يراه / وبكل ما يموت
هي نكهة الخلاص
والعودة الغامضة /لمولانا الفراغ
لقد حاورت أعماقي // ما ظهر منها وما بطن
وملأت أصابعي بالوميض الثقيل لأظلّل المناخ
انتحبت أنا والكهوف
علّني ألتقي بفضيحة ترتدي أي نوع من العشب
أو العثور على رماد بأبعاد.
كل المراثي التي عرفتها
طالبتني بإلغاء المسافة// بين الضحايا / وبين الشتائم
يا ابنة شعبي
كنت أعتزّّ بماضيك كطائر لم يهاجر ولا مرة واحدة
وكنت وحدي أسيل عليك// كي نمزّق الأساطير وما تبقى من المجد
كنت أكبر في النوم كما تكبر الكلمة
وكنت أكبر انا والأفق
كحجر يحثّني على السير////صارخاً بالشرود
فلكل سؤال جديد
فناء يتصاعد// كنار الجرح
ولكل صرخة///
شجر يهرع / باتجاه شهواتنا
أغتسل بصفقات الضوء لئلا يتكثّف الخجل// في جياع الشعب.
لا أريد نبوءة الطير//والإستلاب واقف طريح البرهان
" عارياً "أكون أمام الكشف
ودلالتي
أنني إبن الشجاعة/ وفخر الإستجابات الحاضرة الغائبة
لا أريد أن ألوذ بغير ما أريد
ولا الإختباء خلف نوافذ / لم تكن موجودة أبداً
أنا الآن أسير الإصغاء/// والتبتّل أمام كومة ألبسة تافهة
أختلط بوحدتي
وبالظمأ العنيف حين تشرق الشمس
أهمّ بالإجابة عن أسئلة لم تكن مقنعة
كنت أريد الكتابة عن ابنة شعبي
عن بحر يجرّني من وجهي // باتجاه مقبرة للطيور النادرة
ولا أحد يسأل عن أشيائيَ المخبأة.
لا يلزمني أي شيء أبداً
حتى الخوف/ صار شارعاً يرقص في نومه
أتدرّب على الغواية قليلاً قليلاً// كي أصدق أنني لم أرتكب
ما يخلّ بالشرف/ أو معاشرة الأوغاد
أتذكر يوماً "ما"/ كان فارغاً/ من الشمس والصباحات
وما يكفي لأظلاعنا من النوافذ
يا أبنة شعبي
هيّئت أصابعي كي تضرم النار في الدنيا
وأيضاً
كي تداعب/ ما تبقّى من أبناء الطين// وأغاني المغول
يا ابنة شعبي
لا سروَ/ ولا يهود / ولا حجارة نرشقها / في أعماق الكهوف
كلّني آذان صاغية للإيقاع القادم من الجلجلة
وللعلم
ها أنا أفيض كالطوفان
أزغرد منتخياً لكل ما يرفرف/ أمام الطغاة// وأمام المعجزات
يا ابنة شعبي
أنا قطرة دمع//// مبلّطة// بالدم المرير
وسرّالعالم / وكحل الفراغ
رذاذ الندم/" ومسخ الكائنات "ولحظة الخلق الأولى
واندحار اللحظات المهدّدة بالثأر
لقد تأكدت من شحوب الأجفان وإغماضات الأجساد المكوّمة
وفصحاء الندم
تركت الشوارع تعبث في فراغها
لأتحفّز للثأر من لحمٍ مرشومٍ على واجهات مجهضة
أرتجفُ // من دم يحيط بخزف لا يطاق
لأصنع ضجيجاً/// يصفّق من أجلنا
لكي لا يكشطنا السلاح والثلج/ والفتوحات العمياء
" وإذا لا بدّ من ذكرى"
هاهي الأعراف تقرأ كتاب البلاد
تهيّىء العبور / والرماة/// وملح الإنتصار
لتجريد الأزمنة من ظلالها
وإبرام صفقة مع الخفقان/وحذف البراهين من الوجود
آهٍ
كم أودّ// معرفة مصادر الخراب
والإرتفاعات التي فيها جاذبية وإيقاع يخصّني
جنباً إلى جنب
أنا وأنت يا ابنة شعبي /نهزّ بعضنا لنفتك بالخصوبةِ//
لتزداد الأضرحة
هي رغبة مشبوبة بالبهاء الدفين// وانتظار في الممرات الطائشة
في جوفي غيمة لا تجيد اللغة
وأقمار نخلطها بالسخام// وَ(...............)
وعزاء كفكف ارتعاشه / ليغتسل ببراعة أمام الدم
أنا أصلاً ليس لي حجة أتدثّر بها/ من هذه الأرض
يعني أنني تحولت بهدوءإلى ليل
والليل أكل ما أدركتْه أصابع الطغاة
هكذا سأبدأ بترميم الغناء الوطنيّ
_ الغوص في أنانيتي/ لكي لا أُفتضح أمام التأويل//والضياع
_الطيران/ فوق أصوات هاجمها الحلم // وهواة السراب
إلى هنا
بدأت أتجوّل في خرائط الأطلال لتبريدها
أصول /// وأجول/ محدّقا بالخيبة/ أداعب نفقاً مصفّحاً
بأصابع فاخرة
لكنّ طارئاً//
اغتال حدقات كانت تهتف على عارٍ جاهر بعودته المجلجلة
لا لشيء
إنّما لهشاشة الجوع الذي لا يفهم الأسئلة
ولا الحديث عن اليقظات الباذخة
أنتم أيها الأحرار
الذين اعرفهم// واعرف اعترافاتهم// وجاذبيتهم/ومجدهم.
بين يديْ
ظلمة ارتأت/أن تكون طافحة بالقسوة// والأسرار الفظيعة
وتريد أن تؤسس" حداثة" جديدة عن التراب// ومشروعيةالبردِ وصلصال الفراغ
وكيف أنها فصّلت سلاحها الباهض الثمن
لإعلاء كلمة الرخام الذي أرتجفُ في بدايته
وكابدَ خلاصه ليجتاز وضوحه الأخّاذ
قالت الظلمة أيضاً:
كان ياما كان بعض الوحل// وبعض أخطاء خرجت من ثقوب
محاصرة بالكثير من الضحايا
كنت مهيّئة للنوم في غرفة ذات أضواء // وتحتفظ سرّاً بدويّ
البرابرة// وتوزيع الجثث لإنتاج الشموع
أكاد أضجّ وأنا أستبدل الأرواح بالغرق
والأمكنة الفارغة بقرع الطبول
يا ابنة شعبي
الرهان// يرعف
والوصايا// تدسّ أصابعها بالواقعية الشمّاء
والأسلحة/فقدت رموشها
وانتمت بشفافية //للتجليات
//
سأزرع بكائي" في كل "مكان
وسأملأ وضوحي بالضحايا
والحيطان الواطئة
بأساور تتلألأ للغريب
يا ابنة شعبي
لقد حصّنت كل شيء//
بضوء حياديّ
وأضأت لحميَ الفاخر
أمام غابة
تذرف الدموع بالغريزة
.
عبد النور الهنداوي

_ ما بين قوسين من مراثي النبي إرميا

تعليقات

الشاعر العراقي عبد النور الهنداوي يكتب بنفس شاعري مكتض بالجمال والانفعالات والاحاسيس، ويحشد ترسانة من الاسئلة الوجودية والرؤيوية والصور الشعرية القاتمة قتامة هذا العالم والكامنة في سوريال ميتافيزيقا الكائنات الثائرة الناقمة الغاضبة المحترقة بلوعة الوجود الهش
عبدالنور الهنداوي شاعر يكتب غير هياب بقوة صدامية وبروعة القديسين
 
أعلى