فيصل سليم التلاوي - الكتابة من نافذة الجرح.. شعر

وأكتب حين يغدو الجرح نافذةً سماويهْ
وقنطرة تمد بجيدها للشمسْ
ليعبرها رجالٌ يحملون الجرح فوق جباههم شارهْ
أتوا من مرفأ الأحزان نحو جزائر الرعدِ
وفي ومَضات ِأعينهم تلوح حرارة الوعدِ

وأكتبُ والمدى يمتد أغنيةً
ذكرتكِ منذ أن كنا صبيينِ
نُلملمُ طاقةَ الَزَهَرِ
ونرسم دارة القمرِ
وكنتِ أميرتي، وكما تحدث جدتي:
- فكأن طيفك من بنات البحر حوريهْ
رأيتكِ مثل نخل البيد والشمس الشتائية

لمحتك حين أصبحنا غريبينِ
وفي عينيكِ يا قمري
برغم غزارة المطرِ
وذاك الغيم يحجب طلعة القمرِ
تراءت خُضرة الشجرِ
وعطر الأرض والليمون والثمرِ

عشقتكِ حين أصبحنا رفيقيينِ
نمدّ رقابنا جسرًا على النهرِ
وحيث تعمّد الشهداء والأبطالُ فانتظري
ليعبرَ جيلنا الآتي لموعدهِ مع البحرِ
يدُقُّ بيارقًا حمراءَ، يزرع ساحة الوطنِ

عشقتكِ حين خانت خيلها الفرسانْ
وحين كبت خيول الفتح في الميدان
عشقتكِ حين صار العشقُ مشنقة وموج دُخانْ
وحيث يُعمّدُ العشاقُ بالنيران

فإن يأتوكِ يا مكحولة العينين بالخبرِ
فضُميني إلى نهديكْ
أشُقّ غلالة القمرِ
وفيكِ أشمُّ عطرالأرض والزيتونِ والزَهَرِ
وأوصيك: - احرقيني، واجعليني مرةً كحلاً لعينيكِ
وذريني إذا ما شئتِ تحت ظلال زيتونهْ
لعل الزيت يصبح شارةً في الدربِ مضويهْ
ولافتةً تضيء على المدى : خبزًا وحريهْ.

فيصل سليم التلاوي

الجزائر 1974
  • Like
التفاعلات: نزار حسين راشد
أعلى