سليم البيك - شَعر عونهنَّ بين الرسم والنحت

قد تكون المهمة أسهل لو أن سؤال هذه الأسطر أتى عن القصّات المتنوّعة لشعر العانة عند النساء وطرق نزعها، أو عن وجوب/إباحة/حرمة ذلك في الحضارات المختلفة عبر التاريخ. لن يخيّب غوغلُ أمل باحثٍ في ذلك، إلا أني لم أجد ضالتي عنده.
السؤال بكل بساطة هو عن شَعر العانة مصوَّراً في الفن الأوروبي ما بعد عصر النهضة، في الرسم والنحت تحديداً، ثم (لاحقاً) التصوير الفوتوغرافي.
بعد زيارات عدّة لـ”لوفر” و”أورساي” و”أورانجري” و”رودان” ومتاحف أخرى في باريس، كانت ملاحظتي التالية: يظهر شعر العانة بكل كثافته (وقد يكون مشذّباً لكنه يظهر) في معظم لوحات النساء اللواتي تتكشّف منطقة العانة عندهن، في حين يكون الشعر حليقاً تماماً، ومنطقته ملساء كالرخام المصنوعة منه، في المنحوتات. ثم لاحقاً وفي كتاب بعنوان “بواكير التصوير الإيروتيكي”، اقتنيته من أحد تلك الأكشاك الخضراء المنصوبة على ضفاف نهر السين، لاحظت بأن جميع النساء/العارضات في الكتاب يحافظن لا على شعر عُونهن فحسب، بل وكثافته، ويحرصن كذلك على افتراش أكبر منطقة ممكنة من أسفل بطونهن، به.
تعجّبت لهذا الفصل شبه التام فيما يخصّ شعر العانة، بين اللوحات والمنحوتات، خاصة وأنها جميعها كأعمال فنيّة، اكتملت في فترات زمنيّة متقاربة، في القرن التاسع عشر وما حوله. بل وإن نظرنا إلى الجناح الإغريقي في الـ “لوفر”، سنجد (بحقّ) أن معايير الجمال في جسد المرأة قد اختلفت، لكن شعر العانة سيكون دائماً حليقاً، بقدر ما هو حليق في المنحوتات الفرنسية والإيطالية في المتحف، والتي أتت متأخرة عن تلك الإغريقية بآلاف السنين. أذكر هنا منحوتات فينوس/أفرودايت الإغريقية في حالاتها ووضعياتها المتنوّعة.
(رغم أن المقال يتكلّم عن التصويرات النسائية، إلا أنه لابدّ من ذكر أن حال شعر العانة عند الرجل مقلوب تماماً بالنسبة لحاله عند المرأة: يظهر الشعر جليّاً في معظم المنحوتات في حين يكاد يختفي في اللوحات، منحوتة “ديفد” لمايكلأنجلو خير مثال لذلك.)
اللوحة الأولى التي ظهرت في أوروبا (اكتملت عام 1800) ويظهر فيها شعر العانة، وإن على استحياء، هي “مايا العارية” للإسباني فرانشيسكو غويا، والتي تصوّر امرأة عارية مستلقية، وشعر عانة كستنائي خفيف يطلّ عند التقاء فخذيها المضمومين بأسفل بطنها. اللوحة موجودة في متحف “دِل برادو” في مدريد، وقد انتُقدت بحدّة في حينه واعتُبرت لوحة بورنوغرافية.
لوحة أخرى لابدّ من الإشارة إليها وهي “أصل العالم” للفرنسي غوستاف كوربيه، والتي اكتملت عام 1866. اللوحة تُعتبر التصوير الفنّي الأكثر افتضاحاً للفرج: امرأة عارية مستلقية. ساقاها، يداها، رأسها مترامية خارج اللوحة. يظهر الفرج وشعر عانته الداكن المبعثر الكثّ في مركز اللوحة مجابهاً المتلقّي بكل مباشرة وواقعية قد تكون فجّة. اللوحة المعروضة في “أورساي” في باريس لا تزال سيدة المستدعيات في أي حديث يخصّ شعر العانة.
لوحات أخرى للإيطالي موديلياني وآخرين يظهر فيها شعر العانة بقصّات مختلفة. وبالنسبة لموديلياني، صديقتي (العارفة بالفنون أكثر منّي) فقط نبّهتني إلى القصّات المختلفة (والمقصودة ربما) لشعر العانة عند عارياته. على كل حال قد يرجع أمر هذه القصّات لعارضاته، لا له!
في مجال النحت، يتمتّع أوغست رودان بحظوة خاصة، في باريس وربما في العالم أجمع، ومن أهم ما يميّزه هو تحديداً الوضعيّات الجريئة لأجساد النساء في منحوتاته، حليقة شعر العانة في جميعها (حسبما تفحّصت!)، وكذلك أمر شعر العانة في المنحوتات الأخرى في الـ “لوفر” و”أورساي”. ولرودان أذكر منحوتة “آيريس” التي تذكّر بـ “أصل العالم” في تصويرها الواقعي والفاضح للفرج.
لمنطقة العانة، أسفل البطن، خصوصية جمالية (لا نحتاج في ذلك للتفريق بين الإيروسيا والبورنوغرافيا) حيثما حلّت: في الفن التشكيلي، النحت، التصوير، السينما، وقبل كل شيء في الأدب. لازلت أذكر حتى اللحظة تلك الشعيرات الحمر التي قرأت عنها قبل عشرة أعوام في رواية دي إتش لورانس “عشيق الليدي تشاترلي”.
كلّ ذلك مديح لتلك المنطقة، بشعر أو بدونه.



* الغاوون



orsex0.1237577369.jpg




.
 
أعلى