مصطفى معروفي - عجبا لدهر

نبذ الزمان ذوي الفطانةْ=وقد اصطفى الغوغا بطانةْ
فـأخو الفطانة لــــــــم أجـدْ=خــصـــــمـًـــــــا لـــــــه إلا زمـــــــانَهْ
يحيا الغبي مـــــنـــــــــــــــعّما=و المال رغـــــــــم الشينِ زانهْ
و جــــــــواره فــــــطـــــــــــنٌ له=زيــــــنٌ و ثـــــــوب الفقر شانهْ
ذاك الغـــــــبــــــي مــــــــبـــــــرأٌ=لـــــــــــكـــــــــنّ هــــــــــــذا في إدانةْ
عـــــــــــجــــــبا لدهر ما يــــرى=مــــــــــن عـــــــــــاقـــــل إلا وخانهْ/

تعليقات

قصيدة رائعة جدا.. وهي خلاصة الخلاصة..وقد كتبت منذ عهد مضى أشبه بها. غير أن نكتة المسألة كامنة في سياقات التفاعل البشري وهنا يترادف الزمان بالعقل الجمعي او مجازا له. وقد نحى العلماء ذلك المجاز جانبا عندما بدأ علم النفس يبرز إلى حيز العلوم متفرعا عن العلوم الاجتماعية ثم تفرع عنه علم نفس الجماهير ثم تناثر ضؤه يمنة ويسرة فظهرت علوم الادارة والتسويق والحرب النفسية...الخ وكلها تعتمد على معضلة انحطاط العقل الجمعي فتستغله استغلالا ممنهجا ومنظما بعد أن كان ذلك يحدث على مستو الوعي الفردي البسيط. وهكذا استغلت الأنظمة والحكومات السرية والامبريالية ذلك على نحو علمي مدروس.. لذلك أصبحت تقمع المثقفين كلما حاولوا رفع أصواتهم ، مبقية -تلك الأنظمة- على التجهيل ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. مصطفية الغوغا بطانة لافظة ذوي العقل سافهة لهم أو مسيطرة عليهم حفاظا على استقرارها. لا يعزب عن ذلك غربي ولا شرقي...فكم هذا مؤسف بعد أن عقد المستنيرون آمالهم على حداثتهم المغتصبة.
 
من المفارقات الغريبة جدا أن تجد المثقف في حالة يرثى لها من البؤس و الشقاء يعاني الأمرّين ،بينما تجد شخصا عاديا يعيش في بحبوحة و يبدو سعيدا بعقاره و رصيده البنكي.
هذه المفارقة الغريبة كانت و منذ القديم محل انتقاد من طرف النخبة المثقفة من الناس ،و يحضرني اللحظة بيتان ينسبا لابن الراوندي يقول فيها:
كم عاقلهاقل أعيت مذاهبه=و جاهل جاهل تلقاه مرزوقا
هذا الذي ترك الأفهام حائرة=و صيّر العالم النحرير زنديقا
و بيتان آخران علقا بذاكرتي و لا أدري لمن هما:
عضنا الدهر بنابه=ليت ما حل بنا بهْ
لا يوالي الدهر إلا=غافلا ليس بنابهْ
لقد عشنا حتى رأينا بعض المثقفين كأنهم يمدون اليد من أجل العيش فقط.
شكرا لك أستاذ أما ، و حبذا لو نشرت قصيدتك التي أشرت إليها في ردك الكريم هنا في هذا المنبر حتى نتقاسم متعتها جميعا.
دامت لك المسرات مولانا.
 
أعلى