رفعت سلام - فَمِن أين تأتي الصَّرخةُ الصَّامتة

فَمِن أين تأتي الصَّرخةُ الصَّامتة
رفعت سلام
شَفَتَان تَقطُرَان النِّسيَان
غَيبُوبَةً غَائِـرَة
تَقطُــرَان
تَقطُـرَان
ثَديُهَا وَهوَهَةٌ نَاهِدَة
تَنَامُ فِي يَدِي.
يَسكُنُنِي السَّهَر
أُهَدهِدُه إِلَى أَن يَنَام؛
فَأَصحُو إِلَى مَطلَعِ الحَرَام.
أَيُّهَا المُفتَرَق
نَشِيدٌ، أَم نَشِـيج؟
أَيَّتُهَا الزُّرقَةُ الَّتِي تَرَى سِرِّي
لاَ سُـؤَال.
أَيُّهَا الصُّرَاخُ الَّذِي يَحبِسُنِي
مَتَى؟
أَطفُو عَلَى هَوَاءٍ بُرتُقَالِي.
وَقَلبِي فَارِغٌ كَلِيم.
مَتَى يَنتَهِي الكَلاَم؟
بِلاَ خِنجَرٍ أَو مَنجَنِيق،
أَمضِي عَارِيًا فِي الدُّرُوب.
إِلَى الطَّعنَةِ القَادِمَة.
جَسَدِي عُشُّك الدَّافِئ،
وَأَعضَائِي طَعَامٌ وَشَرَاب.
رَفرِفِي وَاقطُفِي وَردَتِي الوَحِيدَة.
أَينَعْتُ.
مَتَى يَحِينُ قَطَافِي؟
أَشجَارُ الظَّلاَم رَمَت ظِلاَلَهَا عَلَينَا، ظُلُمَاتٍ سَافِرَةً؛ هَكَذَا أَجِيءُ بِلاَ وَرَقَةِ تُوتٍ، بِلاَ ضَغِينَةٍ؛ أَيَّتُهَا الشِّيَاهُ البَارَّةُ، إِلَى الهَاوِيَةِ صَفًّا وَاحِدًا عَلَى الطُّبُول؛ تِلكَ آيَتِي، أَيُّهَا الزَّمَنُ الخَئُونُ، هَزَمتَنِي؛ فَلاَ تَنَامِي أَيَّتُهَا الشَّهَوَاتُ الضَّالَّةُ، لَيلُنَا طَوِيلٌ طَوِيلٌ؛ فَأَنبَتَت غَابَاتٍ مِنَ الحَنظَلِ وَالمُرِّ وَالعَلقَمِ، جُذُورُه فِي أَحشَائِنَا الخَاوِيَة؛ أَيَّتُهَا الشِّيَاهُ الشَّارِدَةُ، لاَ بَأسَ، طَرِيقُنَا مَزرُوعٌ بِأَشجَارِ الخَدِيعَةِ المُزهِرَةِ؛ ضَلَّلَتنِي طَائِرَاتُ الوَرَقِ، النَّيَاشِينُ، الجِنرَالاَتُ، وَاستَنَمتُ لِلضَّلاَلِ الجَمِيل؛ تَرتَوِي دَمَنَا المُوَزَّعَ بَينَ شَمسٍ وَقَمَر؛
أَيُّهَا الزَّمَنُ الحَجَر
سَرَااااااااابٌ وَلاَ مَاء؛
سَفَرٌ وَلاَ مَطَر
أَيُّهَا الزَّمَنُ الحَجَر
فَهَل مَحَوتُ المَاضِي تَمَامًا، أَم يُورِقُ فِي نَومِي؟ فَمَن أَنتِ أَيَّتُهَا المَرأَةُ الوَرِعَةُ بِأَزهَارِ اللُّوتَس؟ زَهوٌ فَارِعٌ مُنتَصِبٌ فِي الفَرَاغِ الرَّحبِ، يَرُوغُ الآنَ مِن يَدِي؛ فَكَيفَ أَغسِلُ النَّومَ مِنَ الأَشبَاحِ وَالعَفَارِيتِ الغَابِرَة؟ شَوَاهِدُ قُبُورٍ تَمشِي عَلَى سَاقَين، وَشَعرُنَا ذِكرَى؛ تَعَالَيْ، إِلَى النَّهرِ، ثَديَاكِ طَبَقَانِ يَفِيضَان، وَأَنَا المَجَاعَة؛ فَمَن يُعِيدُ لِي النَّيَاشِينَ وَعَصَا المَارشَالِيَّةِ وَالنِّفَاقَ الجَمِيل؟ أَيَّتُهَا العَفَارِيتُ عِيثِي كَمَا تَبغِينَ، كَأَنِّيَ أُخرَى، أَنَا المَرأَةُ الفِينِيقُ؛ يَا سَيِّدَ المَدِينَةِ القَتِيلَ لِمَاذَا لاَ يَبينُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الأَسوَد؟ أَنتِ وَلِيمَةُ الأَيتَامِ عَلَى مَائِدَةِ اللِّئَام، بُرتُقَالَةٌ قَشَّرَتهَا الخَمَاسِينُ المُترِبَة
فَمَن يَدفِنُ القَتلَى،
فِي اللَّحظَـةِ الغَارِبَة؟
لاَ سِوَايَ، فِي هَذَا البَهَاءِ المُرِّ، أَغتَرِفُ الضَّغِينَةَ، أُرَبِّيهَا تَحتَ سَرِيرِي العَسكَرِيِّ؛ طَرِيقٌ صَخرِيٌّ، وَشَمسٌ تَصُبُّ اليَأسَ وَالجَحِيم؛ لَستُ طَائِرًا، أَنَا امرَأَةٌ تُرَاوِغُ حَتفَهَا، تُقَايِضُ المَاضِي بِالصَّلاَة؛ رَفرَفَت حَولِي بُرهَةً، ثُمَّ انقَضَّت بَغتَةً، وَقَدَّت قَمِيصِي مِن قُبُلٍ؛ فَلاَ تُحصُوا القَتلَى، أَيُّهَا المَوتَى، دَفَنتُهُم فِي جَسَدِي؛ أَمشِي، بِلاَ وَرَاءٍ، بِلاَ ذِكرَى، بِلاَ حَنِين؛ نمشِي وَنمشِي، فِي جُيُوبِنَا فُتاتُ الانتِظَارِ وَكِسرَةٌ جَافَّةٌ؛ وَالتَقَمَتهُ، صُلبًا طَرِيًّا، مُشتَعِلاً بِالتَّهَالِيلِ وَالأَدعِيَةِ الصُّوفِيَّةِ؛ أَنا المَقبَرَةُ الشُّمُولِيَّةُ، أَنا نافِخُ الصُّورِ، أَنا الصُّورُ الأَخِير
سُورٌ سَامِقٌ إِلَى السَّمَاء؛
بَنَيتُه مِن وَلَعِي وَهَلَعِي،
سُورٌ مِنَ الهَبَـاء
هَكَذَا تَبدَأُ فِيَّ المَاضِي القَادِمَ، تَغرِسُ شَتلاَتِ الذِّكرَيَاتِ المُرَاوِدَةِ؛ نَقضُمُهَا كُلَّمَا آنَ الأَوَانُ، وَنمشِي إِلَى شَجَرِ الذِّكرَيَاتِ؛ قُلتُ مَن أَنتِ أَيَّتُهَا اللَّبُؤَةُ الحَنُون؟ أَيَّتُهَا النَّزوَةُ الرَّءُوم؟ أَنا المُترَعُ بِي، أَفِيضُ عَلَى الجِهَاتِ وَالأَوقَاتِ بِالأُفُولِ الزَّاهِر؛ أَنتَ شَهوَتِي السَّودَاءُ، فَهَل تُشعِلُهَا المَاءُ، أَم تُطفِئُهَا سُورَةُ يُوسُف ؟
نحنُ أَشجَارُ الغَسَق؛
شَعرُنا غَيمَةٌ زَرقَاءُ مِن عَوِيل،
تَغسِلُ الأُفُق؛
نحنُ أَشجَارُ الغَسَق
قَدَّت قَمِيصِي فِي غَيبُوبَتِي المَوسِمِيَّةِ، فَاسَتَفَقتُ مَنهُوبًا، بِلاَ حِيلَةٍ؛ فَيَا سَيِّدَ القَصرِ وَالقَبرِ، نحنُ الحَلاَلُ فِي الزَّمَنِ الحَرَام؛ وَقُلتُ إِنَّه مُرٌّ شَهِيٌّ، يَقطُرُ عَسَلاً وَحَلِيبًا فِي دَمِي، قُلتُ تِلكَ آيَتِي؛ فَهَل أَلعَبُ لغُمِّيضَةَ مَعَ ظِلِّي؟ أَم أَمشِي عَلَى الحَبلِ المَرخِيِّ عَلَى هُوَّةٍ؟ فَاخَتَرَعتُ قِبلَةً أَرضَاهَا صَنَعتُهَا مِن عَجوَةٍ، حَتَّى إِذَا جُعتُ أَكَلتُهَا ، وَرُحتُ أُصَلِّي فِي وَلَهٍ لَهَا؛ نمشِي، أَم الأَرضُ تَمشِي فِي أَقدَامِنَا، كَأَننَا إِجَابَةٌ مُعَلَّقَةٌ بلاَ سُؤَال
أَنتَ آنِيَ الآنِي؛
أَنتَ شَجَرَتِي المُحَرَّمَة؛
كُلَّمَا أَكَلتُ مِنهَا،
اشرَأَبَّت الشَّهوَةُ الظَّالِمَة
أَيُّهَا الخَوَنةُ القَادِمُون، أَرَاكُم جَمِيعًا، وَأُرخِي لَكُم الحَبلَ، طَوِيلاً طَوِيلاً إِلَى لَحظَةِ الصِّفرِ؛ وَحِينَ نَفَدَت مِنِّي الصَّلاَةُ، استَدَرتُ إِلَى شِيَاهِي، وَقُمتُ فِيهِم خَطِيبًا أَيُّهَا الأُخوَةُ المُوَاطِنُون.. ؛ نَفَدَ البُكَاءُ، وَفِي عُيُونِنَا نبَتَت الأَشوَاكُ السَّامَّةُ وَأَشجَارُ الظَّلاَمِ؛ أَم أَنتَ سَرَابِي أَدُسُّه فِي حُضنِي كُلَّ لَيلَةٍ مَخَافَةَ الأَشبَاحِ الجَامِحَةِ؛ فِي يَدِي الحَدِيدِ طَرفُهُ، لَكُم البَاقِي وَاللَّحظَةُ المَوعُودَةُ وَالطَّلقَةُ الأَخِيرَة؛ فَاخفِضُوا رُؤُوسَكُم، وَأَطِيعُوا أُولِي الأَمرِ مِنكُم، وَلاَ تَقنَطُوا مِن رَحمَةِ الله؛ هَكَذَا نُخفِي ظِلاَلَ الرَّاحِلِينَ فِي أَعضَائِنَا اليَائِسَةِ، وَفِي الفَجر نجلُوهَا مِنَ الغُبَارِ وَالحَنِين؛ هَكَذَا أُمطِرُ عَلَى جُذُورِكَ العَطشَى شَبَقًا كُلَّ لَيلَةٍ إِلَى أَن تَنبُتَ البَرَاعِمُ المَنتَظَرَة
أَنَا سَيِّدُ الأَشيَاءِ المُحتَضِرَة؛
أَرقُبُ الكَونَ مِن سَمتِي،
سَئِمًا، سَادِرًا، بِلاَ مُبَرِّرٍ،
وَأَكتُبُ الوَصَايَا الخَاثِرَة
فَمَن تَكُونِينَ يَا قَطِيعًا مِنَ اللَّبُؤَاتِ يَركُضُ فِي جِهَاتِي، وَيَفتَرِسُ مَا يُصَادِفُه؟ نحنُ مَدِينَةٌ أَطلاَلٌ عَلَى خَطِّ الزَّوَالِ، نحنُ الفُلُولُ المَفلُولَةُ بلاَ مَعرَكَة؛ هَكَذَا تُمطِرُ عَلَى جُذُورِي العَطشَى أَرَقًا كُلَّ لَيلَةٍ وَتَنَامُ طَوِيلاً طَوِيلاَ؛ فَتَعَالَوْا أَو افرَنقِعُوا، وَاترُكُونِي إِلَى مَا يَسَّاقَطُ فِي كَفِّي مِن تُرَابِ الوَقتِ أَو رَملِ المُصَادَفةِ؛ لاَ تُوغِلِي كَثِيرًا، أَنَا المُؤَقَّتُ الأَبَدِيُّ، القَشَّةُ الَّتِي قَصَمَت ظَهرَ البَعِيرِ؛ رَغِيفُنَا كِسرَةُ قَمَرٍ يَتنَازَعُهَا الضِّبَاعُ وَالذِّئَابُ المَسعُورَةُ، مَاؤُنا وَعدٌ مُؤَجَّلٌ؛ أَنتَ مِشجَبِي، أُعَلِّقُ حُلمِي فِي أَنَامِلِكَ النَّحِيلَةِ، رُبَّمَا؛ فَهَل تَمشِي الأَشَجَارُ الهُوَينَى، فِي المَسَاءِ؟ مَن يُطلِقُ فِي الفَضَاءِ نفِيرَ النُّشَور؟
نَافِذَةٌ، وَشَمعَةٌ مُشتَعِلَة،
مَرأَةٌ عَارِيَةٌ تَنتَصِبُ فِي مَهَبِّ الشَّبَق؛
لاَ تُشبِهُ النَّارِنجَ وَلاَ النَّاردِين؛
تَنتَظِر؛ فَرُبَّمَـا
نُصَلِّي لِسَمَاءٍ تُشِيحُ عَنَّا وَجهَهَا المُكفَهِرَّ العَبُوسَ، وَنظرَتَهَا الحَاقِدَةَ؛ مَكمَنِي وَمُستَقَرِّي، قِبلَتِي صَنَعتُهَا فِي وِحدَتِي مِن خَشَبِ الوَهمِ المُتَاحِ؛ مَن يَكسِرُ الصَّمتَ الحَدِيدَ؟ مَن يُشعِلُ الحَرَائِقَ فِي الأَعشَابِ الجَافَّة؟ لِذَا فَرَدتُ مِندِيلِي عَلَى المَوجَةِ الطَّافِرَةِ، وَتَمَدَّدتُ، فَسَارَ بِي، بِاسمِ اللهِ مُرسِيهِ وَمُجرِيه؛ نحنُ تُرَابُ الأَرضِ، مِلحُ الأَرضِ، نَبَاتُ الأَرضِ، نحنُ الطُّوبُ وَالخَشَبُ وَالمِلاَطُ؛ أُصَلِّي لَهَا كُلَّ يَومٍ خَمسَ مَرَّاتٍ، وَأُقَدِّمُ القَرَابِينَ وَالدَّمعَ الوَرِعَ؛ أَيُّهَا الحُرَّاسُ، لاَ عَصَافِيرَ بَعدَ اليَومِ، لاَ قُبَّرَاتٍ وَلاَ أَعشَاشَ، أَطلِقُوا بِلاَ هَوَادَةٍ؛ وَحَطَّ بِي فِي جَزِيرَةٍ مَسحُورَةٍ أَيُّهَا الغَرِيبُ الأَرِيبُ، عَدُوٌّ أَم حَبِيبٌ؟ نبكِي بلاَ دَمعٍ، ونُعوِلُ دُونَ صَوتٍ، وَقَلبُنَا مَقبَرَةٌ تَحتضِنُ الرَّاحِلِين؛
لاَ غُفرَانَ، بَل النِّسيَان؛
بَل رِيحٌ تَكنِسُ أَورَاقِي السَّاقِطَةَ، الصَّفرَاء؛
بَل أَجرَاسٌ تُوقِظُ مَا يَغفُو بِالأَعضَاء؛
بَل النِّسيَان؛
صَمتٌ كَسِنِّ سِكِّينٍ، وَغَيبُوبَةٌ قَطِيفَةٌ، وَكَائِنَاتٌ غَامِضَةٌ تَركُضُ فِي جُمجُمَتِي؛ أَنَا العَدُوُّ الحَبِيبُ، أُفَتِّشُ البِلاَدَ وَالعِبَادَ عَن امرَأَةٍ بِجَنَاحَينِ مِن لاَزَوردٍ وَذَيلٍ مِن صَلاَة آجِلَة؛ فَافتحُوا الأَبوَابَ وَالسَّمَاءَ، افتحُوا كُوَّةَ الغِنَاءِ، افتحُوا ثُغرَةً فِي الأَسلاَكِ الشَّائِكَةِ، هَيَّا؛ عَرَفتُ طَرِيقِي حَصًى وَأَشوَاكٌ وَرِمَالٌ حَارِقَةٌ، وَالقَلبُ حَدِيقَة؛ أَيَّتُهَا الكَائِنَاتُ الغَامِضَةُ، الوَامِضَةُ، لاَ أَبجَدِيَّةَ بَينَنَا، وَقَرنِي عَرَّافِيَ المَجهُولُ، كَلِمَةُ السِّرِّ الأَخِيرَة؛ صَنَعتُهَا وَقتَ الفَرَاغِ وَالمَلَلِ مِن فُتَاتِ الخُزَعبَلاَتِ وَالنَّزَوَاتِ، نَفَختُ فِيهَا مِن رُوحِي، وَأَطلَقتُهَا فَطَارَت؛ لَسنَا جنَازَةً، لَسنَا حِدَادًا، نحنُ غَابَةٌ فَاجَأَهَا الخَرِيفُ وَالعَاصِفَةُ، فَأَحنَينَا رُؤُوسَنَا المُشرَئِبَّة؛ أَنَا حَدِيقَتُه السِّرِّيَّةُ، يَغرِسُ فِيَّ بُذُورًا وَفَسَائِلَ غَرِيبَةً، تُخرِجُ أَشجَارًا مِن قَوسِ قَزَح؛
أَيُّهَا الفَرَح
أَكَائِنٌ أَم فِكرَةٌ أَم وَهمٌ أَم شَجَرَة؟
أَم استِعَارَةٌ مَكنِيَّةٌ، مُستَتِرَة؟
دَالٌّ بِلاَ دَلاَلَةٍ، وَظِلٌّ بِلاَ جَسَد؛
أَيَّتُهَا المَرأَةُ مِن نِسرِينَ، مِن يَاسَمِين، مِن رِيحَانٍ وَأُقحُوَانٍ وَزَعفَرَان، أَيَّتُهَا المَرأَةُ السَّوسَنُ النَّرجِس؛ هَل مَرَّ الخَرِيفُ وَالعَاصِفَة؟ أَجسَادُنا حَقلٌ لِلبَرَاعِمِ الوَارِفَة، مَا الَّذِي يَصحُو فِي نومِنَا؟ تُغَنِّي، تَرقُصُ، تُنشِدُ المَوَاوِيلَ وَالأَهَازِيجَ عَلَى النَّايِ وَالطُّبُولِ المَجنُونَةِ، هَل وُلِدتُ غَدًا؟ حَامِضٌ مَرِيرٌ، وَجَسَدِي أَرضٌ لاَ تُنبِتُ إِلاَّ الصَّبَّارَ وَالسَّنطَ، فَأَينَ فَرَّ الأَوغَادُ اللِّئَامُ؟ لَكِ النَّدَى وَالمَدَى، لَكِ السَّرِيرَةُ وَالبَصِيرَةُ، آيَتِي الأَخِيرَةُ، احتَلَلتِنِي بِلاَ جُنُودٍ وَلاَ بَنَادِقَ، وَردَةُ الفُصُولِ، مَطَرُ الهَجِيرِ؛ يَصحُو فَيُوقِظَنَا مِنَ المَوتِ، أَيَّتُهَا الأَمطَارُ بَلِّلِي شِفَاهَنَا لِتخضَرَّ أَغصَاننَا، فَهَل آنَ الأَوَان؟ يَا الفِردَوسُ المَفقُودُ، يَا المَطهَرُ، كُن لِي كَمَا تَبغِي، أَنتَ وَرَقَةُ تُوتِي، غُفرَانِي؛ لاَ أَوَانَ لِي، أَنَا الكَركَدَنُّ الوَحِيدُ، وَحَولِي ظِلاَلٌ مِنَ الوَهمِ، كَائِنَاتُ الهَلاَوِسِ المُحتَضِرَة؛
شَمعَةٌ مُضِيئَةٌ فِي مَهَبِّ الظَّلاَم؛
شَمعَةٌ، وَردَةٌ شَائِكَة؛
وَالأَشجَارُ تَمشِي فِي الأَحلاَم،
بِخُطًى حَالِكَـة.
شَمعَةٌ فِي مَهَبِّ الكَلاَم.

.
 
أعلى