عمار عكاش - بريا لتكون آدمياً

لم يزلْ ركنٌ في جسدِكَ بتولاً
تولّغْتَ بِهنًّ حين تولَّغْنَ بك
شيءٌ فيكَ تبدّل، نعم
لكن لم يَشْنُقْ جيدَك حبلٌ من مِسَدْ
فظلّت غُصَيْنَاتِ البتولا تتعربشُ بَعضكْ
هل مسّتْكَ ليلاً يدانِ وأناملها فقط
ونَشَرتْكَ لقطافِ البرتقال
هل حَشَتْ أذنيكَ بقطنِ القرنفلِ والزنجبيلِ وماء الورد فلاحةٌٌ
بسيطةٌ مثل قطعة خبزِ مغمسّة بزيتٍ وزعتر
وهل شهَقْتَ من حسرةٍ ولذّة
لمنقار حسّونٍ دقّ منتصف الحلمة
هل أحصيْتَ كم عوداً ضرب رأسكَ بمزاج العرق البيتوتيّ
حين التفّ لسانان بين بريّة وأدميّة وتناغتْ رِبْلَتان مثل هسيسِ إبرِ الصنوبر
فلإن أحصيْتَ تسعاً وتسعين عوداً لك الخلودُ
هل نَزعْتَ خجلكَ عن طيّات ثيابك المكوّمةِ بين قدميكَ
هل رتّقت عُرْيّكَ بعريها
وعرفْتَ من أنتَ قربها وقربك؟!
هل خدّرَتْكَ قيثاراتُ عرائس البحرِ
فأسلمت نفسكَ لهنَّ راضياً مرضياً
تسرِقْن مجذافكَ ومركبكَ
هل ألقيْتَ رأسكَ بين العشبِ الأخضر المُزْرَقّ
وأكملت ضِلْعَ مثلث الخلود الناقص لتَّلِدكَ من ضلعها
ويفيض الدلتا عليكَ وعليها
هل انتفضتما مثل دجاجة مذبوحةٍ ثوانٍ
ثم جثم كنار الكرى فوق فراشَيْكما
فنمتما بوداعةِ أهل الكهف
كم مرّةً رقصتما فرادى وهربتما من هزيج الدبكة؟
وهل وهلْ وهلْ....
لم تولَدْ من ضلعِكَ ولا وُلدْتَ منها..
ولدتما من هذي البتولا تتعربشكما؟!
أنى أن نمزّقّك عن جدراننا يا شجرة البتولا؟



١٥-١٢-٢٠١٤
عمار عكاش- شاعر سوري مقيم في تركيا


.

صورة مفقودة
 
أعلى