جليل العطية - موسوعة عربية عن علاقة الرجل بالمرأة

أعمال جلال الدين السيوطي عرفت اهتماما كبيرا ما عدا آثاره التي تناولت الجنس في التراث العربي

يعد جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي (849 ـ 911 هـ) من أشهر الفقهاء المؤلفين المتأخرين واغزرهم نتاجا، حتى ان آثاره تقع في نحو الف ما بين رسالة صغيرة ومجلدة ضخمة، لهذا فانه حظي باهتمام الدارسين في القديم والحديث الذين لفتت انظارهم كثرة مؤلفاته وتشعب المعارف والفنون التي طرقها.

والمثير للدهشة عجز هؤلاء العلماء عن حصر مؤلفاته وضبطها رغم تعدد نسخ الفهارس التي اختصت بها، والتي تولاها بنفسه عندما اوردها في مقدمة كتابه حسن المحاضرة وغيره، وفي فهرس مستقل بها.

ومن حسن التوفيق ان يتولى عدد من الباحثين مؤخرا نشر فهارس بنتاجه المخطوط والمفقود والمطبوع فيسروا لمن يريد ان يطرق اي جانب من مؤلفاته المتعددة: اختصار الطريق.

وعلى الرغم من وفرة الدراسات الحديثة التي تناولت السيوطي الاّ ان الملاحظ ان احدا لم يتصد لآثاره التي تناولت الجنس أو علاقة الرجل بالمرأة.

من هنا يأتي ترحيبنا بقيام (حسن أحمد جغام) بهذه المهمة الشائكة، الشاقة.
و(الجغامي) أديب وباحث وناشر تونسي له عشرة كتب مؤلفة ومحققة بينها:
ـ طه حسين: قضايا ومواقف ـ دار المعارف ـ سوسة ـ تونس ـ 2000.

أما الكتاب الذي نروم تقديمه لقراء «الشرق الأوسط» فعنوانه:

ـ الجنس في أعمال الامام جلال الدين السيوطي ـ مجلد يتكون من 397 صفحة. صدر عن دار المعارف للطباعة والنشر ـ سوسة ـ تونس ـ 2001. يحتوي على مقدمة وأربعة فصول.

تناولت المقدمة ترجمة وجيزة للسيوطي ومصنفاته في علوم القرآن والحديث والسيرة النبوية واللغة وعلومها والتاريخ والتراجم، نثر السيوطي وشعره.

والفقرة المهمة في هذا الفصل: مصنفاته في علم الباه، مصادر ثقافته في علم الباه، وخصوصيته في هذه المصنفات وقد ناقش فيه آراء عدد من الباحثين المعاصرين.

أما الفصل الثاني فتناول مؤلفات السيوطي ومنها:

1ـ شقائق الاترنج في رقائق الغنج.
2 ـ نزهة المتأمل ومرشد المتأهل في الخاطب والمتزوج.
3 ـ رشف الزلال من السحر الحلال (أو مقامة النساء).

وقدم المؤلف ملتقطات من هذه المؤلفات، مع شيء من الشروح. وكان عنوان الفصل الثالث: مؤلفات أخرى تناول فيها:

ـ نزهة الجلساء في أشعار النساء.
ـ المستطرف من أخبار الجواري.
ـ نزهة العمر في التفضيل بين البيض والسود والسمر.
ـ الرحمة في الطب والحكمة.
ـ غاية الاحسان في خلق الانسان.
ـ لقط المرجان في أحكام الجان.
ـ الكنز المدفون والفلك المشحون.
ـ المزهر في علوم اللغة وأنواعها.

وختم الكتاب بفهارس جيدة للآيات القرآنية والأحاديث النبوية والاعلام والكتب واللوحات الزيتية (الاستشراقية) والمصادر.

هنا لا بد ان نشيد بالجهد المضني الذي بذله (حسن جغام) في وضع هذا الكتاب الذي يحتاج الى جهد جماعي تساهم فيه مؤسسات، خاصة ان جزءا مهما من تراث السيوطي الجنسي والقريب من الجنس لا يزال مبعثرا في عدة مكتبات عالمية.

لقد قرأنا الكتاب قراءة جادة فخرجنا منه بملاحظات، نوجزها بما يلي:

1 ـ وضع (الجغامي) إزاء عنوان كتابه عبارة: دراسة وتحقيق.

هنا أرى ان وضع كلمة «تحقيق» لم يكن دقيقا، فالمؤلف لم يحقق النصوص السيوطية الموجودة في الكتاب، والهوامش اليسيرة التي وضعها لا تمنحه هذه الصفة.

2 ـ اعتمد على (دليل مخطوطات السيوطي) و(معجم مؤلفات السيوطي) في حصر مؤلفات السيوطي وفاته الاطلاع على المصادر والمراجع الآتية:

1 ـ التحدث بنعمة اللّه للسيوطي ـ تحقيق اليزابيث سارتين ـ القاهرة ـ 1972 (عدّد السيوطي مجموعة من مؤلفاته).
2 ـ مكتبة الجلال السيوطي لأحمد الشرقاوي إقبال (أحصى فيها 725 كتابا) ـ الرباط ـ 1977.
3 ـ فهرس مؤلفات السيوطي المطبوعة ـ د. عبد الاله نبهان ـ مجلة عالم الكتب الرياض ـ المجلد الثاني عشر ـ 1411 هـ ـ 1991م ص 33 ـ 53.
4 ـ المستدرك على فهرس مؤلفات السيوطي المطبوعة ـ محمد خير رمضان ـ عالم الكتب ـ الرياض ـ المجلد الثاني عشر ـ 1412 هـ ـ 1991م ـ ص 440 ـ 449.
5 ـ فهرس مؤلفات السيوطي ـ المنسوخ في عام 903 هـ ـ دراسة وتحقيق ـ (د. يحيى محمود بن جنيد الساعاتي) ـ عالم الكتب ـ الرياض ـ المجلد الثاني عشر ـ ص 232 ـ 248.
6 ـ المستدرك الثاني على فهرس مؤلفات السيوطي المطبوعة ـ بديع سيد اللحام ـ عالم الكتب ـ الرياض ـ المجلد الرابع عشر ـ 1413 هـ ـ 1993م.
ولو اطلع المؤلف على الفهارس المتقدمة وسواها لأغنته كثيرا ولاستطاع تصويب العديد من الأخطاء التي وقع فيها.
3 ـ ثمة آثار نسبت الى السيوطي ـ أي انها منحولة أو مدسوسة عليه ـ غير ان (الجغامي) قدمها كمؤلفات سيوطية منها:

ـ الإيضاح في علم ـ أو أسرار ـ النكاح..

لا شك عندي ان هذا الكتاب من مؤلفات (عبد الرحمن بن نصر الشيزري) ـ المتوفى سنة 589 هـ.

والمخطوطة التي حققها الباحث (محمد سعيد الطريحي) (بيروت ـ 1986) نسخت سنة 738 هـ أي قبل ولادة السيوطي بأكثر من قرن..

كما ان (حاجي خليفة) ذكر هذا الكتاب للشيزري في كتابه الشهير (كشف الظنون) ـ ومن المؤلفات المنحولة التي تناولها المؤلف في الفصل الثالث:

1 ـ الرحمة في الطب والحكمة، فهذا الكتاب معروف بأن مؤلفه (مهدي بن علي اليمني المقرئ المتوفى سنة 815 هـ كما جاء في (كشف الظنون) ج 1 ص 631 (ط. بيروت ـ 1944) وهكذا ورد في عدة مصادر موثوقة.

2 ـ الكنز المدفون والفلك المشحون: هذا الكتاب هو الآخر منحول ومؤلفه يونس المالكي (ت: 770 هـ) كشف الظنون ج 2 ص 437 والاعلام ج 8 ص 263.. الخ.

ويبدو لي ان سبب نحل هذا الكتاب للسيوطي يعود الى ان من مؤلفات الأخير: التذكرة وتسمّى الفلك المشحون ـ تقع في خمسين مجلدا وهي مفقودة.

4 ـ ثمة آثار ليست اخرى درسها المؤلف منها:

1 ـ المزهر في علوم اللغة وأنواعها.

فهذا الكتاب لغوي بحت، مشهور.

2 ـ غاية الاحسان في خلق الانسان.

وهذا الكتاب لغوي أيضا ونشر غير مرة:

الأولى بتحقيق (نهاد حسوبي) ـ بغداد ـ 1989، والثانية بتحقيق (مرزوق علي ابراهيم) ـ القاهرة ـ 1991.

5 ـ اعتمد المؤلف على مؤلفات سيوطية ليست محققة أو بالأدق نشرات تجارية، وكان يفترض به الاعتماد على نشرات محققة تحقيقا علميا.

قدم الكتاب د. محمد بنيس الذي اعتبرالكتاب موسوعة عربية، يأتي في سياق البحث عن مستقبل مغاير للثقافة العربية.
 
أعلى