إيتالو كالفينو - "الرجل الذي صاح تيريزا.. قصة ترجمة: عبير الفقي

صعدت قبالة الرصيف، ثم سرت إلى الوراء بضع خطوات ناظرا لأعلى، ثم من وسط الشارع، رفعت يدى إلى فمى لجعل الصوت عاليًا، ثم صحت تجاه الأدوار العالية من المبنى "تيريزا". أنعكس ظلى فى ضوء القمر وتجمع عند قدمي.. مشى شخص ما بجانبي.. مرة أخرى صحت: "تيريزا".
جاء الرجل إلى وقال: "إذا لم تنادى بصوت أعلى فإنها لن تسمع. دعنا نحاول معاً"..." حسنا، أبدأ العد حتى ثلاثة، وعند ثلاثة ننادى معا "ثم بدأ: واحد، اثنان، ثلاثة " ثم صحنا سويا "تيررررريزااااا"!
كانت مجموعة أصدقاء صغيرة تمر فى طريق عودتهم من مسرح أو مقهى رأونا ننادي. فقالوا: "حسنا، سوف ننادى معكم أيضا" ثم انضموا إلينا فى وسط الشارع وبدأ الرجل الأول فى العد من واحد إلى ثلاثة ثم صاح الجميع معا "تيررررريزااااا!" ثم جاء شخص آخر وانضم إلينا.؛ بعد ربع ساعة كان هناك مجموعة كاملة منا، عشرين تقريبا. وكل فترة يجيء شخص جديد لينضم.
كنا ننظم أنفسنا لنستطيع الصياح أعلى، كلنا فى نفس واحد، لكن الأمر لم يكن سهلا. كان هناك دائما شخص ما يبدأ فى الصياح قبل العدة الثالثة أو شخص يطيل فى الصيحة، لكننا فى النهاية كنا ندير شيئا فعالاً إلى حد ما.
اتفقنا على أن "التاء" يجب أن تنادى منخفضة وطويلة، و"الراء" تكون عالية وطويلة و"الزاء" منخفضة وقصيرة. بدا الأمر على ما يرام. مجرد شجار بين الحين والآخر عندما كان شخص يخرج عن النظام.
كنا قد بدأنا فى تنفيذها بشكل صحيح، عندما قال شخص ما، إذا كان يمكن وصف صوته بأى شيء، يجب أن يكون كوجه مليء بالنمش، سأل: "ولكن هل أنت متأكد من أنها فى البيت".. "لا " قلت.
"هذا أمر سيئ "، ثم قال آخر. "هل نسيت المفتاح الخاص بك ؟"
"فى الواقع ،" قلت له: "لدى مفتاحي"
"و هكذا ،" سألوا، "لماذا لا تصعد إذا؟"
"أنا لا أعيش هنا" أجبت. "أنا أعيش على الجانب الآخر من المدينة."
"حسنا، سامحنى على فضولى " قال ذو الصوت النمش سائلا:"لكن من الذى يعيش هنا؟ "
"أنا لا أعرف حقا " قلت.
شعر الناس بالضيق قليلا حول هذا الموضوع.
"إذا، أرجو أن توضح " تساءل شخص بصوت يخرج من بين أسنانه: "لماذا أنت هنا فى الأسفل تنادى تيريزا ".
قلت له: " حسب علمي، يمكننا أن ننادى اسما آخر، أو نجرب مكانا آخر إذا رغبت ."
شعر الآخرون بالضيق قليلاً.
" أتمنى ألا تكون تلك حيلة تجربها فينا "سأل ذو النمش بريبة"...
"ماذا "، قلت ممتعضا، ثم التفت إلى الآخرين لتأكيد حسن نيتي. فلم يقل الآخرون شيئا.
كانت هناك لحظة من الحرج.
" أنظر " قال شخص حسن المحيى "لماذا لا ننادى تيريزا مرة واحدة أخرى، ثم نعود إلى منازلنا ."
هكذا فعلنا الأمر مرة أخرى. "واحد اثنين ثلاثة تيريزا! " ولكنه لم يخرج بشكل جيد للغاية. ثم رحل الناس إلى بيوتهم كل فى اتجاهه.
كنت قد وصلت بالفعل إلى الساحة عندما تهيأ لى أننى سمعت صوتا ما زال ينادى "تيرررريززااااا ! "
شخص ما ظل باقيا هناك ينادي. شخص عنيد.


* من المجموعة القصصية أرقام في الظلام لـ " إيتالو كالفينو"..


من موقع بوابة الحضارات:
بوابة الحضارات | من المجموعة القصصية أرقام في الظلام لـ" إيتالو كالفينو".. "الرجل الذي صاح تيريزا"

تعليقات

أعلى