سحبان السواح - حين نتحدث عن الجنس لنسم الأمور بمسمياتها

ماذا فعلت بنا الحضارة، والتعليم، والقيم الحديثة، الخجولة من الخارج، المتهتكة من الداخل، فالإنسان هو الإنسان، في جميع العصور، ما أختلف في تكوينه هو التركيبة التي زرعها المجتمع المتحضر، وكلمة عيب التي لاحقنا بها الأهل، في وعيه. هو لم يستطع استئصالها من لا وعيه، ولكن ربما استطاع أن يكون رقيبا على عقله حتى في أشد حالاته رغبة في التحرر منها.
مجلة جسد، المجلة العربية الأكثر جرأة في المنطقة، لم تستطع أن تتجاوز ما تجاوزه منذ قرون عدة الشيخ النفزاوي وأبو نواس وغيرهما مما لا يحضرني أسمهم الآن. فبينما نجد النفزاوي والنواس يذكرون الأعضاء الجنسية بمسمياتها دون تردد أو خجل، نجد بعض كتاب مجلة جسد يلاحقهم رقيبهم الداخلي الذي تربى في حضارة هذا العصر وتابواته، فيخجلون مما لم يخجل منه من سبقهم وفي عصور كان التدين هو المسيطر على في أشد العصور تعسفا.
في مجلة جسد تفاجئك الجرأة في بعض الأماكن. أقتبس " كس أمكم جميعا، أقولها بكل رشاقتها، لست مضطرة إلى تبرير كلماتي، يكفيني أن أقول ما أريد،نكاية بكل أصنامكم الملعونة التي ظلت تلاحقني، صنم الرجل الذي لا ينتصب، صنم الدين الذي يراقب فرجي، ويقمعه في كل حالة اشتهاء، نعم بكل بساطة، لم يعد شيء يغريني غير دخوله كله في مواضعي كلها." حكاية ثقب / علي الجلاوي.
وتفاجئك أيضا في ترجمتها ل "مناطق رطبة" لشارلوته روش، أنقل مقطعا منها قد يثير شبق البعض وقرف البعض الآخر" أطلب من شريكي، منذ ممارستنا الجنسية الأولى، أن يتخذ وضعيتي الجنسية: أعني بها وضعية الكلب. فأقرفص أنا على أطرافي الأربعة. فيما يحشر هو من خلفي، لسانه داخل فرجي، وأنفه داخل شرجي، بحيث يجب عليه أن يغوص بصبر وتؤدة إلى الداخل بما أن فتحتي تختفي جيدا خلف بواسيري."
كثيرة جدا هي المواضيع التي تحدثت بجرأة فاضحة، كما في مذكرات قضيب على سبيل المثال. ولكن شاب هذه الجرأة التربية الخفية التي اختبأت في داخل المترجم أو المؤلف، فمثل هذه الجرأة تحتاج إلى كلمات تناسبها، فمثلا كان استخدام داخل كسي أكثر ملائمة في الترجمة من فرجي لتتلاءم مع جرأة الطرح عند الكاتبة. كما أن كلمة مذكرات قضيب فيها الكثير من الرصانة، وكانت استخدام مفردة " إير" هي الأكثر ملائمة لولا الرقيب الداخلي المهذب الذي لا يمكننا التخلي عنه.
أبو نواس والنفزاوي لم تكن الحضارة الحديثة قد أثرت فيهما لذلك لا نرى أي أثر للخجل في كتاباتهما.. بل هما يسميان كل الأشياء بمسمياتها اليومية والدارجة بين الناس.
أقتطف من أبي نواس:
قلت لأيريَ، إذ أبى أن يرقدا: مالك قد قمت قياما سرمدا
ومن قصيدة أخرى
أرى نيك الشيوخ عليَّ حقا ليعرف باطني مرد الأنام
من رجوع الشيخ إلى صباه اقتطف:
الباب الثاني منه وهو أن تستلقي المرأة على ظهرها وتمد رجليها ويديها، ينام الرجل عليها وقد فرقت رجليها حتى يمكن الرجل من إدخال إيره فيها، فإذا أولجه فيها شخر، نخر، يهيج ويغتلم وهي من تحته تئن أنين العاشق المهجور، وتتأوه تأوه المدنف المسحور، وتضطرب اضطراب التلف الحيران الذي أضرم الهوى في قلبه النيران، فساعة يسكن وساعة يرهز حتى يعلم أنه قارب الإنزال فيوقفها، ينزلان جميعاً فيجدان اللذة ما مثلها لذة، واسمه «السادة».
أقول إلى القائمين على مجلة جسد: حين نريد الكتابة عن أمر ما فلنذهب به إلى آخره فلا تمنعنا تربيتنا المهذبة، وهي بالنهاية مسؤولية رئيس التحرير، من ذكر الألفاظ كما هي حتى لا نكون كالنعامة التي تخفي رأسها في التراب وتظن أنها غابت عن الأنظار



* عن موقع الف لحرية الكشف في الكتابة والانسان


fougeron_andre-femme_de_dos.jpg

André Fougeron - Femme à la chaise longue
 
أعلى