أندري بروتون - الجمال النسوي

الجمالُ النسويّ ينصهرُ ، مرةً أخرى ، في بوتقةِ الحجارة النادرة جميعاً . و هوَ لا يثيرنا و لا يملأنا حماساً و لا يجنُّ جنونه أكثر منه في تلك الهنيهة التي بمقدورنا أن نتصوّره فيها كامل التَحرُّر من الرغبة في إغواء هذا أو ذاك ،
هؤلاء و أولئك بقطبيّتهم . جمالٌ دون هدفٍ مباشر ، دون مصير يعرفهُ هوَ ؛ زهرةٌ ما سُمع بمثلها مكوّنةٌ من هذه الأعضاء المبعثرة كافّةً في سرير لهُ أن يدّعي بأن حدودده هي حدود الأرض ! في هذه الساعة يبلغُ الجمال أوجّه الأرفع فيمتزجُ بالبرارة ؛ وهو المرآةُ الكاملة التي فيها...
كلٌّ ما كان وكلُّ ما هو مدعوٌّ الى أن يكون ، يستحمّ - يالحسنه - في ما سيكون هذه المرّة . القدرةُ المُطلقة ، قدرةُ الوجدانيِّة الشاملة ، و هي سلطانُ الليل ، تخنقُ المقدّرات الاتفاقيّة : الشَّوك المشتعل يستمرُّ على بنيانِه المدخِّن ، بنيانِه الأكمل . أيكونُ الطقسُ صاحياً أم ستنهمرُ الأمطارُ . زوايا الغرفة المأهولة تغرقُ في النُّعمى ، فتبدو الغرفةُ جميلةً كما لوْ كانت فارغة . الشَّعرُ البطيءُ على الوسادات يتركُ خيوطاً بها تتعلّقُ خصلةُ الحياةِ المُتصرّمة بالحياةِ التي ستُعاش . التّفصيلُ العاصفُ الذي أصبح مفترساً يدورُ في قفصه الصغير كقفص ابن عِرس ، متآكلاً ليخفق الغابة كلّها بعدوه . و بين الحكمة و الجنون - وهُما اللذان عادةً يحدُّ بعضهما من جموح الآخر - مايشبهُ الهُدنة . المصالحُ الكبرى تكادُ لا تُنال بظلِّها الناحل الواهي من الجدار الرّفيع المتدرّج الذي تختطُّ لكلِّ انسان في حناياهُ الصورَ الدائمة الاختلاف ، صور لذّته و ألمه . ومع ذلكَ فيبدو لنا دائماً ، كما في حكايةٍ من حكايات الجنِّ ، أنّ امرأةً مثاليّةً قد نهضت قبل ان تحين السّاعة وفي جعداتِ شعرها سقطت آخر نجمة ، هذهِ المرأةُ ستخرُجُ من بيتٍ مُظلم ، و يقظةٍ نوميّة ، ستجعلُ ينابيعَ النّهار تُغنّي . و يا باريسُ، أنتِ التي تدَّخرين الجمال والفتوّة والعافيةِ - كم أودُّ لو أعطي لي أنْ اعتصر من ليلكِ الذي لا يتجاوزُ الساعات المعدودات ما يحتويه زيادةً عن الليل القُطبي !.. لا ، لم يُكتب الاستسلامُ على حجر الرُّقاد المائج . فالنسيج الهائل الذي يُحاكُ كل يوم كشعِّ العنكبوت يستقطبُ عينين مُخيفتين هُما عينا نَصر مُحقّق.


.
Marzella,
par Ernst Ludwig Kirchner
صورة مفقودة
 
أعلى