خيرة بورزيق. - ظاهرة الغسل الأخضر

أولا- تعريف ظاهرة الغسل الأخضر greenwashing :

هو فعل تضليل المستهلكين حول الممارسات البيئية للشركة أو الفوائد البيئية لمنتج أو خدمة ما.
إن ممارسة الغسل الأخضر هو عمل من أعمال نقل المعلومات إلى الجمهور الذي يعتبر ظاهرا ومضمونا تحريف للوقائع والحقائق من أجل أن تظهر الشركة اجتماعية و/أو مسؤولة بيئيا في أعين الجمهور المستهدف.
وعموما، أصبح مصطلح الغسل الأخضر يستخدم الآن للإشارة إلى مجموعة واسعة من الشركات، بما في ذلك ليس على سبيل الحصر، حالات معينة من التقارير البيئية، ورعاية الأحداث، وتوزيع المواد التعليمية، وغيرها. ومع ذلك، وبغض النظر عن الإستراتيجية المستخدمة، فإن الهدف الرئيسي من الغسل الأخضر هو إعطاء المستهلكين وواضعي السياسات الانطباع بأن الشركة تقوم باتخاذ الخطوات اللازمة لإدارة بيئية. وقد صيغ هذا المصطلح من الناشطين البيئيين لوصف جهود الشركات في تصوير نفسها كصديقة للبيئة وتستخدم ذلك كقناع للمخالفات البيئية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ثانيا- أمثلة حول الغسل الأخضر:

حين نتحدث عن الغسل الأخضر الذي تمارسه بعض الشركات التجارية أو المؤسسات العامة أيضا لإعطاء صورة عن أعمالهم، الجانب البيئي فيها مبالغ فيه مقارنة مع الواقع. مثلاً:
1- يتميز الغسل الأخضر، في كثير من الأحيان، بتغيير اسم العلامة التجارية أو المنتوج، لإعطاء انطباع عن "الطبيعة"، كوضع صورة للغابات على زجاجة من المواد الكيميائية
2- الإعلان على أن السيارة الكهربائية لا تؤثر على البيئة، بينما هناك تأثير ناجم عن إنتاج الكهرباء أو إنتاج السيارة.
3- أو حين تقوم الشركات الكبيرة من النفط والغاز بتسليط الضوء في إعلاناتها، على أبحاثهم في مجال الطاقة المتجددة، لكن وفقاً للأرقام، إنها تمثل القليل جدا من أنشطتهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ثالثا- أصول الغسل الأخضر:

ظهرت فكرة الغسل الأخضر في فترة تلقى فيها معظم المستهلكين أخبارهم من التلفزيون والراديو ووسائل الإعلام المطبوعة ، ولم يكن لديهم رفاهية التحقق من الحقائق بالطريقة التي نفعلها اليوم. في منتصف الثمانينات من القرن الماضي ، كلفت شركة شيفرون النفطية سلسلة من الإعلانات التليفزيونية والإعلانات المكلفة ببث تفانيها البيئي. ولكن في الوقت الذي كانت فيه حملة "People Do" سيئة السمعة ، كانت شركة Chevron تنتهك قانون الهواء النظيف وقانون المياه النظيفة وتنقل النفط إلى ملاجئ الحياة البرية.
كانت شركة شيفرون بعيدة كل البعد عن الشركة الوحيدة التي قدمت ادعاءات مشينة. في عام 1991 ، أعلنت شركة "دوبونت" الكيميائية عن ناقلات النفط ذات الهيكل المزدوج لها إعلانات تعرض الحيوانات البحرية في الكورس إلى "Ode to Joy" لبيتهوفن. اتضح أن الشركة كانت أكبر شركة ملوثة في الولايات المتحدة. تلك السنة.
لقد تغيرت عملية Greenwashing خلال العشرين سنة الماضية ، لكنها بالتأكيد لا تزال موجودة. مع احتضان العالم بشكل متزايد للسعي وراء ممارسات غيرنر ، يواجه الممثلون التجاريون تدفقاً من الدعاوى حول المطالبات البيئية المضللة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ رابعا- موقف المسؤولية الاجتماعية من الغسل الأخضر:

لقد أثبتت العديد من التجارب في العالم أن البعد البيئي له دور محوري في رسم سياسات منظمات الأعمال على اعتبار أن السياسات التي تهتم بالأبعاد الاقتصادية دون غيرها، قد ترتب عنها نتائج وخيمة سيكون لها الأثر الكبير في تهديد مستقبل الأجيال القادمة. إن وضع و تنفيذ السياسات البيئية في إطار سعي المنظمة نحو تحقيق أحد أهم أبعاد المسؤولية الاجتماعية لها، أصبح الهاجس الذي يشغل تفكير مديري المنظمات باعتبارها تتضمن العديد من المكاسب و المنافع التي تساعد في تحقيق المسؤولية الاجتماعية للمنظمة دون أن تهمل المكاسب المالية لها.
وأهم ما يجب تسجيله هو أن المسؤولية الاجتماعية تأخذ بالنية والعزم والإصرار والاقتناع نحو تنفيذ الجانب البيئي بكل تفان وإتقان، وليس التظاهر بأداء هذا الدور كما هو معمول به في ظاهرة الغسل الأخضر، هذا الاتجاه الصادق غير الزائف في البعد البيئي للمسؤولية الاجتماعية هو ما يسمى بالسياسة البيئية التي تعرف بأنها "بيان بنوايا المنظمة و مبادئها المتعلقة بأدائها البيئي الشامل":

1-عناصر السياسة البيئية للمسؤولية الاجتماعية:
-يجب ألا يتم إنفاق المزيد من المال أو الوقت على الإعلان بأن المنتجات "خضراء" (أي تراعي البيئة) ، وإنما بدلا عن ذلك يجب الإنفاق الفعلي على الممارسات السليمة بيئياً.
-أن تتلاءم مع طبيعة و تنوع التأثيرات البيئية الناتجة عن أنشطة منتجات المنظمة.
-تشمل الالتزام بالتحسين المستمر و الحد من التلوث.
-تتضمن الالتزام والتوافق مع المتطلبات القانونية و القرارات الأخرى التي تخضع لها المنظمة.
-توفر إطار للعمل و المراجعة للأهداف البيئية.
-توفق و تطبق، ويتم إبلاغها إلى كافة الأطراف المعنية.

2- أهداف السياسة البيئية للمسؤولية الاجتماعية:
-الموازنة بين المكاسب التي تنتج عن نشاط المنظمات و ما بين الأضرار الناتجة عن التلوث الذي تخلفه.
-إيجاد و تطوير الإجراءات الضرورية و الفعالة لحماية صحة الإنسان و حياته من كافة أشكال التلوث.
-الحد من الممارسات التي تؤدي إلى تدهور موارد البيئة أو تنظيم تلك الأنشطة بما يكفل معالجة مصادر التلوث وتخفيف أثار البيئة قدر الإمكان.
-استعادة الوضع الأمثل لمكونات البيئة الهامة و خصائصها الفيزيائية و الكيمائية الحيوية بما يكفل استمرارية قدراتها الاستيعابية و الإنتاجية قدر الإمكان.
-مراعاة الاعتبارات البيئية في المشروعات الاستثمارية الاقتصادية و الاجتماعية المستقبلية.

ويشير منتقدو هذه الممارسة إلى أن ارتفاع ظاهرة الغسل الأخضر ، المقترن بتنظيم غير فعال ، يسهم في تشكك المستهلك في جميع المطالبات الخضراء ، ويقلل من قوة المستهلك في قيادة الشركات نحو حلول أكثر خضارًا لعمليات التصنيع وعمليات الأعمال. تستخدم العديد من هياكل الشركات طريقة "الخضراء" كوسيلة لإصلاح الإدراك العام لعلامتها التجارية. غالبا ما يتم إنشاء هيكلة الإفصاح عن الشركات من أجل زيادة إدراك الشرعية. ومع ذلك ، تجد مجموعة متنامية من أبحاث المحاسبة الاجتماعية والبيئية أنه في غياب المراقبة الخارجية ، فإن استراتيجيات التبييض الأخضر ترقى إلى المواقف المؤسسية والخداع.

المصادر:
1- Greenwashing - Wikipedia
2- What Is Greenwashing?
3- مقال بعنوان: المسؤولية الاجتماعية كدافع لتبني سياسة بيئية مسؤولة من طرف منظمات الأعمال

من إعداد: أ. بورزيق خيرة

تعليقات

بحث جيد وموضوع جديد..هل هناك اتفاقية دولية او قانون داخلي يفرض الازامات بيئىية بحيث يمكن مقاضاة هذه المؤسسات التي تمارس الغسل الاخضر؟
هل يمكن في حالة عدم وجود قانون يعاقب عليه استخدام قوانين حماية المستهلك لمعاقبة الشركة على الاعلان الكاذب؟
اي باختصار المسؤولية القانونية.
 
وعليكم السلام ورحمة الله .. شرفنا مرورك سيدي.
بالرجوع إلى التقنينات الدولية والمحلية فهي ناقصة في هذا المجال، غير أنه يمكننا الاتكاء على قوانين حماية البيئة وحماية المستهلك، كما ونجد مكاتب المنافسة وحماية المستهلك تقوم بمتابعة الشركات المضللة وتفرض عليها غرامات مالية، كما هو الحال في أمريكا وكندا والهند ... أما عن النموذج العربي نجد المشرع الفلسطيني قد كفل حماية جزائية للمستهلك تحت مسمى جريمة الخداع.
هذه الظاهرة تعد أحد صور إعاقة وتفعيل مبادئ المسؤولية الاجتماعية التي تدعو إلى النزاهة والشفافية. لهذا وأمام قلة التشريعات القانونية حول هذه المسألة يستلزم دعاة المسؤولية الاجتماعية إلى رصد مثل هذه الممارسات وكشفها. ذلك لأن المتابعات القانونية لا يمكنها التوصل بسهولة إلى عدم قانونية الإعلان وهذا غالبا لعدم وجود أدلة إثبات، كأن يستعمل المنتج عبارة "طبيعي" في حين أنه يحتوى على إحدى المواد السامة كاليورانيوم ولكنه بالفعل مادة طبيعية.
 
بحث جيد وموضوع جديد..هل هناك اتفاقية دولية او قانون داخلي يفرض الازامات بيئىية بحيث يمكن مقاضاة هذه المؤسسات التي تمارس الغسل الاخضر؟
هل يمكن في حالة عدم وجود قانون يعاقب عليه استخدام قوانين حماية المستهلك لمعاقبة الشركة على الاعلان الكاذب؟
اي باختصار المسؤولية القانونية.


وعليكم السلام ورحمة الله .. شرفنا مرورك سيدي.
بالرجوع إلى التقنينات الدولية والمحلية فهي ناقصة في هذا المجال، غير أنه يمكننا الاتكاء على قوانين حماية البيئة وحماية المستهلك، كما ونجد مكاتب المنافسة وحماية المستهلك تقوم بمتابعة الشركات المضللة وتفرض عليها غرامات مالية، كما هو الحال في أمريكا وكندا والهند ... أما عن النموذج العربي نجد المشرع الفلسطيني قد كفل حماية جزائية للمستهلك تحت مسمى جريمة الخداع.
هذه الظاهرة تعد أحد صور إعاقة وتفعيل مبادئ المسؤولية الاجتماعية التي تدعو إلى النزاهة والشفافية. لهذا وأمام قلة التشريعات القانونية حول هذه المسألة يستلزم دعاة المسؤولية الاجتماعية إلى رصد مثل هذه الممارسات وكشفها. ذلك لأن المتابعات القانونية لا يمكنها التوصل بسهولة إلى عدم قانونية الإعلان وهذا غالبا لعدم وجود أدلة إثبات، كأن يستعمل المنتج عبارة "طبيعي" في حين أنه يحتوى على إحدى المواد السامة كاليورانيوم ولكنه بالفعل مادة طبيعية
 
أعلى