جعفر كمال - هِيَ "الإستفزاز الجميل"

* مهداة للشاعر الثر يحيى السماوي

يا ... هِيَ
ثمرةٌ تشتهي رحيقها
ولا تشبع
من أينَ أجسها
شهمٌ أنا
عطشٌ لعِطرِها
يريقُ لها ريقي
عفيف المذاق
هِيَ
حلوةٌ
صبابة وجهِ الحمامة
يا خصرها الضامر ينثني
حين تحار في خطوتها
تَفزُ رَعْشَتها
لمّا
تشتَهِ شفيعَها الضائع
في الغربة
مُطيلا
* * *

يا ... هِيَ
رشيقة الطرف
تمايلت خجلاً
سنبلة استسلمت هب النسيم
فانثنت
واستقامتْ أنثى
أهيم لا حراك بي
كأن ما بان أثار النار
شَوَّغَ في مهجتي غربتي
كأن وحدتي تغلي
وحين يزورني طيفها
كأَن الأثم أسكرني
وأغواني
كأن الرب لا يدري
بما يجري بعنواني
* * *

يا ... هِيّ
حين أنظرها كأنني أحتار فيها
كَأَنِّي أغارُ عليها من نفسي
حين اقرأُ لها فنجاني
أَلْمحُ آهً مطولةً تشاكسُ نَهدَيّها
وحالهما
يشتهيان رعشة من لمسة
مذاق ينوب عن الخمر
تُعيْدُ لي ماضيً
حاله حاضر
على أجنحة الصبوح
في مجيئَها
أحسُها
كأنها
تشتهيني حرارة ريقها
أجدني
أنازع في نفسي عذاباً
وأصطلي بجمرتي
تعالي يا رفيقتي
أشدو لكِ شعري
كالنسيم
يأخذنا
لواحة عاطرة
تستلهم غايتنا
* * *

يا ... هِيَ
كم صبيحٌ ثغرها
راق لي
منذ أن نظرت لوحتها
مرسومةً سروحَ سحرٍ
بالماءِ والزيتِ المعتقِ لوناً
معطراً بِعَرَقِ أصابِعِها
كيفَ أرتسمتْ زِينتها؟
سألتُ نفسي
هل أشوقَ طَعمها؟
قالت ..
لم تزل لم يضيء فيك لحنها
وإن ركضتَ عارياً في رياض عطرها
ستنتظرُ
وهي مسهدةٌ إليك
أرحمَ قَصْدُكَ
فلستَ سوى هاو
لا تدري ما راقك
اسألك
ما ظمأك؟
ردد
ردد
تدني
تدني
ترى هل مشفق أنت؟
أم
خدرَ طيبُكَ الضاوٍي
سهد لا يفارقني
* * *

يا ... هيَ
ثغر حبني
وأنا المتيم بخمرة الفم
أترعتُ كأس لعابها
وسكبته في قبلة ظمأى
حارت بها الآهُ
قالت أثملتَ؟
فقلت زيديني من كل غصن ثمرة
تطيّب الأِشجان
ومكلوم إذا فز يسيلُ ريقكِ
شجواً
فزيديني من رياض تنوعت به
الأرطاب والأعناب والريحان
وعصفورٌ ينادي خليله
دعيه يفر لغصنه
يستكين بحضنه الحاني
فما ظمأتُ يوما
والنسوان كثر باحضاني
تطاردني من المقهى إلى الدرب
من الحانة
إلى دفءِ سريري الآثم الجاني
ولما هبت صَبا صِباك
تماطرت أنوثتك على سهلي
مَتَعْتَهُا أمنيتي
من عاشق صامت
يرسمُكِ عروسةً مسعورة
عطش لك أن تسفري
يثير سرَ وصلٍ
ترى
أَيَجِيُ يوماً
أعانقك عارية لعريان
* * *

يا ... هيَ
زد يا أيها الليل زمنك
ولا تشرق
فقد منحت ما تبقى من العمر
ليلةً واحدةً
طلها ولا تقصر
فقد هيأتَ أشجاني
فقد أوقدتَ صليليَ بنيراني
فقد سوسنتَ مجيئها طهراً وعرفاناً
قلقٌ سبوحٌ مسبحٌ برحمة دينها
أن لا أميل عنها وأبتعد
ألمها بحصيرتي
وعطر تراب "كيعاني"*
أغذيها من ولع ثوّرَ شجوي
وأيْقَظَ في النفس نسياني



= = =
كيعاني: الكيعان، جمع كاع، الأرض المملوكة لهذا الشخص أو ذاك، وهي مفردة شعبية
أردت لها أن تكون في القصيدة لأهمية موسيقاها المتفق مع الوزن والصوت والإيقاع
 
أعلى